حالة من الجدل سادت بين الأوساط الاقتصادية، في ضوء استمرار نزيف خسائر شركات المقاولات الحكومية، على رأسها شركة مختار إبراهيم وشركة حسن علام، إذ إنه بحسب بيانات الشركة القابضة للتشييد والبناء فقد خسرت شركة مختار إبراهيم وحدها خلال العام الماضي 500 مليون جنيه في حين بلغت خسائر شركة حسن علام 400 مليون جنيه. وهو الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام بين الاقتصاديين، إذ كيف يستمر نزيف الخسائر لهذه الشركات، في ضوء ارتفاع أسعار مواد البناء من الحديد والأسمنت وغيره، وبالرغم من أن هذه الشركات لها أفرع واستثمارات في عدد من البلدان العربية على رأسها سلطنة عمان والسعودية والسودان وغيرها. «النهار» من جانبها استطلعت آراء عدد من الخبراء والاقتصاديين حول الأسباب الحقيقية التي أدت لتفاقم خسائر شركات المقاولات.. وكيف يمكن تجنب هذه الخسائر.. في البداية أكد المهندس صفوان السلمي رئيس الشركة القومية للتشييد سابقاً، عدم معقولية تكبد هذه الشركات لخسائر خصوصًا مع توسع حجم استثماراتها في البلدان العربية، إذ إن الشركات التابعه ل»القومية للتشييد» اتجهت مؤخراً للعمل خارج السوق المصرية، فعلي سبيل المثال شركة مختار إبراهيم للمقاولات قامت مؤخراً بفتح فروع جديدة لها في سلطنة عمان والسعودية، في حين افتتحت شركة حسن علام فروع لها بالسعودية والسودان، كما وقعت هاتان الشركتان عقود تنفيذ مشروعات طرق وكباري بعدد من البلدان العربية بمليارات الجنيهات. وأضاف السلمي أنه بالرغم من ارتفاع أسعار مواد البناء وعلى رأسها الحديد والأسمنت، فإن قرار فرض رسوم حماية على الحديد الوارد يصب لصالح الشركات المحلية على حساب المستهلك والمستورد، «فكيف تتكبد هذه الشركات خسائر بمئات الملايين؟!». واعتبر السلمي أن سبب هذه الخسائر ربما يعود إلى انخفاض حجم استثمارات الشركات بالسوق المحلية، لاسيما في ضوء تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لافتاً إلى أن توسيع هذه الشركات لاستثماراتها بالخارج هدفه الأساسي هو تعويض حجم النقص والخسائر في الداخل. في حين أكد الدكتور كمال القزاز، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تفعيل نظام المشاركة مع القطاع الخاص «ppp، يعد أهم أسباب تقليص حجم أعمال شركات المقاولات في مصر، وهو ما أدي لتفاقم حجم خسائرها، إلا أن هذه الشركات لم تصمت واتجهت لتوسيع حجم استثماراتها خارجياً لتعويض الخسائر. وأوضح القزاز أن شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القومية للتشييد والتعمير والتابعة لوزارة الاستثمار وبالأخص شركة مختار إبراهيم بعيدة تماماً عن أي خسائر العام الماضي، لاسيما وأنها فازت بالمركز الأول فنياً ومالياً، وذلك بالمناقصة التى شاركت بها عدد من الشركات العالمية فى محافظة مسقط بسلطنة عمان، والخاصة بتنفيذ مشروع إنشاء خط المياه الناقل من سد وادى ضيقة بمزارع ولاية قريات إلى خزان ديم بولاية العامرات، بقيمة تقدر بنحو 600 مليون جنيه. في حين تري الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن عدم قيام وزارة الاستثمار بإعادة هيكلة هذه الشركات مالياً وإدارياً وعدم تطويرها أدي لتحملها خسائر فادحة، في الوقت الذي تزامن مع إضرابات العمال للمطالبة بزيادة أجورهم. وأوضحت المهدي أن ارتفاع أسعار مواد البناء من الأسمنت والحديد، دفعت العاملين بهذه الشركات للمطالبة برفع أجورهم، وما كان أمام رؤساء مجالس الإدارات سوى تلبية مطالبهم منعاً لأية إضرابات عمالية، لافتة إلى أن تكدس الإقبال على شركة المقاولون العرب أدي لتفاقم خسائر شركتي حسن علام ومختار إبراهيم. وأضافت عالية أن تردي الأوضاع الاقتصادية للبلاد وعدم استقرار الأوضاع الأمنية أدي لخلق حالة ركود كبيرة بقطاع التشييد والبناء والعقارات، لاسيما وأن المستثمرين لم يقبلوا على تنفيذ أية مشروعات للبنية التحتية، وهذه المشروعات هي الطريق الوحيد للنهوض بشركات المقاولات. وتوقعت المهدي أن تعوض هذه الشركات خسائرها بمكاسب هائلة خلال الفترة المقبلة خاصة في ضوء إعلان الحكومة عن إنشاء عدد من المدن السكنية الجديدة، بجانب أنه سيتم طرح عدد من الأراضي الاستثمارية لإقامة عدد من المشروعات السكنية عليها فكل هذه الأمور ستكون سبباً في تعويض خسائر الشركات.