لا غرابة أن يسير ممتاز السعيد وزير المالية علي نهج أستاذه يوسف بطرس غالي وزير المالية الهارب.. فقد عمل معه أكثر من عشر سنوات ونهل من فكره السقيم وورث أهم سوءاته وهي كراهية أصحاب المعاشات وحرصه علي ان يدوس بأقدامه علي رقابهم. فما أن أدخلت الدكتورة نجوي خليل وزيرة التأمينات الفرحة علي أكثر من ستة ملايين من أفراد الشعب المصري المطحونين بإعلانها زيادة المعاشات بنسبة 10 في المائة من مجمل ما يتقاضاه صاحب المعاش اعتباراً من يناير الحالي حتي سارع وزير المالية لينفي الخبر ويقول: أبداً "مش هيحصل" بحجة أن الميزانية لا تتحمل هذه الزيادة.. ثم يردف قائلاً: سوف نبحث ونناقش.. وإن شاء الله قريباً نصرف!! الوزير إذن أراد أن يجهض قرار وزيرة التأمينات ويفرغه من مضمونه فاستخدم لغة التسويف.. وكلمة "قريباً" ليتهرب من تنفيذ الوعد الذي قطعته الوزيرة بكل وضوح للبدري فرغلي رئيس نقابة أصحاب المعاشات.. ثم أجبر ومعه الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الوزيرة نجوي علي التراجع في وعدها القاطع لتقول إن الصرف سيتم بعد ثلاثة أشهر ثم تراجعت مرة أخري لتقول: سوف ننفذ هذه الزيادة قريباً!! تخبط لا مثيل له يدل علي أن هذه الوزارة تعمل في جزر منعزلة.. فالوزيرة تكلمت بكل ثقة باعتبارها وزيرة مسئولة قادرة علي تنفيذ وعودها.. لكن تبين أن وضع الوزراء لم يتغير بعد الثورة وظل علي ما كان عليه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك في أنهم مجرد موظفين ينفذون التعليمات الصادرة من السلطة الأعلي. هل كتب علي أصحاب المعاشات أن يعيشوا عيشة الذل والمهانة. وأن يصفعوا من وزارة الدكتور الجنزوري كما صفعوا مرات ومرات وأهينوا علي يد غير المأسوف عليه يوسف بطرس غالي. ألا يكفي أن الحكومة استولت علي مئات المليارات من الجنيهات الخاصة بأصحاب المعاشات وأدمجتها في ميزانية الدولة لتغطي عورات سياستها الفاشلة التي أدت إلي تصاعد العجز في الموازنة العامة بدرجة غير مسبوقة.. ثم تأتي حكومة الدكتور الجنزوري وتعلن أنها سوف تعمل علي إصلاح هذا الوضع وترد هذه الأموال إلي التأمينات الاجتماعية علي عشرة أقسام.. يعني إلي حين ميسرة!! إذن.. الحكومة لا تمن من ميزانيتها علي أصحاب المعاشات.. إنها أموالهم التي اقترضتها دون ضمان.. ثم بعد ذلك تتهرب وتسوف وتتراجع عن إنصافهم ولو ب 10 في المائة من مجمل معاشهم. هل يظن الدكتور الجنزوري ومعه وزير ماليته أن أصحاب المعاشات يرفلون في رغد من العيش. وأن المعاشات الهزيلة التي يتقاضونها تفيض عن حاجتهم.. بينما هم يعانون شظف العيش. وهم جزء ليس بالقليل في تعداد شعب مصر.. إنهم أكثر من ستة ملايين مواطن أدوا واجباتهم في خدمة الوطن علي أكمل وجه ويحق لهم أن يقضوا بقية حياتهم بكرامة في وطن يحترم أبناءه وحقوقهم كبقية الأوطان المتقدمة والمتحضرة. الدولة الآن مهتمة بل وتسارع بتلبية المطالب الفئوية لأنها تخشي المظاهرات والاضرابات والاعتصامات. ولكن لأن أصحاب المعاشات أناس مسالمون فلا مانع لديها أن تنظر إليهم لا أقول نظرة ازدراء كما كان يفعل يوسف بطرس غالي ولكن نظرة إهمال.. ولا يصح ذلك من حكومة تدعي أنها محترمة وجادة في حل مشاكل المواطنين.