صور| وزير العدل ومحافظ الوادي الجديد يفتتحان مقر هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 110 جنيهات خلال أسبوع    البنك الأهلي المصري يرعى منتدى ومعرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    الجيش اللبناني: إسرائيل تعرقل استكمال انتشار الجيش في الجنوب    الصليب الأحمر: الوضع الإنساني في غزة يواجه تحديات والسكان بحاجة ماسة للمأوى    توقيت متابعة مباراة نيجيريا ضد الكونغو الديمقراطية والقنوات الناقلة    محمد عبد الجليل يفتح النار على هزيمة المنتخب أمام سويسرا: "السوشيال ميديا جننتهم"    تجديد حبس المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية    القبض على شخص بحوزته 3000 قرص ترامادول بمركز ناصر في بني سويف    حمزة دياب: كامل العدد جعلني أصنع ما أحب وهو التقرب للناس والشباب    دقيقة حداد على روح محمد صبرى نجم الزمالك السابق فى قمة 2005    د. معتز صلاح الدين يكتب : مصر والسودان لنا... وإنجلترا إن أمكن!    نتنياهو يواجه الانتقادات.. عام انتخابى وهجمات تمهيدية من داخل الليكود وخارجه    ضبط طرفي مشاجرة بالشرقية بسبب خلافات الجيرة    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان × أسبوع    شاهد فرحة فريق مرموش بالفوز على دونجا فى مران منتخب مصر قبل مواجهة كاب فيردى    الحالم البهيج    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    إيطاليا ضد النرويج.. هالاند يطارد المجد فى تصفيات كأس العالم    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    أجواء شتوية رائعة فى أسوان واستقبال أفواج سياحية جديدة.. فيديو    اعتماد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    دولة التلاوة.. مصر تُعيد تلاوتها من جديد    كاتب بالتايمز يتغنى بالمتحف المصرى الكبير: أحد أعظم متاحف العالم    ترامب يواصل إفيهات للسخرية من منافسيه ويمنح تايلور جرين لقبا جديدا    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    عراقجي: النهج الحالي للولايات المتحدة لا يدلّ على الاستعداد لمفاوضات عادلة ولن نشارك في مفاوضات هدفها الإملاء    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    الإحصاء: حجم قوة العمل 34.727 مليون فرد بزيادة 3.3% خلال 3 شهور    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    أيمن عاشور يبحث سبل التعاون مع وزيرة التعليم والعلوم وسفيرة دولة مقدونيا الشمالية بالقاهرة    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5‏2 يناير في ضوء الثورة الكونية
نشر في المراقب يوم 26 - 05 - 2011

يمكن القول بيقين إن ثورة‏52‏ يناير كانت لها إرهاصات في الفكر العالمي منذ بداية التسعينيات‏,‏ وقد أبرزنا ملامحها في كتابنا الذي صدر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية عام‏5991‏ وعنوانه الوعي التاريخي والثورة الكونية‏:‏ حوار الحضارات في عالم متغير‏.‏
والثورة الكونية مصطلح ابتدعناه نتيجة قراءات واسعة في تحولات العالم السياسية والاقتصادية والمعرفية والقيمية, لتشير إلي ثلاثية متلازمة بمفرداتها وهي الثورة السياسية, والثورة القيمية, والثورة المعرفية.
الثورة السياسية كانت شعاراتها الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان.
والثورة القيمية تشير إلي انقلاب في سلم القيم العالمي بالانتقال كما سنشرح فيما بعد من القيم المادية إلي القيم ما بعد المادية.
والثورة المعرفية أخيرا وتعني الانتقال من الحداثة إلي ما بعد الحداثة.
وليس هناك من شك في أنه يمكن تلخيص الثورة السياسية التي تجتاح العالم في مجال النظم السياسية في عبارة واحدة مبناها أنها انتقال حاسم من الشمولية والسلطوية إلي الديمقراطية, والديمقراطية الحديثة التي تبلورت في القرن الثامن عشر, وطبقت جزئيا في عدد صغير من الأقطار, ظهرت وكأنها قد تم اغتيالها في القرن العشرين, فقد ظهرت النازية والفاشية, وهي مذاهب سياسية وممارسة في نفس الوقت قضت علي القيم والممارسات الديمقراطية, كما أن الشيوعية التي قامت علي أسسها نظم شمولية, أدت أيضا إلي الإضعاف الشديد للتيار الديمقراطي في العالم.
غير أنه, فجأة, وتقريبا في منتصف الثمانينيات, حدث تحول ملحوظ لمصلحة الديمقراطية, في مجال الأفكار, وفي مجال الوقائع علي السواء, في سياق الحساسيات الشعبية, وكذلك في نظر المفكرين والقادة السياسيين.
ومن هنا تثار تساؤلات متعددة: كيف ولماذا حدث التغير؟ وهل مقدر له الدوام, وهل سيتاح له أن يعمق تيار الديمقراطية في العالم؟ وهل هو يستند إلي مفاهيم واضحة؟ وهل ستطبق بجدية ونزاهة, أم أن الديمقراطية ترتكز علي أفكار غامضة, غير متماسكة وزائفة, ليس من شأنها أن تكون سوي خدعة جديدة من شأنها أن توقع الإنسانية في حبائل عبودية من نوع جديد؟
هذه التساؤلات المتعددة يثيرها المفكرون الغربيون وهم يرصدون اتساع نطاق الديمقراطية في العالم, ليس فقط في بلاد أوروبا الشرقية, والتي كانت ترزح تحت وطأة النظم الشمولية, وتحررت منها تماما, ولكن أيضا في بلاد العالم الثالث, والتي شرعت في الانتقال من السلطوية إلي الديمقراطية بخطوات متدرجة, ومن بين القضايا المهمة التي تثار في هذا الصدد: هل يمكن تصدير الديمقراطية؟ إن بعض الباحثين الغربيين المحافظين ممن مازالوا يعتقدون تحت تأثير أفكار المركزية الأوروبية أن الديمقراطية الغربية نظرية متكاملة, ويمكن تصديرها إلي مختلف الشعوب, يقعون في خطأ جسيم, ذلك أنه ليست هناك نظرية وحيدة للديمقراطية تتسم بالتناسق الداخلي, ويمكن بالتالي نقلها وتطبيقها كما هي في أي سياق اجتماعي, وفي أي مرحلة تاريخية, ذلك أن الديمقراطية كما نشأت تاريخيا في المجتمعات الغربية تأثرت في نشأتها وممارستها تأثرا شديدا بالتاريخ الاجتماعي الفريد لكل قطر ظهرت فيه. فالديمقراطية الإنجليزية علي سبيل المثال تختلف اختلافات جوهرية عن الديمقراطية الفرنسية, وهذه تختلف اختلافات جسيمة عن الديمقراطية الأمريكية.
ولذلك إذا اتفقنا علي أن هناك مثالا ديمقراطيا ينهض علي مجموعة من القيم, أهمها سيادة القانون, واحترام حقوق الإنسان, وحرية الفكر وحرية التعبير وحرية التفكير, وحرية تكوين الأحزاب السياسية في إطار التعددية, والانتخابات الدورية كأساس للمشاركة الجماهيرية في اختيار ممثلي الشعب, وتداول السلطة, فإن هذا المثال بما يتضمنه من قيم, سيختلف تطبيقه من قطر إلي آخر, وضعا في الاعتبار التاريخ الاجتماعي, والثقافة السياسية, ونوعية الطبقات الاجتماعية, واتجاهات النخبة السياسية.
ومن ثم نحتاج في العالم الثالث بشكل عام, وفي الوطن العربي بوجه خاص ونحن مازلنا نمر الآن في مرحلة الانتقال من السلطوية إلي الديمقراطية, إلي أن نفكر في النموذج الديمقراطي الذي علينا أن نتبناه, والذي يتفق مع الأوضاع الثقافية والاقتصادية والسياسية السائدة في الوطن العربي, وليس معني ذلك الخضوع للواقع العربي بكل ما يتضمنه من تخلف, أو الاستنامة إلي حالة الركود السائدة, التي هي من أوجد النظم السلطوية, التي جمدت المجتمع المدني العربي بمؤسساته المختلفة, ولكن ما نركز عليه هو ضرورة التفكير الإبداعي لصياغة نموذج ديمقراطي يستجيب, إلي أقصي حد ممكن, إلي متطلبات المشاركة الجماهيرية الواسعة في اتخاذ القرار علي جميع المستويات, بالإضافة إلي الرقابة المؤسسة علي تنفيذها.
ونجد في هذا الصدد اتجاهين رئيسيين: اتجاه الأنظمة السياسية العربية, واتجاه المثقفين العرب الممثلين للتيارات السياسية المختلفة, أما اتجاه الأنظمة العربية علي وجه الإجمال فهو الانتقال من السلطوية إلي التعددية المقيدة, وبخطي وئيدة ومتدرجة, في هذا السياق حجج شتي, سواء ما تعلق منها بضرورة الحفاظ علي الأمن القومي, كما تعرفه هذه الأنظمة, أو بأهمية الحفاظ علي السلام الاجتماعي, والاستقرار السياسي, وقد فشل هذا الاتجاه فشلا ذريعا في تونس, ومصر, حيث قامت ثورتان, وفي ليبيا واليمن وسوريا.
من ناحية أخري, فإن اتجاه المثقفين العرب علي وجه الإجمال أيضا يميل إلي توسيع الدائرة, والوصول إلي تعددية مطلقة لا تحدها أي حدود, حيث يباح إنشاء الأحزاب السياسية بلا قيود, وتمارس الصحافة حريتها بغير رقابة وتنشأ مؤسسات المجتمع المدني بغير تعقيدات بيروقراطية.
غير أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الوقت الراهن في الصراع بين الأنظمة السياسية وتيارات المعارضة, مع أهمية هذا الصراع, ولكنها تتمثل في الصراع العنيف داخل جنبات المجتمع المدني ذاته, بين رؤيتين متناقضتين: رؤية إسلامية احتجاجية متطرفة, تريد إلغاء الدولة العربية العلمانية, وتهدف إلي محو التشريعات الوضعية, وتسعي إلي إقامة دولة دينية لا تؤمن بالتعددية, وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية, أما الرؤية المضادة فهي الرؤية العلمانية الليبرالية بكل تفريعاتها, والتي تؤمن بفصل الدين عن الدولة وتعتقد أن التشريعات الوضعية ينبغي أن تكون هي أساس البنيان الدستوري والقانوني, مع الحرص علي ألا تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية, كل ذلك في إطار التعددية السياسية, والتي ينبغي ألا تفرض عليها قيود.
ويري بعض المفكرين أنه في مجال الديمقراطية, ينبغي التفرقة بين إجراءات الديمقراطية وقيم الديمقراطية, فالانتخابات العامة مهما كانت شفافيتها ونزاهتها تدخل في باب إجراءات الديمقراطية, غير أنه أهم من ذلك إيمان الأطراف السياسية جميعا بقيم الديمقراطية, فإذا جاء تيار سياسي من خلال إجراءات ديمقراطية, لا يؤمن بالتعددية, ويقرر أنه إذا تسلم الحكم, فإنه سيلغي التعددية, بما يعني إنشاء نظام سياسي شمولي ديني يحل محل نظام سلطوي علماني, فإن إتاحة الفرصة له لكي ينفذ مخططه تعد في ذاتها مخالفة واضحة للقيم الديمقراطية.
غير أن هذا الرأي لو أخذناه علي علاته, يمكن أن يوصلنا إلي نتائج خطيرة, مفادها أنه بغير ترسيخ القيم الديمقراطية فإن الإجراءات الديمقراطية, والتي تتمثل أساسا في الانتخابات العامة, تصبح عبثا لا معني له, وأخطر من هذا, أنها يمكن أن ترد المجتمع إلي الوراء في مجال الممارسة الديمقراطية, كيف الخروج إذن من هذه المشكلة؟
في تصورنا أنه في مرحلة الانتقال من النظام السلطوي السابق إلي النظام الثوري الديمقراطي الحالي, لابد من إجراء حوار وطني واسع ومسئول, بين جميع الفصائل والتيارات السياسية, للوصول إلي ميثاق يحدد قواعد العملية الديمقراطية, وينص علي تراضي جميع الأطراف بالاحتكام, ليس فقط لإجراءات الديمقراطية وإنما لقيمها أيضا, غير أن هذا الميثاق لكي يطبق بصورة واقعية, ينبغي أن يتضمن من الآليات ما يسمح بعدم الخروج علي الشرعية الدستورية, إذا ما أتيح لتيار سياسي معين أن يحصل علي أغلبية في الانتخابات, ويمكن التفكير في هذا الصدد, في إنشاء مجموعة من الأجهزة الدستورية التي تراقب العملية الديمقراطية, وتمنع الخروج علي قواعدها, بل إن الجيش نفسه, والذي هو بحسب التعريف يحمي الشرعية الدستورية, يمكن أن يكون له دور في هذا الصدد ينص عليه الدستور ويحدد نطاقه بكل دقة, حتي لا يتحول إلي مؤسسة عسكرية تتدخل في الحياة السياسية.
بعبارة مختصرة نحتاج في الوطن العربي إلي إبداع فكري لصياغة نموذج ديمقراطي صالح للتطبيق, لا يكون نقلا آليا لقواعد الديمقراطية الغربية من ناحية, ولا يخضع من ناحية أخري للموضوعات الاجتماعية, والثقافية, والاجتماعية الناجمة عن التخلف السائد, نموذج ديمقراطي يتجه إلي المستقبل, بل يعمل علي تطوير الأوضاع القائمة, حتي نضمن أوسع مشاركة جماهيرية في عملية اتخاذ القرار.
نقلا عن جريدة الاهارم المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.