هناك العديد من القضايا والحوادث المثيرة مازالت أجهزة الأمن تبحث عن المتهم فيها.. ورغم مرور وقت كبير علي وقوع الجريمة.. إلا أن الكل يتساءل: من الجاني؟!!! قضية العدد.. من الجرائم المثيرة.. العجيب فيها أنها جريمة ثأر.. جاءت في جلسة صلح بين عائلتين لإنهاء خصومة ثأرية استمرت لسنوات وراح فيها العديد من الضحايا.. ورغم جهود الأجهزة المختلفة إعلامية ودينية وثقافية وأمنية لإنهاء الخصومات الثأرية والتوعية بخطورتها.. إلا أن العادات والتقاليد.. خاصة في جنوب البلاد.. تصدت لهذه الجهود وتجاهلت دعواتها للحد من هذه الجرائم. الدافع وراء جرائم الثأر هو الانتقام لمقتل أحد أفراد العائلة و"المجني عليه" لا يشترط ان يكون هو الفاعل الذي يجب الثأر منه.. فقد يتم اختيار ابنه.. أو أقرب شخص إليه وقتله ثأراً للضحية لحرق قلب القاتل نفسه أو اختيار كبير العائلة لإصابة أبنائها جميعا بالحزن والألم.. وتتفاقم الأمور بين العائلتين بالرد علي قتيلها بقتيل آخر ليستمر مسلسل الثأر الدامي. أما "الجاني" في جرائم الثأر فهو عادة الأقرب إلي شخص القتيل سواء كان أبناً أو ابن أخ أو ابن عم.. أو يشترك هؤلاء جميعاً في الجريمة إذا كان القتيل كبير العائلة.. ولا يستطيع من يقع عليه الثأر الهروب من مصيره أو مخالفة رأي العائلة.. وعليه ارتكاب الجريمة مهما كانت قدراته أو مستواه الثقافي أو الاجتماعي والعلمي أو الديني.. وإلا اعتبر هارباً من أداء القصاص علي حد تعبير العائلة ويصفونه بالجبن واشياء أخري.. أو يكون عليه الهروب وتنصل العائلة منه. قد يهرب ايضا المطلوب للثأر للاختفاء في أي من البلدان الأخري خاصة إذا كان صغير السن أو لديه عائلة يخشي عليها.. وهنا تقوم العائلة الأخري صاحبة الثأر بالبحث عنه وإعداد مأموريات إلي البلدان المجاورة أو التي يحتمل هروبه إليها لمعرفة مكانه وإبلاغ من عليه واجب الثأر للحاق به وتنفيذ حكم العائلة عليه بالقتل ثأراً لأبنهم القتيل.. وهكذا يستمر مسلسل الثأر وإن تم القبض علي القاتل وقضاء العقوبة الصادرة ضده بالسجن.. فهذا قد لا يعفيه من دفع حياته ثمناً لعادات سيئة وتقاليد بائدة. بدأ الكشف عن فصول هذه الجريمة ببلاغ إلي مأمور مركز شرطة مغاغة بالمنيا بمصرع الكهل "محمود" البالغ من العمر 59 عاماً وإصابة كل من رجب علي ومحمود يحيي بطلقات نارية أطلقها عليهم مجهول اثناء وجودهم في منزل المصاب الأول لإنهاء خصومة ثأرية. انتقل رئيس مباحث المركز إلي مكان الحادث وعثر علي جثة القتيل مصابة بعدة طلقات نارية أودت بحياته بينما أصيب "رجب" بطلقة نارية ومعه ضيفه "محمود" المصاب ايضا.. وتم نقلهما إلي مستشفي مغاغة العام لإجراء الاسعافات اللازمة لهما. بإخطار النيابة أسرعت إلي مسرح الجريمة بمنزل المصاب الأول "رجب" بقرية أحمد يونس وأجرت معاينة لمكان الحادث وقامت بمناظرة الجثة.. وأمرت بنقلها إلي مشرحة النيابة لتوقيع الكشف الطبي لمعرفة اسباب الوفاة.. والآلة المستخدمة في الحادث.. وإن كانت الإصابات الموجودة بها سبب الوفاة من عدمه.. واسباب حدوثها والسلاح المستخدم في الحادث. كما كلفت المباحث بالتحري عن الواقعة وملابساتها وظروف حدوثها.. والسلاح المستخدم في الحادث.. ثم التصريح بدفن جثة "الكهل" بعد الكشف الطبي.. كما طلبت سماع أقوال المصابين عندما تسمح حالتهما الصحية بذلك. بالإضافة لسماع أقوال شهود الحادث.. وكلفت المباحث بسرعة ضبط "الجاني" وتقديمه للعدالة مع سلاح الجريمة. أعد مدير مباحث المنيا فريق عمل بقيادة رئيس مباحث المديرية لجمع التحريات اللازمة لكشف غموض الحادث وتحديد شخصية "الجاني" وإعداد الأكمنة اللازمة لضبطه.. ودلت التحريات الأولية أن القتيل اصطحب صديقه "محمود" المصاب الثاني إلي منزل "رجب" المصاب الأول لعقد جلسة صلح وإنهاء خصومة ثأرية. كما أوضح المصابون والشهود أنهم فوجئوا اثناء جلوسهم في مسكن "رجب" بعدة أشخاص مجهولين لديهم ولم يستطيعوا تحديد أوصافهم يطلقون النار عليهم من سلاح آلي وفروا بعدها هاربين.. وأن أحداً لم يستطع التعرف عليهم لأن الجريمة وقعت ليلاً. رجحت التحريات أن الجريمة جاءت بدافع الثأر.. واتجهت تحريات رجال المباحث لفحص علاقات "الكهل" المجني عليه وخلافاته العائلية والأسرية.. والخصومات الثأرية.. ايضا تم فحص إن كانت هناك خلافات مالية أو نزاع حول أراض وعقارات أو مشكلات حول ميراث عائلي.. وايضا فحص علاقات وخلافات المصابين خاصة صاحب المنزل "المصاب الأول". رغم الجهود المضنية التي بذلها رجال المباحث علي مدي أيام وليال طويلة في فحص كافة الاحتمالات.. والتحري عن كل الخيوط التي تجمعت بين ايديهم عن الحادث.. إلا أنها لم تقدهم إلي شخصية "الجاني" الذي مازال مجهولاً.. حتي الآن!!