غياب الدولة عن الإنتاج الدرامي "كارثة" تهدد الدراما المصرية بعد إعلان قطاعاتها المختلفة الابتعاد عن الإنتاج الذاتي لعدم توافر ميزانية لهذه الأعمال والاقتصار علي المشاركة فقط. في الوقت الذي أعلنت فيه شركات الإنتاج الخاص عن أعمالها الدرامية لماراثون رمضان لهذا العام. في مدينة الإنتاج الإعلامي أعلن رئيسها أسامة هيكل تعرض المدينة لخسائر من الإنتاج الدرامي خلال السنوات الماضية وهو ما سيدفعها للعام الثاني علي التوالي الابتعاد عن الإنتاج الذاتي والاكتفاء بالمشاركة الإنتاجية بشرط أن يكون العمل مسوقا لتجنب أي خسائر أخري. فضلاً عن سعي المدينة إلي توقيع بروتوكولات مع المنتجين لتسويق مناطق التصوير المفتوحة والاستديوهات بعدما هجرتها القنوات التليفزيونية. قال محمد رضا رئيس قطاع الإنتاج بالمدينة: بعد تعرض سوق الإنتاج الدرامي لخسائر لارتفاع أجور النجوم والمخرجين الذين تسببوا في ارتفاع الميزانية. فالمدينة هذا العام خارج الإنتاج الذاتي. والاكتفاء فقط بالمشاركة الإنتاجية من خلال اللجنة العليا للدراما التي تدرس هذه الأعمال ومن المقرر الإعلان عن الأعمال التي سوف نشارك بها فور انتهاء اللجنة خلال الشهر الحالي. مشيراً إلي أن مجلس إدارة المدينة برئاسة أسامة هيكل أصدر عدة توجيهات في هذا الشأن بعد المشاركة في أي عمل إلا إذا كان مسوقاً حتي لا نتعرض لخسائر. وأن يكون العمل هادفاً وله رسالة تخدم المجتمع. ولن ولم نشارك في عمل فكرة خارج الصندوق فضلاً عن الاهتمام هذا العام بتنمية الخدمات الأخري. أما بالنسبة لشركة صوت القاهرة مازالت بلا تمويل للإنتاج الدرامي وهذا ما أكده محمد العمري رئيس الشركة قائلاً بنبرة صوت حزينة: في ظل غياب مؤسسات الدولة صناعة الدراما في خطر وسوف تصبح القوي الناعمة المصرية مجرد ذكري. ونحن نسعي جاهدين لوضع خطط عديدة لأعمال علي مستوي عال جداً متكاملة العناصر. وللأسف الشديد تستوقفنا الميزانية. وعلي الرغم مما تمر به الشركة سوف نقدم الجزء الثاني من المسلسل الديني "قضاة عظماء" الذي يحارب الفكر المتطرف وحقق نجاحاً وتم تسويقه بشكل جيد بطولة الفنان كمال أبورية وعمرو عبدالجليل وأحمد ماهر وطارق الدسوقي وجمال عبدالناصر وعبدالرحمن أبوزهرة وغيرهم ومسلسل "الإسلام والمسلمون" الجزء الرابع والمسلسل الكارتوني الكوميدي "سمعة آخر حاجة" للكبار والصغار ونستعد لتقديم عمل كارتوني عن "السيرة الهلالية" ونتمني اللحاق بهذه الأعمال في رمضان. يضيف بالنسبة للأعمال الدرامية الاجتماعية مازلنا في مفاوضات للدخول في شراكة مع عمل اجتماعي يتم الإعلان عنه بعد الانتهاء منه ولا توجد أعمال اجتماعية من إنتاج الشركة. ونهدف إلي ان ننتج "بدل ما احنا قاعدين نتفرج". مشيراً إلي أن 4 أعمال للشركة إنجاز في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الشركة من ضرائب وتأمينات من عام 1994. فضلاً عن رواتب العاملين وهذا يرهق الشركة في ظل غياب دعم الدولة. شدد الفنان محمود الجندي علي سرعة تدخل الحكومة لإنقاذ الدراما المصرية من الانهيار وعودة الإنتاج الجاد المحترم وطالب ان يستعينوا بالأشخاص ذوي الخبرة الذين يعتمد عليهم ويتم وضع خطط مدروسة لاختيار الأعمال الجيدة والفنانين خاصة بعدما أصبحت المسألة بالنسبة للإنتاج الخاص مجرد اسم نجم تتحكم في اختياره شركات الدعاية التي يسوق من خلالها العمل ولا يهتمون بمضمون المسلسل لافتاً إلي أنه يفضل الصمت ولا يتحدث في هذا الشأن أكثر من ذلك حتي لا يجرح كلامه أحد. أما المخرج محمد فاضل فقال: غياب الدولة عن الإنتاج الدرامي تقصير واضح تجاه الفن باعتباره أحد أهم أركان القوي الناعمة التي تساهم في ترسيخ الاعتدال الفكري وتهذيب السلوكيات والأخلاق ومواجهة الابتذال الذي توغل وتوحش في أعمالنا الفنية مؤخراً بسبب زيادة سطوة الشركات الخاصة التي تعتمد علي تقديم أعمال أساسها العري والإثارة والابتعاد عن قيم مجتمعنا وسط انسحاب وتراجع كامل من جهات الدولة الإنتاجية. مضيفاً: في الماضي كان قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري يقدم أعمالاً مهمة. ولها ثقل كبير مثل ليالي الحلمية والمال والبنون والشهد والدموع. وغير ذلك من الأعمال لكن أين قطاعات الإنتاج الآن؟ الكاتب والسيناريست محمد أبوالعلا السلاموني قال: مسئولو قطاعات الإنتاج لابد أن يحاكموا. فصناعة الدراما انهارت تماماً معهم بسبب عدم وجود رؤية واضحة لهذه الصناعة الهامة. وعدم وجود قيادات أو إدارة متخصصة قادرة علي إحداث طفرة للدراما المصرية بعد فشل متواصل منذ سنوات لقطاعات إنتاج الدولة في الارتقاء بهذا الفن الراقي والذي يدخل كل بيت مصري وكان إحدي الركائز الأساسية لقوة مصر الناعمة في المنطقة العربية. مضيفاً: غياب إنتاج الدولة أثر بالسلب علي الدراما المصرية خاصة ان إنتاج القطاع الخاص يبحث دائماً عن الربح والإعلانات ولا يبحث عن المضمون الجيد أو الأعمال الجادة ولذلك أنا حزين للوضع الذي وصلت إليه صناعة الدراما ولابد من تحرك الدولة وأصحاب الشأن لإنقاذ ما يمكن انقاذه في هذه الصناعة. الفنانة ميرنا وليد: كانت لدينا آمال وطموحات للنظر في قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج وهم من أهم وأكبر وأعرق شركات الإنتاج وللأسف "ماتوا" ويجب علي الدولة دعم هذه الشركات بعدما أصبحت الدراما في انهيار بعد توقفها. بعكس الإنتاج الخاص ولاسيما وان حجم الاستديوهات والعمالة التي يمتلكها الإنتاج الحكومي المتوفرة لديه ليست موجودة بالإنتاج الخاص. موضحة أن الفن والسياحة هما كنز ومصدر قومي كبير لمصر. ومن ضمن مؤامرة ضد مصر قتل الفن وأن ينطفي نجومها. وفنها هو الشيء الذي يضيء ويبهر ويجذب السائح لها. ولكي نحارب تلك المؤامرة لابد من إعطاء تعليمات مباشرة بضخ أموال لقطاع الإنتاج مرة أخري وعودة الفن المصري حتي ينهض ويسيطر من جديد علي السوق الدرامي.