وزير السياحة يُصدر قرارا بشروط وضوابط ترخيص نمط إضافي جديد لوحدات شقق الإجازات    194 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لتسليمها للجانب الفلسطيني    ديشامب يوضح موقفه من الانتقال إلى الدوري السعودي    قطر والسعودية والإمارات.. 16 منتخبا يودعون مونديال الناشئين من دور المجموعات    فيديو.. الأرصاد تحذر من حالة عدم استقرار يوم الخميس: برق ورعد وأمطار مصحوبة بحبات برد    أسماء جلال وعمرو دياب يتصدران تريند مواقع التواصل.. لهذا السبب    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    انتهاء التصويت في لجان المرحلة الأولى بانتخابات مجلس النواب 2025    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    برلمان 2025.. انتهاء التصويت في ثاني أيام انتخابات مجلس النواب بلجان أكتوبر    «أبومازن» يبحث مع «ماكرون» سبل تعزيز التعاون الثنائي    ضعي حدودًا واضحة ولا تتركيهما معًا لفترة طويلة.. 8 نصائح لحماية زوجك من «خطافة الرجالة»    هؤلاء يشاركون أحمد السقا فى فيلم هيروشيما والتصوير قريبا    الصين تحث الاتحاد الأوروبي على توفير بيئة أعمال نزيهة للشركات الصينية    رئيس المؤسسة العلاجية يتفقد مستشفى الإصلاح الإسلامي لمتابعة التطوير    مصرع شخص سقط من الطابق ال 17 بعقار في الإسكندرية    إبداعات مصرية تضىء روما    الرئيس السيسي: مصر تؤكد رفضها القاطع للإضرار بمصالحها المائية    إقبال كثيف من الناخبين على لجان الانتخابات بمحافظة الجيزة في نصف اليوم الثاني    تحديد موعد إقامة سوبر اليد بين الأهلي وسموحة في الإمارات    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة: إقبال تاريخى وتسهيلات لوجستية للناخبين    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    هذا ما وعد به ممداني كعمدة وهل سيتمكن من تحقيقه؟    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    سفير تركيا: فيدان يستقبل وزير خارجية مصر غدًا في أنقرة للتحضير لمجلس التعاون الاستراتيجي    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    لحاملي بطاقات الصحافة.. المهرجان يتيح الحجز الإلكتروني المبكر لتذاكر عروض القاهرة السينمائي    مأساة على الطريق الزراعي.. سيارة تدهس عابر طريق وتودي بحياته في لحظات    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شباب بتحب مصر تُشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP30    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادة أردوغان .. خادم لا زعيم
نشر في المساء يوم 14 - 09 - 2011

أعجبني الوصف الذي أطلقه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان علي نفسه في حواره مع الإعلامية المتألقة مني الشاذلي عندما قال: "لست زعيماً ولا قائداً وإنما أنا خادم للشعب التركي".
ولاشك أن هذا الوصف يعني أن الرجل يدرك طبيعة اللحظة التاريخية التي يعيشها.. فقد سئمت الشعوب من الزعماء والقادة وصارت تبحث عن رئيس عادي وشخص عادي من بين الناس.. يتواضع أمامها.. ويؤمن بأنه يسير بإرادتها.. ومكانه خلف الشعب وليس أمامه.
ونحن في مصر.. وفي كل الدول العربية.. مازلنا ننتظر الرجل الذي يرضي بأن يكون خادما للشعب.. ويطلق علي نفسه هذا الوصف الجميل.. وينفر من الزعامة والقيادة التي جرت علينا الويلات.
لقد شبعنا من الزعماء والقادة الذين طغوا في البلاد.. أذلونا واستعبدونا وضيعونا وأضعفونا وأفقرونا وأنهكونا وسرقونا.
أردوغان قدم التجربة.. النموذج .. المثل .. ولهذا تعلقت به أنظار الشعوب العربية علي أمل أن يأتيها حاكم قوي وديمقراطي مثله.. علي نفس الطراز.. لديه الطموح والقدرة علي الإنجاز والحسم.. الشخص الجاد الذي يتفاني في عمله.. وينظر للمنصب العام علي أنه أمانة ومسئولية وتكليف من الشعب ومن الله.. فيخلص في أداء دوره.. وفي الوقت ذاته يحترم شعبه ويخفض له الرأس.. ويقول أنا خادم لهذا الشعب.
أقول هذا وأنا أعي جيدا أن أردوغان بشر يخطئ ويصيب.. وأرجو ألا يؤخذ كلامي علي أنه تمجيد لشخص.. وإنما هو مجرد احتفاء بنموذج وتجربة ناجحة.. وربما يأتينا من هو أفضل من أردوغان لنقدم معه تجربة مصرية خالصة تناسب ظروفنا وتلائم طموحنا.
إن تجربة أردوغان تستحق الاشادة والتقدير خصوصا فيما يتعلق بالنموذج الذي قدمه للعالم.. نموذج الاسلام المعتدل المنفتح الديمقراطي الذي يحترم حقوق الانسان وآدميته.. وأيضا فيما يتعلق بالنموذج الفريد المبهر الذي قدمه في مجالات التنمية والاستثمار سواء عندما كان رئيسا لبلدية اسطنبول أو عندما انتخبه الشعب رئيسا للحكومة.. وثالثا فيما يتعلق بالموقف القوي الذي اتخذه في مواجهة العنجهية الإسرائيلية.. وهو موقف كنا نتمني ان نراه من دولة عربية قبل أن نراه من تركيا الشقيقة.
لكن من الضروري أن يكون واضحا أن إشادتنا وتقديرنا لهذا النموذج الأردوغاني سيحجبان عنا بعض المواقف التي نختلف فيها معه.. وفي مقدمتها تعريفه العجيب للعلمانية الذي قدمه للإعلامية الفاضلة مني الشاذلي حين قال إن العلمانية تعني أن تكون الدولة علي مسافة واحدة من كل الأديان.. وأن العلمانية تتعلق بالدولة وليس بالأفراد.. فتركيا دولة علمانية ولكن أردوغان ليس علمانيا.. هكذا قال.
وأظن أن هذا التعريف فيه كثير من المجاملة للعلمانية لتجميلها أمام الشعوب.. وأظن أننا لو رفعنا كلمة العلمانية ووضعنا بدلا منها كلمة "الديمقراطية" لاستقام المعني والهدف.. لأن العلمانية في معظم التعريفات المشهورة تعني أن تكون الدولة بعيدة عن الدين.. فلا شأن للدين بالدولة ولاشأن للدولة بالدين.. وهذا التعريف "المشهور" يجعل العلمانية بفتح العين في صدام مباشر مع الإسلام الذي له شريعة وأحكام تنظم كثيرا من أمور الدولة.
أما إذا تطرقنا الي تجربة العلمانية في تركيا علي وجه التحديد فالكلام فيها كثير ومرير.. لان العلمانية التركية الاتاتوركية كانت في عداء رهيب مع الإسلام .. واستهدفت في كل مراحلها السابقة قبل مجئ أردوغان استئصال الهوية الاسلامية من تركيا التي كانت تمثل دولة الخلافة الاسلامية تاريخيا وعلي مدي أربعة عقود وهناك 99% من سكانها مسلمون.
والمهتمون بالعلمانية وتطبيقاتها العديدة والمتنوعة يعرفون جيدا أن العلمانية في الغرب عموما وفي الدول الاسكندنافية وأمريكا خصوصا كانت أخف وطأة من عدائها للإسلام والمسلمين وللثقافة الاسلامية والهوية الإسلامية من العلمانية الأتاتوركية التي لم تكن أبداً علي مسافة واحدة من كل الاديان والأيديولوجيات كما يدعي.
ومن ناحية أخري فنحن نحتفي بموقف أردوغان من اسرائيل لكننا في الوقت ذاته نرفض موقف أردوغان في تعامله مع العراق الشقيق الذي بلغ ذروته بقرار يسمح للقوات البرية التركية بعبور الحدود المشتركة والتوغل في الأراضي العراقية لتعقب المسلحين الأكراد المتمردين.. هل هذا قرار يحترم القانون الدولي والشرعية الدولية واستقلال دولة شقيقة مجاورة؟!
كنا ننتطر إجراء أفضل من ذلك لحكومة أردوغان.. إجراء يتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية الشرعية ويقدر الظروف الاستثنائية التي يعيشها أشقاؤنا في العراق ولا يعتدي علي سيادة أراضيهم ويشعرهم بضعفهم واستكانتهم.. أو يدفعهم للدخول في حرب لا مصلحة لاحد فيها مع جارتهم القوية التي تريد أن تلعب دورا إقليميا أكبر وأوسع مما هي عليه الان.
قالت صحيفة "اندبندنت" البريطانية في عددها الصادر أمس إن أردوغان يقوم بزيارة لمصر وليبيا وتونس في مهمة لزعامة العالم العربي سعيا لأن تصبح بلاده القوة المهيمنة علي الدول المسلمة في الشرق الاوسط.. وأضافت ان تركيا استفادت من "الربيع العربي" لأن الأوضاع الحالية تمهد لها الطريق لأن تملأ فراغ الزعامة في الوقت الذي أصبحت فيه دول مثل مصر وسوريا أضعف مما كانت عليه قبل اندلاع الثورات الشعبية كما أن العراق لم يتعاف حتي الان منذ سقوط صدام.
ونحن نقر بأن أردوغان قدم نموذجا ملهما لشعوبنا لكنه سوف يخطئ كثيرا جدا إذا تصور أن بإمكانه أن يفرض علينا زعامته وهيمنته أو حتي رؤاه ومفاهيمه.. فذلك تراث اندثر وانتهي مع بزوغ الربيع العربي.. ونحن الآن أمام واقع جديد تماما.. وجيل جديد تماما.. جيل لايبحث عن زعماء وزعامات.. وإنما يسعي لبناء نموذجه الخاص بنفسه.. ويصنع المستقبل الذي يناسبه بنفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.