قام موقع ديلي بيست، بنشر مقالاً خلال اليومين الماضيين للتعليق على خطبة دينية ألقاها أستاذ جامعي إيراني، اتهم فيها اليهود باستخدام الجن للتجسس على بلاده. ومما جاء في الموقع، أن إذاعة الجمهورية الإسلامية في إيران، ايريب، لم تحظَ قط بتقدير الإيرانيين ومتابعتهم، لكن حتى من خلال معاييرها المهنية الضعيفة، فإن هذه الشبكة الإعلامية سقطت مرةً أخرى في وحل الخرافات والترويج للرعب، عندما بثت خطبة ألقاها رجل الدين والأستاذ في جامعة طهران، فاليوللا ناجهيبورفار، وتناول فيها استخدام الجن في الحياة العامة. ونقلاً عن الموقع، فإن ناجهيبورفار سأل مستمعيه: "هل يمكن استخدام الجن لجمع المعلومات الاستخباراتية والتجسس على البشر؟"، وقد طرح ذلك السؤال بجدية، وكأنه يمكن للتنين أن يصبح وزيراً للدفاع، وأننا جميعاً دخلنا عالم الكائنات الخرافية، ثم يهز رجل الدين الإيراني رأسه قائلاً: "نعم، إن اليهود بارعون في السحر، وفي الواقع معظم السحرة يهود". من ثم يكمل ناجهيبورفار خطبته متناولاً كيفية توظيف الصهاينة للجن للتجسس على الجمهورية الإسلامية، وكيف أن اليهود بارعون في استخدام فنون السحر والشعوذة. ويمضي موقع ديلي بيست في تعداد الأخطاء التي تقع فيها إذاعة الجمهورية الإسلامية في طهران، ومنها مهاجمة الدين المسيحي أو اليهودي، وبث رسائل مليئة بالحقد تجاه شخصيات مناهضة للسياسات الإيرانية. وقد دفعت تلك السياسات أعداداً كبيرةً من اليهود للهرب إلى إسرائيل أو الغرب، بعد أن عاشوا في إيران بأمان على مدار مئات السنين. وفي إيران، تنشط مجموعة من رجال الدين المتطرفين، الذين يعملون ضمن المؤسسات الحكومية، وهم متعصبون تعصباً أعمى، وليسوا على معرفة بميول وتوجهات الشباب الإيرانيين من المتنورين وأصحاب المواقف الثابتة، الذين لا يحيدون عن رأيهم عند مناقشة أي خلاف ديني. يأتي موقع ديلي بيست بشهادة أحد سكان طهران، وهو رجل ستيني يتذكر كيف عاش في منزل جده المجاور لحي الأرمن الإيرانيين، وكيف كان يزور رفاقه من أرمن ويهود، وكيف كان يشاركهم ألعابهم ورياضاتهم وقراءاتهم وحتى مأكولاتهم ومشروباتهم. يقول ذلك الرجل: "كنا نعيش في ظل مجتمع متسامح، لا يفرق فيه أحدنا بين المسيحي أو اليهودي، مع إدراكنا أن ديننا الإسلامي دين تسامح، ونحن نؤمن بجميع الديانات السماوية". ويشير الموقع إلى أن رجال الدين المتشددين في إيران ينظرون إلى المسيحيين واليهود الإيرانيين كغرباء يجب تجنبهم، معتبرينهم "غير أتقياء، ويضخون أفكاراً شيطانيةً في عقول الناس". وتبقى فكرة أن اليهود سحرة أو أن معظم السحرة يهود هي الفكرة الغالبة ضمن خطب متشددين شيعة، مثل الأستاذ الجامعي ناجيهيبورفار. وفي حين يوجد متشددون في جميع الديانات، ممن يبثون أفكار الخوف والشك بالآخر ورفضه، فإن المشكلة الكبرى في إيران تتمثل في كون هؤلاء المتطرفين، من أمثال ناجيهيبورفار، يعملون في أعلى مراتب السلطة، وهم يبثون رسائل كراهيتهم عبر الإذاعة والتلفزيون الرسمي. ويختم ديلي بيست تقريره بالتأكيد على فشل الأصوليين الإيرانيين في تأليب الشباب الإيرانيين على بعضهم البعض، مما يشير لاتساع الهوة بين الشباب المستنير الكاره لمثل تلك الرسائل المشبعة بالكراهية والحقد نحو الطوائف الأخرى. لكن لابد من التساؤل عما إذا كان ناجيهيبورفار، البروفيسور في جامعة طهران، سيلقي على طلابه في قسم العلوم السياسية محاضرةً حول الجن وعلم الاستخبارات، أو أنه قد يختبرهم في كيفية مواجهة الجن، وإخفاء المعلومات عنهم.