شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    الصين تُبقي أسعار الفائدة دون تغيير للشهر السادس رغم مؤشرات التباطؤ    ترامب يوقع قانونًا لنشر ملفات جيفري إبستين.. ويعلن لقاءً مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب    حجبت الرؤية بشكل تام، تحذير عاجل من محافظة الجيزة للمواطنين بشأن الشبورة الكثيفة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالبارى عطوان: مبارك كان خادمًا مطيعًا لأمريكا
نشر في الوفد يوم 20 - 04 - 2011

للحوار مع عبدالبارى عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربى الصادرة فى لندن مذاق خاص، فهو فلسطينى المولد مصرى الهوى - وربما يعود هذا إلى جدته التى لها جذور مصرية -
ولا أعتقد أن هناك عربيًا أحبّ مصر كما أحبها عبدالبارى عطوان، كما أنه الداعم الأول لكل حركات المقاومة فى وطننا العربى والرجل الذى يقف دائما أمام المشاريع الغربية ضد أمتنا.
وفى حوار مع "بوابة الوفد" الإلكترونية قال إن مبارك لم يكن حليفا قويا في نظر أمريكا، وإنما كان خادما مطيعا، كما أنه لم يتوقع محاكمته هو ونجليه. وأشار إلى أن هناك ضغوطا خليجية وأمريكية لمنع محاكمة مبارك إلا أن الأخيرة توقفت عنها وتوقع أن أيام القضية الفلسطينية الوردية قادمة لا محالة، لأن سماسرة إسرائيل في مصر ذهبوا إلى غير رجعة ووصف مبارك بأنه كان (عراب السلام المغشوش) وأن الرئيس عباس يشعر باليتم حاليا من بعده .
وإلى نص الحوار :
- نبدأ من النهاية هل توقعت محاكمة الرئيس مبارك وحبسه وما تقديرك باعتبارك صحفيا كبيرا لحجم الضغوط العربية والدولية؟
* أعترف بأنني لم أتوقع أن يجري تقديم الرئيس حسني مبارك إلى المحاكمة، ولم أحلم يوما بأن أرى نجليه علاء وجمال خلف القضبان في زنزانة عادية مثل أي مجرم آخر. ولم أتصور مطلقا أن صفوت الشريف رجل كل العصور يخفي وجهه من عدسات المصورين وهو في طريقه إلى الاستجواب.
إنها لحظات تاريخية، امبراطورية الشر تنهار وتتداعى، ورموز الفساد يتساقطون الواحد تلو الآخر، السؤال الذي يحيرني هو عما إذا كان هؤلاء وهم يسرقون الملايين بل والمليارات من عرق الفقراء الكادحين المحرومين، قد فكروا بأنهم سينتهي بهم الحال إلى هذه النهاية المهينة.. الإجابة لا أعتقد ذلك فقد أعماهم الغرور والتسلط والعنجهية عن رؤية ما هو أبعد من قصورهم الفخمة.
نعم.. مصر الثورة مستهدفة، المؤامرات عليها كبيرة جدا، لأن هذه الثورة لن تغير مصر فقط وإنما المنطقة العربية بأسرها، لأنها ستعيد لمصر الريادة والقيادة والمكانة والدور.. ألم يتعهد ملك السعودية بدفع المليارات لإنقاذ حسني مبارك وحكمه، ألم يتشاجر مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأنه لم يفعل شيئا لإنقاذ حكمه؟
معظم دول الخليج كانت متمسكة بحكم مبارك ولا تريده أن ينهار، ومن الطبيعي ألا تشعر بالاطمئنان لزوال دولة الفساد، ووصول ممثلي الشعب إلى الحكم، أو في طريقهم إلى ذلك على الأقل.
- هل تتوقع وصول المحاكمات إلى إدانة حقيقية؟
* نعم أتوقع وصول محاكمات رموز العهد السابق إلى إدانة حقيقية، وقد أعجبني الأسلوب الحضاري القانوني في التعاطي مع رموز الفساد. لم أصدق أنني أرى حكم القانون يطبق في دولة عربية مثلما رأيته في مصر الثورة.. لا تشفٍ، لا تعسف ،لا إهانات.. لا محاكم عرفية أو أمن دولة، هذا شيء مشرف لا أرى له مثيلا إلا في الدول الديمقراطية الغربية.
مثول هؤلاء أمام المحكمة كمجرمين، وسجنهم في سجن طرة مثل عتاة الخارجين على القانون هو إدانة في حد ذاته.. أتصور معاناة جمال وعلاء مبارك وكل مليونيرات الفساد وهم يعيشون دون هواتف نقالة ومكيفات هواء، وصحف ومجلات وتليفزيونات التطبيل والتزمير.. والأهم من كل ذلك جوقة النفاق والمنافقين.. اللهم لا شماتة.
هل هناك معلومات عن ضغوط خليجية وأمريكية لعدم محاكمة مبارك أم الأحاديث الإعلامية في هذا الشأن غير صادقة؟
* ليس عندي أي معلومات عن ضغوط خارجية لمنع محاكمة الرئيس مبارك، لكن لا أستغرب مثل هذه الضغوط، والأمريكية والخليجية منها بشكل خاص، ولا أستبعدها.
معظم دول الخليج لا تعرف حكم القانون ولا القضاء المستقل في التعاطي مع المواطن العادي، فما أدراك برئيس دولة.. الرئيس مبارك كان تابعا للمملكة العربية السعودية لأكثر من ثلاثين عاما، ومخلصا في اتباع توجيهاتها، ولذلك من الطبيعي أن يحاولوا إنقاذه من أي إدانة أو حتى محاكمة.. أما أمريكا فدولة غربية تعرف متى تتدخل وأين؟، ولا بد أنها أدركت أن أي تدخل لها لوقف محاكمة مبارك لا فائدة ترجى منه ويدينها أمام شعبها قبل الشعب المصري، ولذلك هؤلاء أناس لا يتعاطفون مع الساقطين. يتعاطفون مع مصالحهم فقط، لا أخلاق عندهم ولا وفاء.
ولم يقفوا مطلقا مع عملائهم لحظة سقوطهم واسألوا شاه إيران وماركوس الفيلبين بل وحسني مبارك نفسه الذي تحدث في آخر أيامه عن مؤامرة أمريكية للإطاحة بنظامه.. سبحان مغير الأحوال.
- السعودية تدخلت واستقبلت زين العابدين الذي كان مؤيدا لصدام حسين وقت حرب الخليج فما دلالات ذلك؟
* السعودية تصرفت دائما كمكب للديكتاتوريات المخلوعة، ودعمت دائما الملوك والرؤساء المطاح بأنظمتهم ابتداءً من الملك فاروق وانتهاءً بملك اليونان، ومرورا بنواز شريف وعيدي أمين.. كل دولة لها دور.. ويبدو أن هذا الدور- أي استضافة المخلوعين وإكرام وفادتهم- هو دور انفردت به المملكة العربية السعودية فهنيئا لها بهم.
- ما الذي يمثله سقوط مبارك بالنسبة لمعسكر الاعتدال العربي أو ما تسميه معسكر "عرب أمريكا"؟
* سقوط نظام الرئيس مبارك هو سقوط لما يسمى بمنظومة عرب الاعتدال، أو عرب أمريكا على وجه الخصوص. هذا المعسكر كان يتعمد إذلال العرب وكسر روح المقاومة والكرامة في صفوفهم، مرة تحت ذريعة تحرير الكويت، ومرة أخرى تحت ذريعة محاربة إيران. لم يحاربوا إسرائيل مطلقا، وهم الذين تقدموا بكل مبادرات السلام التي تعترف باغتصابها للحق العربي. أطاحوا بنظام صدام حسين لأنه يعادي اسرائيل، ولأن اسرائيل وأنصارها هم الذين وضعوا خطة احتلال العراق وخططوا لها من خلال السيطرة على نظام الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
وأول بيان صدر، ونشر في الصحف الأمريكية، يحرض على الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين وقّعه أنصار اسرائيل عام 1998 مثل بول وولفويتز، ريتشارد بيرل، برنارد لويس، وجون بولتون وغيرهم وهم زعماء جماعة المحافظين الجدد وأعضاء في اللوبي الصهيوني.
- لماذا تعاملت أمريكا مع مبارك بهذه الصورة المشينة ؟ وكيف تخلوا عن حليف قوي بهذه الصورة؟
* لا أستغرب تعاطي أمريكا مع الرئيس مبارك بهذه الطريقة المشينة، فأمريكا تتعامل مع عملائها مثل تعاملها مع أي مناديل مستخدمة، تمسح بهم قاذوراتها، ثم ترميهم عندما تعتقد أن دورهم انتهى، ولم تعد هناك أي فائدة ترجى منهم. والرئيس مبارك ليس استثناءً.. تاريخ أمريكا حافل بالأمثلة في هذا الإطار. شاه ايران، ماركوس الفيلبين، نورييغا بنما، المجاهدون الأفغان ونظامهم في أفغانستان، جنرال باكستان ضياء الحق والقائمة تطول.
الرئيس مبارك لم يكن حليفا قويا في نظر أمريكا، وإنما كان خادما مطيعا، استمرأ المذلة لنفسه وشعبه، وقبل مساعدات أمريكية بشروط مهينة، وفارق بيع الغاز المصري لإسرائيل بين السعر المباع وسعر السوق، يبلغ ضعف قيمة المساعدات الأمريكية. أمريكا كانت تعرف فساده وفساد بطانته، فأموال الرئيس مبارك وأولاده المسروقة في بنوكها وبنوك حلفائها، واللصوص مصاصو دماء شعوبهم دائما ضعفاء محتقرون في نظر أمريكا.
- ما الذي تتوقعه لمستقبل مصر بعد الثورة ؟ وما الذي تتمنى أن تقوم به بالنسبة للقضية الفلسطينية؟
* أتوقع أن تصبح مصر دولة إقليمية عظمى بعد الثورة، أراها قوية منيعة ربما تتفوق على تركيا والهند وكنمر اقتصادي، إذا سارت الأمور في الاتجاه الصحيح، وأعتقد انها ستكون كذلك.
الكرامة هي التي تصنع القوى العظمى، وحكم القانون هو الذي يعززها. الثورة أعادت لمصر كرامتها، وأنهت حقبة الإذلال والفساد. الثورات الشبابية غالبا ما تصنع دولا قوية، وتؤسس لمجتمعات تقوم على العدالة والحرية تشجع الإبداع والنمو والمنافسة.
مصر تملك كل جينات العظمة والقوة، الشباب، الثروات، الابتكار، التاريخ، الجغرافيا، وما ينقصها القيادة النظيفة ذات الرؤية الوطنية، وإطلاق الحريات والعدالة الاجتماعية.. مصر بحاجة إلى إدارة جيدة، وحكم رشيد، وشباب الثورة هم بوليصة التأمين لمستقبل مشرق لمصر.
نهوض مصر هو نهوض للعرب جميعا، بل ولكل المظلومين في العالم الثالث. مصر هي الرافعة والقاطرة للعرب جميعا، وعندما تقوى مصر وتستعيد مكانتها ودورها، ستعود للفلسطينيين حقوقهم كاملة غير منقوصة.
السنوات الثلاثون من حكم مبارك هي سنوات عجاف بالنسبة لمصر والعرب جميعا. الآن بدأت السنوات السمان ولهذا ترتعد اسرائيل، وترتبك أمريكا، أيام القضية الفلسطينية الوردية قادمة لا محالة.. سماسرة اسرائيل في مصر ذهبوا إلى غير رجعة، وبدأنا نرى الوجه المشرق الوطني لمصر التي نعرفها ونحبها.
أيهم أفضل لمصر رئيسا البرادعي أم عمرو موسى؟
* أترك اختيار الرئيس المصري القادم للشعب المصري، وأنا أثق بهذا الشعب وأحترمه وأحبه، فمن فجر هذه الثورة المباركة وقادها إلى النتائج والإنجازات المشرفة التي نراها حاليا قادر على اختيار الشخص المناسب لقيادته.
أتمنى أن أرى رئيسا شابا لمصر، رئيسا من قلب ميدان التحرير. أوباما في الأربعين من عمره، وكذلك ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، والشيء نفسه ينطبق على بوتين وميدفيدف في روسيا. ولا ننسى أن اردوغان تولى رئاسة الوزارة وهو في الأربعين ايضا. جميع هؤلاء حققوا المعجزات لبلدانهم، ونهضوا بها لأنهم في ريعان الشباب وقمة العطاء. فلماذا لا نعطي الشباب فرصة القيادة في مصر مع احترامي الشديد لحكمة الشيوخ.
ترشيح مصطفى الفقي لأمانة الجامعة العربية كيف تراه ؟
* كنت وسأظل دائماً من المؤيدين لحصر منصب أمين عام الجامعة العربية في مصر، لأن مصر هي قلب الأمة، وهي القائدة، ولم أتخل عن موقفي هذا حتى في ذروة معارضتي لنظام الرئيس مبارك. الآن يتعزز رأيي هذا بعد سقوط هذا النظام بعد نجاح ثورة ميدان التحرير المباركة.
يؤسفني أن أقول إن فترة تولي السيد عمرو موسى رئاسة الجامعة كانت من أسوأ الفترات. فلم نشاهد إصلاحاً فيها، ولم يتم تفعيل مكاتبها. فقط تصريحات بهلوانية. لا يوجد قرار واحد ناجح اتخذته الجامعة العربية..
نحتوا منصباً اسمه المفوض السياسي وجاءوا بالسيد طاهر المصري رئيس وزراء الأردن فماذا كانت النتيجة صفراً، جعلوا من السيدة حنان عشراوي مفوضة للإعلام ماذا حدث هربت بجلدها. خرجوا علينا بالبرلمان العربي، فجمعوا ممثلي الديكتاتوريات لإصدار بيانات هزيلة وخطب خشبية.
أعرف جيداً الحجج والذرائع مثل ضعف الإمكانيات ونقص الميزانية، والانقسام العربي.. كله كلام فارغ، ما دخل هذا بمكاتب في أوروبا لا تعمل، وموظفين لا يفعلون شيئاً ويحصلون على رواتب وبدلات عالية.
أمين عام الجامعة يجب أن يكون شاباً طموحاً نزيهاً لم يتعاط مع أنظمة الفساد والقمع.. أمين عام يأتينا بدماء جديدة ويحقق الإصلاح، ويقود المؤسسة إدارياً ولا يتورع عن تقديم استقالته إذا أدرك أن هناك معوقات.. ويصارح الشعب العربي بالحقيقة دون خوف أو خجل. هل تتوفر هذه المواصفات في الدكتور مصطفى الفقي لا أعتقد.. نحن نعيش مرحلة جديدة مختلفة ومشرقة، ونحتاج إلى رجال يرتقون إلى مستواها، ويجسدون طموحات شبابها وتضحيات شهدائها. ولا يعرف قيمة الثورة ولا يحقق أهدافها إلا أبناؤها الشباب.
كنت واحدا من الإعلاميين الذين يقفون مع معسكر الممانعة العربية فهل انحيازك اليوم للثورة السورية تحيز مع الديمقراطية أم تغير عن موقف مساند لمعسكر الممانعة أم تغير لموقفك نحو سورية أم نحو الأسد ؟
* ما زلت أنحاز إلى معسكر الممانعة، ولكن إذا سألتني هل أنت مع الحرية أم الظلم، هل أنت مع الديمقراطية أم الديكتاتورية، هل أنت مع الشعار أم مع التطبيق العملي.. أقول لك أنا مع الحرية مع الديمقراطية مع المساواة.
يجب أن تحرر شعوبنا حتى نستطيع تحرير فلسطين. الجيوش التي تمثل الديمقراطيات هي الأكثر فرصة للانتصار على الأعداء. الأنظمة القمعية التي تضطهد شعوبها لا تستحق الدعم، ولا يجب التستر عليها.
أيدت الممانعة لأنها أقل سوءاً من أنظمة الاعتدال المرتمية تحت أقدام امريكا، التي خاضت كل حروبها، ونفذت مخططاتها، دمرت العراق وأيدت احتلاله، واستجدت السلام مع اسرائيل، وأيدت حرب الإبادة في غزة ولبنان.
أقولها صراحة، لا أمانع مطلقاً بوضع قضية تحرير فلسطين جانباً، وإعطاء الأولوية لتحرير الشعوب العربية من الديكتاتوريات والقمع. انتظرنا ستين عاماً ولم تقدم الديكتاتوريات غير القمع والفساد وإذلال المواطن ولم تحرر فلسطين، ومستعدون للانتظار عشر سنوات أو حتى عشرين حتى يكتمل بناء المؤسسات الديمقراطية ودول القانون والعدالة في بلداننا، وبعدها أنا متأكد أن كل فلسطين ستتحرر، وليس الضفة والقطاع فقط، ولن يكون هناك مكان لدولة عنصرية اسمها اسرائيل.
لماذا كان النظام السورى يمنع "القدس العربي" من الدخول إلى سورية في وقت كانت فيه أكثر الصحف تأييدا لمعسكر الممانعة العربي الذي تقوده سورية؟
* منعنا من دخول دولتين، سورية ومصر، والسبب هو حديثنا عن التوريث في البلدين ومعارضتنا له. وقد دعيت أكثر من مرة إلى سورية لإلقاء محاضرات أو للمشاركة في ندوات، ولكني اعتذرت عن عدم الذهاب رغم أننا كنا وما زلنا مع خط الممانعة، فكيف أذهب إلى زيارة بلد يفرض حظراً على دخول جريدتي وموقعها على الانترنت؟
نحن لدينا كرامة مهنية وكرامة شخصية.
هل تتوقع ثورة في السعودية ؟
* نعم أتوقع ثورة في السعودية، فهي واحدة من أكثر الدول العربية فساداً إن لم تكن أكثرها، ولا توجد فيها حريات، ولا انتخابات برلمانية ولا شفافية ولا محاسبة، ونسبة البطالة في أوساط شبابها تزيد على عشرين في المائة، والاسرة الحاكمة تسيطر على كل المناصب تقريباً وتحتكر معظم قطاع الاعمال، وفيها فقر، وقد فوجئت شخصياً بوجود مدن صفيح لفقراء سعوديين حول مدينة الرياض، والشعب السعودي في رأيي يستحق الاصلاح والمشاركة على أوسع نطاق في ادارة شئون بلاده ومستقبلها.
أي الدول العربية التي تتمنى أن تحدث فيها الثورة ؟
* أتمنى الثورة في فلسطين ضد السلطة في رام الله على وجه الخصوص، ثورة تعيد القضية الفلسطينية إلى ثوابتها ومقاومة الاحتلال على وجه الخصوص.
فهناك فساد وغياب كامل للمؤسسات المنتخبة، واعتقالات وتعذيب، فمن العيب أن يتحكم بمصير الشعب الفلسطيني ومستقبله رئيس انتهت ولايته وثلاثة محيطون به غير منتخبين. السلطة لا تملك تفويضاً من الشعب الفلسطيني للدخول في مفاوضات وتقديم تنازلات استراتيجية، في مواضيع مثل حق العودة والقدس المحتلة والمستوطنات.
أيضاً أتمنى إصلاحاً في أوساط سلطة حماس في قطاع غزة، فهناك مصادرة للرأي الآخر، وخاصة أبناء تنظيم "فتح"، وفرض أيديولوجية واحدة على أبناء القطاع، وأسمع روايات عن قصص فساد ولكن بدرجة اقل، ولكنني أتعاطف مع المقاومة الإسلامية وأغفر لها بعض الأخطاء بسبب الحصار العربي والاسرائيلي المفروض عليها.
كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الاسرائيلية بعد مبارك ؟
*أعتقد أن العلاقة المصرية الاسرائيلية ستشهد عملية تصحيح جذرية بعد اندلاع الثورة المصرية، بمعنى أن مصر لم تعد تابعاً، ونظامها لم يعد خائفاً، مثلما كان عليه الحال في السابق. اتفاقات الغاز ستستمر في حالة مراجعة، وكذلك الدور المصري في حماية الحدود الاسرائيلية من المهاجرين الافارقة بالمجان. كما أنني لا أتوقع مشاركة مصرية في الحصار على قطاع غزة، فالقطاع يشكل امتداداً طبيعياً لأمن مصر القومي، وأبناء القطاع الأقرب ثقافياً واجتماعياً وسياسياً للشعب المصري. ونصف أبناء القطاع، أما متزوجون من مصريات، أو ابناؤه من أمهات مصريات، وأنا شخصياً جدتي تتحدر من أصول مصرية.
اتفاقات كامب ديفيد ستشهد إعادة نظر أيضا، وكذلك السماح للإسرائيليين بدخول منتجعات مصر دون تأشيرة، مصر الجديدة ستفرض هيبتها وكلمتها على اسرائيل.
الرئيس مبارك أضر بمصر ومكانتها، وقدم تنازلات كبيرة للاسرائيليين خوفاً منهم. أذكر لك قصة، وزير خارجية عربي قال إن الرئيس مبارك أبلغه شخصياً بأنه إذا أراد شيئاً من أمريكا فإنه لا يذهب إلى الادارة الامريكية وإنما إلى شارون وفي اليوم التالي تنفذ له أمريكا كل طلباته.
ما هو وضع أبومازن بعد مبارك؟
* وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد ذهاب الرئيس مبارك سيكون صعبا جدا، لأن الرئيس مبارك (عراب السلام المغشوش) كان الداعم الوحيد له تقريبا، الرئيس عباس يشعر باليتم حاليا بعد رحيل مبارك، ولم يعد يجد السند والدعم، ومبادرة السلام التي راهن عليها ماتت كليا بعد بناء أول وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية.
لا نعتقد أن النظام العسكري الجديد سيدعم عباس بالطريقة التي كان يدعمه فيها مبارك، ولابد ان حركة "حماس" أدركت هذه المسألة وهذا ما يفسر تباطؤها بشأن المصالحة، واستقباله في غزة.
هل تعتبر الثورات العربية ضمن مخطط الفوضى الخلاقة الامريكي ؟
* الثورات العربية في معظمها ثورات عفوية وطنية اصيلة جاءت كرد فعل على القهر والفساد، وقد فاجأت أمريكا قبل أن تفاجئ الديكتاتوريات العربية.
الثورتان المصرية والتونسية لهما خصوصيتهما باعتبارهما ثورات سلمية، والشيء نفسه يقال عن الثورة اليمنية، أما الثورة الليبية فقد انحرفت عن المسار عندما انقلبت إلى تمرد مسلح، والاستعانة بقوات الناتو مع تسليمي بأن نظام القذافي دموي مجرم فاسد لا يستحق البقاء يوما واحدا في ليبيا.
الثورة المصرية هي بيضة القبان وهي التي ستصحح المسار، وتعيد الثورات العربية الحالية والقادمة بإذن الله إلى الطريق الصحيح، وأحمد الله أنها نجحت وانتصرت، وقاومت كل الضغوط العربية والأجنبية.
هل تتحول مصر إلى النموذج التركى الإسلامى العصرى أم ستتحول إلى نظام آخر وما طبيعته؟
* لا أعتقد أن مصر ستتبع النموذج التركي، وإنما ستبلور نظامها الخاص بها، مع إنني من المعجبين جداً بالنموذج التركي. مصر دولة رائدة وقائدة، وثورتها الشبابية غير مسبوقة، وأعتقد أن نظامها المقبل سيكون عربياً إسلامياً ليبرالياً بنكهة مصرية. ولا أستبعد ان يستفيد قادة مصر الجدد من التجرية التركية، أو تجربة النمور الآسيوية مثل ماليزيا واندونيسيا. كل ما أتوقعه أن النظام المصري المقبل سيضع كرامة مصر ومصلحتها فوق كل اعتبار، وسيطلق العنان للإبداع في كل المجالات، وسيقود مصر إلى مكانة متميزة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.. هذه ليست مجرد تمنيات، وإن كنت منحازاً لمصر وشعبها، وإنما هي الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.