دائما ما كان يقلقني تشكيل اللجان لدراسة أي مشروع أو قضية، فقد كان التعبير الشائع في عصور مضت: إذا أردت وأد أو قتل أي موضوع فقم بتشكيل اللجان لدراسته، ولذلك عندما أصدر رئيس الوزراء قراره بتشكيل لجنة لتطوير الإعلام، دار هذا المفهوم في رأسي وبدأ الشك ينتابني، وتزامن مع ذلك ما طرحه البعض على صفحاتهم الشخصية من تساؤلات تبدو مشروعة مثل: أن اللجنة تم تشكيلها من قبل الحكومة، وأن وسائل الإعلام يجب أن تبقى على يسار السلطة. وقد وجدت ضالتي التي أنارت لي الطريق وبددت ما كان يدور بداخلى من محاوف عندما كتبت الأستاذة الكبيرة سناء البيسي مقالها في الأهرام، تحت عنوان السلطة الرابعة، تناولت فيه تطوير الإعلام من موقعها كعضو في اللجنة، أجابت فيه على كثير من الأسئلة المشروعة التى دارت في ذهني، بل وفي أذهان الكثيرين من المشتغلين في مجال الإعلام، ولعل أهمها أن نسبة كبيرة من أعضاء اللجنة من المخضرمين، مؤكدة أن همهم طرح حلول جذرية لمشاكل الإعلام عجزوا هم عن تحقيقها أو الوصول إليها. وقد وضعت البيسي يدها بمهارة على لب المشكلة، وهى أن أبرز التحديات التي تواجه الصحافة الورقية اقتصادية مثل أسعار الورق والأحبار وإشكالية التوزيع مما يعجِّز الوصول إلى جميع المحافظات خاصة في فترة الصيف، وأضافت: قل مثل هذا وأكثر منه، ولكن لا تتكلم أبدًا عن انحسار القراءة، فالإقبال المتزايد على معرض الكتاب عاما بعد عام يعد شهادة للإعلام الورقى وللكلمة المكتوبة. وإذا كان البعض يراهن على انحسار الصحف الورقية، بل ويظن أن صناعة الصحف أصبحت تندثر كصناعة الطرابيش، فإن البيسى تؤكد أن بقاءها مرهون بما تقدمه للقارئ مع الوضع فى الاعتبار بأن الصحافة الحرة ستبقى دومًا هى السلطة الرابعة ورمانة الميزان التى تكشف الفساد وتصحح الانحراف وتنقل بنزاهة وشفافية وحياد نبض الشارع لصاحب القرار، وأن دعمها وإسقاط ديونها التى لا ذنب لصُنّاعها فيها لن يكلف أكثر من تحويل جزء من أى منحة خارجية لها، خاصة التى تظل مجمدة لا تجد سبيلا لإنفاقها بعدما تبددت الحاجة إليها.