أكد الخبراء السياسيون وخبراء القانون وأساتذة العلوم السياسية أن تنفيذ اقتراح المستشار بهاء أبوشقة رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب بإنشاء وزارة لمكافحة الفساد سوف يقلل من دور الأجهزة والمؤسسات الرقابية القائمة بالفعل والتي تقوم بدور كبير ونشاط مستمر في كشف الفساد مشيرين إلي أن أكبر دليل علي حيوية هذا الدور هو ضبط العديد من قضايا الفساد وسقوط الكثير من الفاسدين في الآونة الأخيرة. طالبوا بمنح الأجهزة الرقابية الموجودة مزيدا من الصلاحيات والدعم بدلا من إنشاء وزارة جديدة حتي لا تكون النتيجة عكسية. مشيرين إلي أهمية التدريب للكوادر المختلفة وتأهيلها تأهيلا جيدا. وتعديل المادة 17 من قانون العقوبات بحيث تصل العقوبة للمؤبد. قالوا إن تحميل الدولة أعباء جديدة بإنشاء وزارة جديدة في الوقت الذي تتجه فيه الدولة للتقشف أمر لا معني له مشيرين إلي أن الدولة المتقدمة يقاس تقدمها بقلة عدد وزاراتها وموظفيها. علاء عبدالمنعم المحامي وعضو مجلس النواب يري أنه قبل أن نطالب بأجهزة رقابية جديدة تضيف أعباء جديدة علي الدولة لابد أن نفكر في تضافر الجهود والتنسيق بين الجهات لتفعيل دورها الرقابي لاجتثاث الفساد من جذوره ومحاربته بكل قوة مشيرا إلي أننا نحتاج إلي تنظيم العمل وتنسيق الجهود وتبادل المعلومات للوصول إلي أعلي معدلات النجاح في توجيه ضربات قاضية للفساد والمفسدين. طالب بدعم هيئة الرقابة الإدارية وتفعيل دور الجهاز المركزي للمحاسبات ومباحث الأموال العامة وغيرها من الأجهزة الرقابية مشيرا إلي أن دعم هذه الأجهزة يمكنها من القضاء علي أمراض الفساد المزمنة ولا جدوي من إنشاء وزارة جديدة. د. محمود كبيش أستاذ القانون الدستوري: لا جدوي من إنشاء وزارة جديدة لمكافحة الفساد وهناك أجهزة نشطة وقائمة بالفعل تقوم بالمهمة. مشيرا إلي أن إنشاء وزارة جديدة سوف يأتي بنتيجة عكسية للدور الذي تقوم به الأجهزة الرقابية التي تتحمل بالقانون مسئولية ملاحقة جرائم الأحوال العامة من تبديد واستيلاء ورشوة وتدليس وإهدار الأموال العامة. أضاف: اننا نشن حربا علي الفساد وهذا يتطلب المزيد من الجهود والمزيد من العمل الجاد والمخلص لتقوم الأجهزة الرقابية الراهنة بدورها بكل شرف ووطنية. أوضح علي أبو دولة النائب البرلماني وعضو لجنة حقوق الإنسان ان الدولة أدركت أن الحرب علي الفساد معركة مصير وحرب بقاء يواجهها المصريون وليس البرلمان أو الحكومة فقط مشيرا إلي أن القيادة السياسية حريصة كل الحرص علي القضاء علي الفساد من جذوره ومن هنا تقدمنا بطلب لتشكيل وزارة أو هيئة قومية تكون مهمتها مكافحة الفساد وتجفيف منابعه. فالفساد لا يقل جرما وبشاعة عما يفعله الإرهابيون في حق مصر والمصريين. * يقول د. محمد عبدالظاهر "أستاذ القانون المدني بجامعة بني سويف" ان مكافحة الفساد لا تحتاج إلي إنشاء كيان جديد خاص بها وتستطيع كل وزارة أو مؤسسة داخل الدولة إذا التزمت بعملها وطبقت القوانين كشف الكثير من قضايا الفساد ومحاربته والقضاء عليه.. موضحا أن الأهم من إنشاء وزارة للفساد هو تفعيل القوانين القائمة وتطبيقها علي الجميع دون استثناء. أضاف ان هناك أجهزة رقابية بالدولة تعمل ليل نهار للقضاء علي الفساد.. والأولي دعمها وتفعيل دورها بقوة والتنسيق فيما بينها لوأد الفساد في مهده. أضاف ان النقطة الأساسية والمهمة هي اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب والذي تتوافر فيه القدرة علي محاربة الفساد مع التمتع بالشفافية والأمانة. والسيرة الذاتية التي تؤهله ليتولي المنصب.. موضحا ان محاربة الفساد تأتي باختيار المسئولين الأكفاء عملا ونظافة يد. قال إن الكثير من القوانين في مصر معطلة ولا يتم تطبيقها ومنها قوانين لمحاربة الغش وقانون متعلق بالتسعيرة الجبرية. بالإضافة أن هناك بعض الأجهزة دورها معطل في مواجهة الفساد ومنها جهاز حماية المستهلك. أضاف ان الأهم في هذه المرحلة الحرجة هو تفعيل دور الأجهزة الرقابية.. متسائلا: أين دور وزارة التموين ومباحث التموين من ضبط الأسعار بالأسواق؟!.. مشيرا إلي أن تقاعس هذه الأجهزة أدي إلي فوضي في الأسعار. قال إن إنشاء وزارة جديدة يكلف الدولة الكثير من الالتزامات المادية وبدلا من تقليص أعداد الوزارات ودمجها نبحث عن زيادة الوزارات.. مشددا علي ضرورة التأني ودراسة المقترح دراسة جيدة.. ومؤكدا أن المشكلة ليست في إنشاء وزارة جديدة للفساد ولكن في كيفية اختيار العاملين بها والصفات التي يجب أن يتمتعوا بها بعيدا عن الاختيار بالوساطة والمحسوبية مع تحديد دورها بدقة وأهداف إنشائها مع التنسيق التام مع الأجهزة الرقابية الأخري أو دمجها في وزارة واحدة. يري د. محمد سليم "أستاذ القانون المدني جامعة مدينة السادات": انه لا يوجد ما يسمي بوزارة لمكافحة الفساد.. ولكن هناك أجهزة من شأنها محاربة الفساد.. والأجهزة الموجودة حاليا نشيطة وتقوم بعملها علي أكمل وجه.. وإذا تم تشكيل هذه الوزارة فلن تقدم دورًا أفضل مما تقدمه الآن الأجهزة الرقابية. ولكن جميعها أعمال تنفيذية لكن ضبط الخارجين سوف يترك للأجهزة الأخري مثل جهاز الأموال والرقابة علي المصنفات. أضاف ان مقاومة الفساد تحتاج لمتخصصين.. والرقابة الإدارية في الآونة الأخيرة نشيطة وعلي درجة عالية من اليقظة. وهذا الأمر ليس من فراغ ولكن نتيجة لأعمال مخطط لها مسبقا.. بالإضافة لجهاز مباحث الأموال العامة وما يحتويه من ضباط مؤهلين. أضاف: لابد من تشديد عقوبة الفساد لتصل إلي المؤبد وذلك بدون رأفة وبدون سلطة تقديرية. فالمادة 17 من قانون العقوبات تنص علي أن العقوبة قد تقل من مؤبد إلي مؤقت وهذا ما نحتاج إليه اليوم بضرورة مراجعة قوانين العقوبات التي تحد من السلطة التقديرية للمحكمة. أوضح أن حضارة الدول تقاس بتقدمها وتحضرها وليس بعدد الوزارات وقلتها وكثرتها. يقول د. عبدالرحمن عبدالعال "أستاذ العلوم السياسية بمركز القومي للبحوث الجنائية": كل التقدير للمستشار أبوشقة ولكن أختلف مع المقترح الخاص بإنشاء وزارة لمكافحة الفساد.. فهناك هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات ومباحث الأموال العامة وغيرها.. ودورها محاربة الفساد وضبط الفاسدين والمرتشين والمحتكرين ومراقبة حسابات الدولة موضحا أنه إذا تم دمج هذه الهيئات في وزارة واحدة فسوف يحد من استقلاليتها ودورها في مواجهة الفساد ولن يمنحها القدرة علي مكافحة الفساد. أضاف انه لابد من تعزيز الصلاحيات الخاصة بهذه الأجهزة والتوسع في دعمها بعدد كبير من المؤهلين وأصحاب الخبرة والتدريب المستمر. شدد علي ضرورة عدم الوقوع في فخ إنشاء وزارة جديدة للفساد مؤكدا أن أغلب الوزارات يغلب عليها الطابع البيروقراطي موضحا أن الوزارة الجديدة إذا تم الموافقة علي تشكيلها قد تخضع لنفس الأداء الروتيني بعيدا عن أفكار خارج الصندوق للقضاء علي الفساد مما يضعف أداءها. شدد علي ضرورة تقديم كامل الدعم للأجهزة الرقابية الكائنة حاليا مع رفع كافة القيود التي تعوق أداء دورها. يؤكد د. إكرام بدرالدين "أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة" انه لابد أن نعترف أولا بأن الفساد أصبح ظاهرة خطيرة في المجتمع لا تقل عن خطورة الإرهاب.. والمطلوب الآن مكافحة الإرهاب والفساد معا بالتوازي لأن الفساد يؤدي إلي خلل جسيم في أداء الوزارات والقطاعات والهيئات.. ناهيك عن آثاره الخطيرة علي الناحية الاقتصادية.. كما انه يتسبب في إهدار المال العام مما قد يؤدي إلي توقف مشروعات التنمية.. ولذلك لابد من مواجهة حاسمة مع الفساد. أضاف: قد يكون تشكيل وزارة لمكافحة الفساد هو أحد أشكال مواجهة الفساد ولكن يجب أن نعترف أن هناك نقصا تشريعيا أو فراغًا تشريعيًا لمواجهة الفساد الإداري أو فساد الأحزاب والإعلام.. موضحا أن كل مستويات الفساد لابد من مواجهتها.. وللأسف هناك الكثير من القوانين غير المفعلة.. وإذا تم تفعيلها سوف تتغير الخريطة الإدارية في مصر. أوضح أن هناك تجارب للدول في مواجهة الفساد لكن لا توجد وزارة لمكافحة الفساد.. ولكن أجهزة وهيئات قومية لمواجهته.. موضحا أن هذه الأجهزة والهيئات لها الكثير من القوة والسلطة.. فليس هناك ما يمنع من تشكيل هيئة أو مجلس أعلي لمكافحة الفساد وليس وزارة مستقلة مع ضرورة توحيد الجهود للقضاء علي أي شكل من أشكال الفساد.