عندما يصدر المسئول وعدا بإنجاز عمل معين فعليه أن يفي بوعده إلا إذا حدث أمر مفاجئ خارج عن إرادته ولم يكن في الحسبان.. عندئذ يمكن أن نلتمس له العذر.. فإذا كان هذا المسئول وزيرا فمن باب أولي يكون الوفاء بالوعد أمرا حتمياً لا رجعة فيه.. والدكتورة نجوي خليل وزيرة التأمينات الاجتماعية وعدت.. بل قررت بعد اجتماع مع البدري فرغلي عضو مجلس الشعب ورئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات صرف زيادة بنسبة 10 في المائة لهذه الفئة من مجمل المعاش اعتبارا من يناير الحالي.. استبشر الناس خيرا بالوزيرة الجديدة. وتفاءلوا بوجود مسئول يدرك معاناة أصحاب المعاشات ويعمل علي إنصافهم. لكن الفرحة سرعان ما تلاشت وأصيب أصحاب المعاشات بخيبة أمل شديدة... فقد تراجعت حكومة الدكتور كمال الجنزوري عن الوعد أو عن القرار. وأعلنت أن الوزيرة اتخذت القرار من تلقاء نفسها دون الرجوع إلي رئيس الوزراء أو وزير المالية الذي أعلن أن الميزانية لا تسمح ولا يمكن صرف هذه الزيادة حاليا وربما ينظر في صرفها مستقبلا.. قريبا أو بعد ثلاثة أشهر حسب التساهيل!! ما هو الموقف بالنسبة للوزيرة نجوي خليل في هذه الحالة.. وعدت وقررت ولم يكن لها حق في الوعد والقرار حسب رأي الدكتور الجنزوري ووزير ماليته الذي كلما ذكر اسمه تذكرنا سلفه يوسف بطرس. وكأنهما روح واحدة في جسدين!! أي مسئول في هذه الحالة ليس أمامه سوي تصرف واحد.. أن يتقدم باستقالته من منصبه لأنه لم يكن علي قدر الوعد أو علي قدر المسئولية فقد خذلته الحكومة التي ينتمي إليها وجعلته يبدو أصغر من حجمه.. وللخروج من هذا المأزق ولحفظ ماء الوجه فالأكرم له أن يستقيل! ورغم ذلك لم تستقل الوزيرة ولن تستقيل. لأن الوضع لا يفرق والمنصب يغري صاحبه بالتغاضي عن أشياء كثيرة رغم أهميتها لشخصه.. اليوم سيقود البدري فرغلي مسيرة لأصحاب المعاشات تبدأ من ميدان طلعت حرب حتي مقر التأمينات الاجتماعية في شارع الألفي لتأكيد مطالب أصحاب المعاشات بتنفيذ الوعد الذي قطعته الوزيرة لهم بالزيادة رأفة بحالهم.. لكن الأمل ضعيف في الاستجابة لمطلبهم فالعين بصيرة واليد قصيرة كما يقول المثل الشعبي.. والميزانية لا تسمح بتلبية المطالب الفئوية كما يكرر الدكتور الجنزوري. واذا كان أصحاب المطالب الفئوية قادرين علي الضغط علي الحكومة بأساليب مختلفة وربما يكون فيها بعض العنف كالتظاهر والاعتصام والاضراب عن الطعام إلا أنها واثقة من ضعف هذه الفئة الذين لا تستطيع أقدامهم أن تتحمل اجسادهم النحيلة ولا تسمح لهم حالتهم الصحية بالاضراب عن الطعام. ويبدو أن النحس الذي خلفه يوسف بطرس غالي لأصحاب المعاشات سيلازمهم حتي الموت!!