لأن صلتي قديمة بالعمل الثقافي في أقاليم مصر. فإني أسمح لنفسي أن أشارك بالرأي في الملتقي الذي دعت إليه القيادة الحالية لهيئة قصور الثقافة لمنافشة أوضاع الهيئة.ووضع تصورات عن تحسين الأداء. بداية. فإن وضع استراتيجية واضحة المعالم والتفصيلات. هي الباب السحري إلي عمل ثقافي حقيقي. وإذا أسفر الملتقي عن وضع هذه الاستراتيجية فإننا نكون قد تعرفنا إلي الطريق الصحيح. ومع أن الصديق سعد عبدالرحمن - عندما كان يتولي أنشطة هيئة قصور الثقافة في أسيوط مع العزيزين صلاح شريت وصفوت عبد الكريم. كان دائم الإلحاح علي وجوب تفكيك المركزية القاهرية. بما يأذن للأقاليم أن تؤدي عملها علي نحو أفضل. فإن المشكلة - حتي الآن- قائمة. رغم بعض الرتوش التي لاتمثل إضافات حقيقية. المقارنة السريعة بين الأسماء المبدعة التي تطرحها جوائز عربية. مثل مسابقة الشارقة. وبين مسابقة هيئة قصور الثقافة. يلاحظ الدينامية التي تسم مسابقة الشارقة. مقابلاً للروتينية التي تعانيها مسابقات الهيئة. وعدا استثناءات قليلة. فإن غالبية أسماء الفائزين في الشارقة يمثلون الآن أجيال المبدعين الشباب بصورة طيبة: ياسمين مجدي. محمد الحناطي. محمد إبراهيم طه. وغيرهم. ربما أفرزت مسابقات قصور الثقافة مواهب تستحق المساندة والدعم. وهو ما أتصور أنه غائب. ليست المسابقات في مجرد قيام لجان تحكيم - يتم ترشيحها بصورة فردية - باختيار أعمال تجد أنها تستحق الفوز. وإنما يجب أن يتسع ذلك الإعلان تقديم المواهب بما تملكه من وسائل إعلامية وأدبية. الفائزين في مسابقات يحصلون علي مكافآت الفوز. ثم يمضون إلي حال سبيلهم. وهو ما يخل بصميم عمل الهيئة من حيث الإسهام في تحريك الحياة الإبداعية. وتقديم أصوات جديدة. ثمة النشر في مجلة الثقافة الجديدة. وفي المجلة الإلكترونية "مصر المحروسة" وفي دوريات الكتب وندوات قصور الثقافة وبيوت الثقافة. وفي كل المنابر التي تتيح للصوت الموهوب أن يسمع بعمق. العادة أن مدخل كل قصر للثقافة يفضي إلي قاعة واسعة أوضيقة. لكنها تكفي لإقامة معارض للفن التشكيلي. لاتقتصر علي فناني الإقليم. بل تشمل الفنانين المصريين الكبار وذوي المواهب اللافتة. بل إن تقديم الأعمال العربية والعالمية التي تعرض في القاهرة والإسكندرية لهذه القاعات بادرة مهمة لاثراء الوعي الجمالي والتشكيلي بين الفنانين المقيمين في الأقاليم. بالإضافة -طبعا - إلي الورش الفنية التي يشرف عليها متخصصون. لأن القيادة الحالية لهيئة قصور الثقافة بدأت منذ البداية. وصعدت السلم بخطوات جادة حتي بلغت أعلاه. فلابد أنها تذكر النهضة المسرحية التي تحققت منذ الستينيات في مسارح الهيئة. أبطالها: وحيد حامد ومحمد أبوالعلا السلاموني ومحمود السبكي ويسري الجندي وغيرهم. لا أنتقص من الدور الحالي لمسرح قصور الثقافة. لكن المثل الذي أوردته عن المسابقات ينطبق علي كل الموهوبين. في كل الأنشطة. ليست المسألة عرضاً والسلام. بل مهمة الهيئة أن تحرص علي تبني المواهب. وتعينها علي الالتحام بالنشاط المسرحي عموماً. ذلك هو الدور القديم الذي قدم من خلاله مسرح الهيئة عشرات النصوص التي صار أصحابها رموزاً في حياتنا المسرحية. مصر ليست القاهرة وخدها وبالتالي فإن دور السينما لا تقتصر علي الكم الذي تحقق أخيرا في دور العرض القاهرة ومشكلة دور السينما في الأقاليم قلة عددها مما يطرح السؤال: لماذا ألغت قصور الثقافة في الاقاليم عرض الافلام الجديدة كما كان يحدث طيلة سنوات ماضية؟ في أبسط تقدير فإن تلك العروض تشجع محبي السينما علي مشاهدة الافلام في مدنهم أو في المدن القريبة من قراهم. السينما صناعة وتجارة لكنها فن وثقافة وتوعية في المقام الأول وعرض الافلام لا ينقص من قدر قصور الثقافة فضلا عن انه يزيد من موارد هيئة قصور الثقافة التي تعلن قيادتها انها تعاني تعثرا دائما! تحولت المطبوعات التي تصدرها الهيئة - معظمها كتب قيمة - إلي مجرد قوائم تعني بالأرقام بأكثر من يكون همها الوصول إلي القاريء الذي يريدها. اتصور - أحيانا - ان شاغل الهيئة اصدار كم مرتفع من الكتب - أكرر انها اختيارات جيدة في معظمها لكننا نتعرف إلي تلك المطبوعات مما تنشره بعض الصحف. اختفي الحرص القديم بأن توزيع المطبوعات بأسعار مدعمة علي الدائرة الأوسع. هذه الدائرة - في تقديري - تشمل احياء المدن والقري من خلال المكتبات العامة والمنافذ الخاصة وباعة الصحف. لا معني لكتاب لا يقرأه من صدر له. ورغم اشتغالي بالعمل الثقافي - ومثلي كثيرون - فقد فوجئت بأن كتبا كنت ارجو قراءتها صدرت واختفت دون ان يتاح لي شراؤها! أخيرا. فمنذ اخترت اللدرب نفسه الذي سبقني إليه الرائدان محمد صدقي ومحسن الخياط لتنشيط الحياة الثقافية والابداعية في اقاليم مصر كان المعني التي حرصت علي تذكير قيادات الهيئة به هو ضرورة ان يصل العمل الثقافي إلي أبعد واصغر قرية مصرية. لا بأس من ان اعيد طرح هذا المعني.