ما فعلته جماهير النادي المصري من حصار مبني إرشاد هيئة قناة السويس ومحاولة اقتحامه وإعلان بورسعيد دولة مستقلة.. هو أمر طبيعي ومتوقع. أقول طبيعي ومتوقع ليس لأن ما ارتكبته هذه الجماهير رد فعل منطقي وقانوني. ومعهم حق فيه.. ولكن لأنه من طبائع الأمور في بلادنا بعد أن أسقطت حكومات ما بعد الثورة هيبة الدولة بأيديها. وجمدت القانون وخسفت به الأرض رغباً أو رهباً. بالتالي.. رأينا البعض يقطع الطرق وخطوط السكة الحديد ويحتل الميادين ويمنع موظفي الدولة من أداء عملهم. ويتظاهر ويعتصم في أي مكان. وينفلت كيفما شاء. ويطالب بأشياء أحياناً له حق فيها. وإن أخطأ الطريق وغالباً بدون وجه حق استغلالاً للموقف.. وبدلاً من تفعيل القانون تجري الحكومة مفاوضات مع هؤلاء الخارجين علي القانون وتلبي لهم مطالبهم!! ورأينا البعض الآخر يهاجم المستشفيات ويعتدي علي الأطباء وهيئات التمريض ويستولي علي الأدوية.. بل ويقتل مرضي بدم بارد لخصومات بينهم. أو يهاجم البنوك وشركات الصرافة وسيارات نقل الأموال ومحطات البنزين.. وبدلاً من تفعيل القانون لا نجد سوي بدء تأمين هذه الجهات.. وفقط!! ورأينا البعض الثالث يهاجم مؤسسات الدولة من وزارات وبرلمان ومقر الحكومة ومديريات الأمن وأقسام الشرطة بالمولوتوف. ويحاول اقتحامها ويتغني بما فعله عبر الفضائيات.. وبدلاً من تفعيل القانون نجد الوزراء يستغيثون بالبرلمان ويسألون: نعمل إيه.. دلونا؟!! الأمثلة كثيرة. ويصعب حصرها في هذه المساحة. ومادام هذا يحدث دون رد فعل قانوني. يحافظ علي هيبة الدولة. ومادام من يسقط من البلطجية قتلي يتساوون مع الشباب النقي المدافع سلمياً عن حرية بلاده وأقرانه. ومادامت الحكومة تساوي بين الجميع وتعتبرهم كلهم شهداء وناشطين وثواراً.. فلماذا لم تتوقعوا ما حدث في بورسعيد سواء في الاستاد أو أمام مبني الإرشاد أو الإعلان عن انفصال بورسعيد؟!! لن أتحدث عن تحقيقات النيابة أو المحاكمات المنتظرة لمرتكبي مجزرة ستاد بورسعيد.. فهي في الأول والآخر في يد القضاء. ولن أنتقد العقوبات التي وقعها اتحاد الكرة علي الأهلي والمصري وساوي فيها بين الظالم والمظلوم. والتي رفضها الناديان معاً. ولن أتهم اتحاد الكرة بتسييس القضية ومحاولة إرضاء نواب بورسعيد علي حساب دم الشهداء بإيقاف المصري موسماً واحداً باعتبار أن هذا الموسم ألغي للجميع. ولن أتهمه أيضاً بأن قراره غبي لأن معاقبة الأهلي كنادي رغم أنه معتدي عليه في مجزرة قد تتسبب في تبرئة المتهمين في الجناية القضائية أو إصدار عقوبات مخففة عليهم مما يضيع حق الشهداء. ويضرب الرياضة كلها في مقتل. ولن أؤيد أيضاً بيان الألتراس الأهلاوي الذي هدد بمجازر إذا عاد النشاط الكروي أو خرج فريق بورسعيدي ولو من الأشبال للعب خارج المدينة الحرة التي أعلنها البورسعيدية دولة مستقلة. أعتقد أن هناك طرقاً قانونية محترمة يمكن أن يسلكها الجميع للاعتراض علي قرارات اتحاد الكرة.. فمن حق الناديين اللجوء إلي الفيفا. ثم المحكمة الرياضية. ومن حق الجهتين الدوليتين تأييد هذه العقوبات أو تغليظها أو تخفيفها.. وإن كنت لا أتوقع التخفيف بأي حال للمصري. خاصة بعد أحداث يوم الجمعة. هذه العقوبات بالكامل لا تعنيني من قريب أو بعيد.. وما يهمني فعلاً هو تطبيق القانون بمنتهي الحسم والحفاظ علي هيبة الدولة. إذا لم تفرض الحكومة القانون علي الجميع وأن تحاسب أي متجاوز في أي مكان. ومهما علا شأنه بكل حسم وشدة.. فقولوا علي مصر السلام. مستحيل أن تكون الفوضي والبلطجة.. دستور الحياة. آخر الكلام.. * إسرائيل "حفيت" لاستئجار مقر جديد لسفارتها في التجمع الخامس. وفشلت. ليت نتنياهو وعصابته يكونون قد استوعبوا الرسالة جيداً ليتأكدوا أنهم أناس غير مرغوب فيهم. * سألت صديقاً ببراءة: ما فائدة مجلس الشوري؟! رد بنفس البراءة: ملوش أي فايدة.. وذكر لي مثلاً شعبياً من الحواري والأزقة يضرب في عدم الفائدة. قال له صديق آخر خبيث: أنت ظالم.. الشوري وجد لتحقيق فائدة وحيدة لا غير وهي أن يضع المؤسسات الصحفية القومية تحت سيطرة الإخوان باختيار رؤساء مجالس الإدارات كل 4 سنوات. ورؤساء التحرير كل 3 سنوات.. وهو ما يسير فيه الآن. تساءل بمنتهي الخبث: أليست فائدة تستحق فعلاً الملايين التي أنفقت علي الانتخابات والملايين الأخري التي تصرف كل شهر في صورة مكافآت لنوابه؟! قلت: عمار يا مصر.