قال السيد حمدين صباحي المرشح للانتخابات الرئاسية إنه سيدعو الشعب إلي ثورة جديدة إذا ما نجح أحد المرشحين من "الفلول" في الفوز بالانتخابات الرئاسية..! وتصريح حمدين يعني في مضمونه رفضا مسبقا لقرار الأغلبية التي قد تنتخب مرشح الفلول.. ودعوة للأقلية لأن تخرج للثورة. وكأن من انتخبوا هذا المرشح ليسوا هم الشعب أو منه..! وما يقوله السيد حمدين هو إخلال واضح بقواعد العملية الديمقراطية التي يكون فيها الاحتكام لصوت الأغلبية والرضوخ له والتعامل معه علي أنه يمثل إرادة الشعب. ولكن وجهة نظر المناضل والصديق حمدين هي أن الثورة قد قامت ضد النظام السابق وانتخاب أحد المنتمين له والمحسوبين عليه يمثل ضربا للثورة ونهاية لها أيضا. وقد يكون ذلك صحيحا.. ولكن إذا حدث ذلك فربما كان هذا تعبيرا آخر من الشعب يمثل نوعا من خيبة الأمل في الثورة وفي كل ما استطاعت تحقيقه حتي الآن..! ويقينا فإن قطاعا كبيرًا من الرأي العام علي قناعة بأن قيمة الثورة تتمثل في إسقاط النظام السابق ومنع التوريث ووضع معايير جديدة للحكم وليس مهما بعد ذلك من سيأتي إلي مقعد الرئاسة سواء كان من الفلول أو من الثوار لأن الرئيس الجديد لن تكون له كافة السلطات ولن يكون في مقدوره أن يتحول إلي ديكتاتور وسيكون خادما للشعب إذا ما أراد ألا يكون مصيره مثل الرئيس السابق..! ويتجه هذا القطاع طبقا لهذا التصور إلي تفعيل انتخاب مرشح ذي خبرة سابقة إدارية وتنفيذية يستطيع في ظل هذا التصور أن يوائم ما بين روح الثورة والقدرة علي إعادة الأمور إلي طبيعتها في مجالات الأمن والإنتاج والاستقرار ويراقبه ويحاسبه مجلس نيابي سيكون كفيلا باستمرار وتحقيق مباديء الثورة. وهو تصور يعني أن الفرصة للفوز في الانتخابات الرئاسية تكاد تنحصر في مرشحين أو ثلاثة يمكن أن يقودوا المرحلة الانتقالية من عمر الثورة خلال السنوات الأربع إلي أن تستقر الأمور ويظهر علي السطح قيادات جديدة تصقلها المحاولة والمشاركة ويمكن معها البحث عن وجوه غير تقليدية تتقدم لمنصب الرئيس..! وفي هذا الإطار فإن أي مرشح حاليا للانتخابات الرئاسية عليه لكي تستمر التجربة الديمقراطية في مسيرتها بنجاح ولمنع الاستمرار في خندق الفوضي والتخبط أن يعلن بوضوح وصراحة وحسم التزامه وخضوعه الكامل للإرادة الشعبية في قرارها باختيار من تشاء رئيسا وأن يعلن أيضا استعداده الكامل للتعامل والتعاون مع الرئيس القادم في أي موقع يمكن معه أن يساهم في تحقيق الأهداف التي أعلنها في مؤتمره الانتخابي. وأي مرشح لا يلتزم بذلك وسيدعو أنصاره للنزول إلي الشارع ورفض الشرعية سيرتكب نفس الخطأ الذي وقع فيه المرشح السلفي حازم صلاح أبوإسماعيل الذي اعتقد ومعه أتباعه أنهم يمكنهم تحدي الشرعية والقانون وفرض إرادتهم ومفاهيمهم الخاصة فخسروا معركة الترشح للرئاسة وخسروا أيضا التعاطف الشعبي وأصبحوا معرضين للملاحقة القضائية والإدانة الشعبية..! إننا نعيش الآن أزهي مراحل ثورة يناير والتي حولت المواطن المصري إلي قيمة وقوة بقراره الانتخابي الحر الذي يجعله قادرا علي تحديد مصيره واختيار رئيسه وهي مرحلة لا يجب أن نهدرها في البحث عن مكاسب حزبية وعقائدية في نطاق ضيق. بقدر ما يجب أن تتحول إلي قوة مجد وفخار لهذه الأمة التي عرفت طريق الديمقراطية بعد رحلة كفاح طويلة ومستمرة كللت بالنجاح بفضل شباب تجمعوا علي نور المعرفة والعلم فأضاءوا لنا معالم الطريق وضحوا بدمائهم من أجل بناء وطن له مكانة وقيمة. ولا يجب أن نهدر هذه التضحيات وهذا العطاء بالبحث عن مكاسب شخصية ومطامع ذاتية قد تدمر وتقضي علي الثورة وتعيدنا إلي الوراء بدلا من أن تدفعنا للأمام. وفي هذا نأمل أن تمر الساعات القادمة قبل التصويت الانتخابي لمنصب الرئيس في هدوء واحترام للقانون وحرص علي أمن وسلامة المجتمع ونجاح الانتخابات. ففي الأفق ملامح تصعيد متعمد من بعض المرشحين نحو العنف ونحو النيل من خصومهم بكافة السبل بما فيها زيادة معدل حملات التشويه والإشاعات والضرب فوق الحزام وتحته والاعتداء علي الأنصار وتمزيق اللافتات والصور. وفي الأفق وعلي أرض الواقع تنتشر كتائب من المتطوعين والاتباع في القري والمحافظات تهدد وتكفر بعض المرشحين وتنادي بمبعوث العناية الإلهية رئيسا وتختصر الانتخابات في الصراع بين المؤمنين والكفار.. وتقوم بتجميع وترتيب بطاقات الرقم القومي وأصحابها لاصطحابهم في الأتوبيسات إلي يوم الجهاد وهو يوم التصويت لصالح مرشح الحق الأوحد. وفي الأفق ساعات عصيبة ستحدد موازين ومجريات الأمور وقد تأتينا برئيس كان احتياطيا فأصبح أساسيا وقد يكون هدافا أيضا..! ** ملحوظة أخيرة: مرتضي منصور.. مازال مختفيا..؟