الزلزال الذي أوقع بعدد من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال في المملكة العربية السعودية بتهمة الفساد لقي صدي واسعاً علي المستوي العالمي.. واعتبرته الدوائر السياسية ثورة داخلية لاجتذاذ هذه الفئة التي استغلت نفوذها في التكسب من أموال المملكة وغسيل الأموال علي حساب مصلحة الشعب السعودي. والمتتبع لأخبار هذا الحدث يستطيع أن يباشر تطوراته مما تنقله تصريحات المسئولين في السعودية ووكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام في المملكة. ولكن ما يهمنا هو إلقاء الضوء علي شخصية رجل أعمال ومليادير سعودي من أصل أثيوبي وهو محمد حسين العمودي الذي وضع تحت حراسة أمنية مشددة في فندق بالعاصمة السعودية الرياض. أصدرت السلطات السعودية العليا قراراً باعتقاله علي خلفية تورطه في قضايا فساد مالي داخل وخارج المملكة. قال مصدر سعودي إن اعتقال محمد حسين العمودي جاء بعد تحريات معمقة كشفت تورطه في الحصول علي اعتمادات خيالية بلغت قيمتها أربعة مليارات دولار من صندوق الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي لتمويل مشاريع زراعية للأرز في أثيوبيا. وبناء رصيف مينائي في إريتريا لتصدير هذا الأرز للسعودية وهي المشاريع التي لم يتم الوفاء بإنجازاتها مما دفع الدوائر العليا إلي اعتقاله والتحقيق معه في هذا الملف ومجموعة من الملفات الأخري. العمودي له موقف معاد ضد مصر فهو المساهم الرئيسي وأكبر المستثمرين في سد النهضة الأثيوبي الذي مازالت الخلافات مستمرة حوله ولم يتم التوصل إلي حل مشاكله نهائياً.. فقد تبرع لبناء هذا السد بمبلغ 88 مليون دولار وكان يقيم في أثيوبيا قبل اعتقاله في السعودية.. وتقدر ثروة العمودي ب 9 مليارات دولار. والغريب أنه كان يفاخر بدعمه ومساهمته الكبري في إنشاء هذا السد الأثيوبي الذي عارضته القاهرة لأنه يقلص حجم مياه النيل الواصلة إلي مصر حيث اعترف عبر موقعه الرسمي علي الشبكة العنكبوتية بأنه ساهم ب 88 مليون دولار في بناء سد النهضة. ووصفت الصحيفة الأثيوبية العمودي بأنه أكبر مستثمر أجنبي في أديس أبابا وهو أول من تبرع في حملة تمويل سد النهضة التي دشنها رئيس الوزراء الأثيوبي الراحل ميليس زيناري ومنح الحكومة الأثيوبية 88 مليون دولار لإنشاء هذا السد. كان الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري والموارد المائية قد أعد تقريراً شاملاً للمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء عن نتائج الجولة الخامسة عشرة في أثيوبيا وتضمن التقرير الموقف التنفيذي لأنفاق خروج المياه العشرة من سد النهضة وهو ما يتطلب تحركاً عاجلاً من أجل إنهاء المناقشات حول هذا الموضوع.. وأيضاً تقييم أعضاء الوفد المصري بدراسة الآثار السلبية للسد علي دولتي المصب مصر والسودان.. ومدة الملء الأول للسد حتي لا تؤثر سلباً علي معدلات وصول مياه النيل الأزرق التي تشكل 85% من حصة مصر المائية. كان وزير الري قد أكد حرص مصر ورغبتها القوية في التحرك العاجل واتخاذ إجراءات جادة لتفادي العقبات وإزالة القلق بسبب التأخر في تنفيذ الدراسات المشتركة التي أوصت بها اللجنة الدولية للخبراء وتقضي بضرورة استكمال الدراسات المشتركة في الإطار الزمني المتفق عليه. هذا ما فعله الملياردير السعودي الأثيوبي ضد مصر في مسارعته للتبرع بما يقرب من 90 مليون دولار لبناء سد النهضة إلي جانب إضراره بالمملكة المغربية وقيامه بالمساس بأمن الطاقة للمغرب الذي تجمعه بالسعودية علاقات استراتيجية. قال موقع "حسبريس" المغربي إن العمودي تلقي عام 2016 أوامر صارمة من الدوائر العليا المقربة من البلاط الملكي السعودي بضرورة تسوية أوضاعه المالية مع الحكومة المغربية وتسديد ديونه لها المتراكمة والبالغة أكثر من 4.4 مليار دولار وهي التعليمات التي لم يتقيد بها الملياردير العمودي. قال مصدر سعودي: "ما ضاع حق وراءه مطالب.. وحق إخواننا في المملكة المغربية محفوظ". هذه مخالفات الفساد التي ارتكبها العمودي في حق السعودية وحق مصر وحق المملكة المغربية.. وفي انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيقات معه.