تعليم قنا تحصد المركز الأول في مسابقة "الأخصائي المثالي للصحافة"    رسامة قمص بكنيسة الأنبا شنودة بقرية بهجورة في قنا    وزير العمل: لدينا عِمالة ماهرة ومُدربة جاهزة لسوق العمل الخارجي    هشام آمنة: برنامج "مشروعك" نفذ 211.7 ألف مشروع بقروض 28.4 مليار جنيه    توريد 208 آلاف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يجتمع بسكان حى الأندلس بالتجمع الثالث لبحث مطالبهم    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    إسرائيل تستدعي سفيرها لدى إسبانيا بعد الاعتراف بفلسطين    طلعت يوسف يحذر لاعبي فيوتشر من نشوة الكونفدرالية قبل مواجهة الزمالك    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    جوميز: كنت قريبا من تدريب الأهلي.. وهذا شرط منافستنا على الدوري    موعد مباراة ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    تقارير: ماكرون يفشل في إقناع بيريز بالتخلي عن مبابي من أجل الأولمبياد    رفع 1090 حالة إشغال طريق خلال حملات مكبرة بالبحيرة    الداخلية: ضبط 480 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    7 سنوات للمتهمين بالتنقيب عن الآثار فى عين شمس    أحمد حلمي يتبرع بخاتم عسل أسود في مزاد خيري بأستراليا    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب والغردقة لسينما الشباب    صحة المنيا: حملات مكثفة لمكافحة مسببات وناقلات الأمراض    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة بمديريات الصحة في 6 محافظات    مساعد وزير الصحة يكشف تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    في محو أمنية .. مصطفى خاطر مؤلف روايات    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    تقديم 4599 طلباً للحصول على شهادة بيانات عقار للتصالح بالفيوم    توريد 208 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    هربا من الحر للموت.. دفن جثتى شابين ماتا غرقا بنهر النيل في الصف    رئيس مياه القناة: استخراج جذور الأشجار من مواسير قرية الأبطال وتطهير الشبكات    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    سيدة «المغربلين»    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكلم الطيب - رجال ومواقف في سجلات الهجرة النبوية أبو قبيس ورحلة لم تكتمل إلي المدينة المنورة
نشر في المساء يوم 16 - 12 - 2011

في حياة الأمة الإسلامية الكثير من الأحداث التي دارت وقائعها منذ نشأة المجتمع المسلم بقيادة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يأتي في مقدمة هذه الأحداث هجرة المسلمين من أم القري إلي المدينة المنورة والتقي المهاجرون مع إخوانهم الأنصار في ملحمة إيمانية واخوة أشاد بها رب العالمين في سورة الحشر: "للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون. والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" 8. 9 الحشر.
هذا الحدث كان فاتحة خير علي هذه الأمة التي اشتد عودها في هذه المنطقة من الجزيرة العربية وأصبحت محط الأنظار وخطفت الأضواء لقوة وحدة الصف بين أبنائها ووقوفهم علي قلب رجل واحد خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم ينفذون تعليماته ويبتعدون عن أي خلافات قد تعكر صفو هذه الوحدة. وظلت هذه الأمة تتخطي العقبات وتتجاوز كل القيود التي تحد من انتشار الدعوة المحمدية إلي سائر أنحاء الدنيا. وبفضل الله استطاعت الصفوة من الرجال أن تشيد صروح الألفة والمحبة نتيجة الإيمان الذي استقر في القلوب. وبذلك اكتسبت الأمة الإسلامية الكثير من صفات القوة فأقبلت الوفود علي رسول الله طلباً للاستفسار عن الدين الجديد وكيفية الانضمام إليه وما هي المباديء والقواعد التي يعتمد عليها. وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستقبل هؤلاء الوفود بكل رحابة الصدر ويشرح لهم قيم الإسلام وسماحته التي تستهدف الخير لكل البشر ولا فرق بين إنسان وآخر إلا بالعمل الصالح النافع للأمة والمجتمع. وقد حرص رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يؤمن المسلمين في المدينة فعقد المعاهدات مع اليهود وأكد لأتباعه علي ضرورة احترام هذه المعاهدات والالتزام بنصوصها وحذرهم من الخروج عليها مما يؤكد الاحترام المتبادل بين المسلمين بالمدينة وجيرانهم من أبناء الطوائف والأديان الأخري وقد التزم المسلمون بذلك لكن اليهود نقضوا تلك المعاهدات ونكثوا بكل نصوصها وخالفوا مع المشركين وكم عاني المسلمون من ويلات الحروب نتيجة ذلك.
هؤلاء الرجال كانوا علي مستوي المسئولية التي وضعها رسول الله علي عاتقهم فأخذوا يطبقون سماحة الإسلام في تعاملهم مع الآخرين لأنهم فتحوا قلوبهم وعقولهم للمباديء التي جاءت من عند الله علي لسان سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم. فقد ترك هؤلاء المهاجرون الديار والأموال والأهل حباً في الله ورسوله وضحوا بكل شيء لديهم في سبيل الله ورسوله. ولم يلتفتوا إلي إيذاء المشركين وصناديد الكفار بمكة لدرجة أن الواحد كان يضحي بنفسه في سبيل نجاح هذه الدعوة فها هو عمر بن الخطاب حين أذن له رسول الله بالهجرة إلي المدينة المنورة أعلن ذلك صراحة أمام أهل مكة فقد خرج عليهم أثناء تواجدهم في منتدياتهم قائلاً: من أراد أن ترمل زوجته أو ييتم ولده فليتبعني خلف هذا الوادي" يقصد وادياً قريباً من مكة يعرفه أهلها . وهو أول مهاجر يعلن ذلك علي الملأ.
من قبل عمر هناك مصعب بن عمير.. كانت له مواقف مشرفة في المدينة المنورة.. فحينما أوفده رسول الله إلي هناك كان يقدر الأمانة التي عهد بها رسول الله إليه. فنهض بالمهمة علي أكمل وجه وأتم صوره. علم الناس حفظ القرآن الكريم وكانت تعاملاته الطيبة محل التقدير والاهتمام لكل أبناء القبيلتين الرئيسيتين الأوس والخزرج. وكان مثار الحديث بين كل الأوساط لدماثة خلقه ونبل مقصده. ولذلك عندما جاءه زعيم الخزرج وسأله ماذا تفعل أيها الرجل لقد جذبت أبناءنا بأحاديثك الشيقة وبتلك الآيات القرآنية التي تعلمها لهم. وفي هدوء وسماحة قال له: اجلس واستمع إلي تلك الآيات القرآنية التي نتلوها ونعلم أبناءكم كيفية حفظها. فإن أعجبتك فاستمر معنا وإن لم تعجبك فأخبرنا ثم انصرف. حديث مصعب ابن عمير أعجب زعيم الخزرج. ثم أردف قائلاً: هيا نستمع إلي بعض هذه الآيات فقرأ عليه آيات من القرآن الكريم فأنار الله بصيرة الرجل وجذبته كلماتها فسأل زعيم الخزرج عن كيفية الانضمام إلي هذا الدين فأخبره فأعلن إسلامه. ثم قال: أمهلني لأخبر أهل قبيلتي فالكل هناك يستجب لي وسوف أدعوهم للإسلام وسوف يلبون ندائي فوراً. تركه مصعب يذهب إلي أهله وعشيرته. وبعد وقت جاء مع قومه فأعلنوا إسلامهم جميعا. ثم تكرر نفس الموقف مع زعيم الأوس وبذلك دخلت القبيلتان الكبيرتان في الإسلام طواعية وكانوا مع اخوانهم المهاجرين قوة متآلفة لا تفرق صفوهم أي شائعات أو أباطيل يرددها أهل الهوي والزيغ والضلال.
وهناك رجال كثيرون كانوا نماذج وقدوة امتلأت بها سجلات الهجرة النبوية وكان النساء ينافسن الرجال في العمل والبطولات ودور أسماء بنت أبي بكر كان علامة فارقة في التفاني. كانت تقوم برصد أخبار أهل مكة ثم تقوم بتزويد رسول الله صلي الله عليه وسلم ووالدها في الغار بكل هذه الأخبار أولاً بأول. وقد استطاعت أن تفلت من رقابة أهل مكة حيث كانت تقوم بهذا العمل خلال رحلتها في رعي الغنم مزيداً في التمويه واخفاء لمهمتها الأساسية ذكاء وتفان في خدمة الدعوة المحمدية. ومن اللمحات المشرقة في هذه المهمة بالغة السرية حينما أرادت أسماء أن تقوم بربط صرتين كل منهما علي انفراد لم تجد سوي نطاقها الذي تضعه فوق رأسها وهو مثل "الطرحة" التي تضعها النساء فوق رءوسهن فقامت بشطره نصفين وتم لها ما أرادت من ربط الصرتين ومنذ ذلك التاريخ أطلق عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم لقباً ظل تاجاً علي رأسها حيث أعلن انها "ذات النطاقين" فصارت علامة تتميز بها فعندما يتحدث أي مؤرخ أو مهتم بشئون السيرة والتاريخ ويذكر كلمة "ذات النطاقين" فإن الأذهان تنصرف إلي أسماء بنت أبي بكر.
وسوف يظل موقف أبو "قبيس" ذلك الصحابي الجليل مشرفاً مؤكداً أن الإيمان قد استقر في صدر الرجل الطاعن في السن. فرغم شيخوخته لم يهنأ له العيش في رحاب مكة بعيداً عن رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي استقر به المقام في المدينة المنورة. طلب "أبو قبيس" من أبنائه أن يعدوا له راحلة لينطلق بها إلي حيث رسول الله. لكن الأبناء قالوا له: يا أبتاه انك ضعيف وشيخوختك وضعفك يحولان بينك وبين هذه الرحلة. فلم يلتفت الرجل لذلك. وأصر علي الرحلة وأمام هذه العزيمة استجاب الأبناء. وانطلق الرجل في رحلته لكن شاءت إرادة الله ألا تكتمل هذه الرحلة حيث مات الرجل وهو في الطريق إلي المدينة فنزل قول الله تعالي: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلي الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره علي الله وكان الله غفوراً رحيما" الآية 100 النساء.
نختتم هذه السطور بقصة "أبو قبيس" وذلك في نهاية هذه الكلمة التي سجلتها في هذا المكان علي مدي شهر المحرم بداية العام الهجري الجديد.. تقديراً لهذه المواقف وتلك البطولات النادرة والرائعة تضحية وحباً في الله ورسوله. "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" الأحزاب ولعل هذه المواقف يستلهمها أبناء هذه الأيام لعلها تنير لهم الطريق وتوضح لهم مدي سماحة الإسلام وقوة تأثير مبادئه في نفوس البشر.
*****
دعاء
"ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إنك أنت الوهاب. ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. نعوذ بك يا ربنا من الضلال بعد الهدي. نسألك أن تنير بصائرنا. ونسألك أن ترينا الحق حقاً وترزقنا اتباعه والباطل باطلاً وترزقنا اجتنابه. انك أنت القادر علي ذلك والموفق إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.