انفراد روسياوتركياوإيران بقيادة مسار تسوية سياسية في سوريا غير مريح ويمكن أن تكون له آثار سلبية علي سوريا نفسها وعلي العالم العربي من بعدها. ان معظم الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية انتهت بعد 5 سنوات من القتال إلي نتيجة واحدة وهي انه لا يوجد حل عسكري للأزمة ولا بديل عن التسوية السياسية. وهذا في حد ذاته أمر جيد خصوصا بعد أن أدركت المعارضة السورية المسلحة نفسها هذه الحقيقة وأصبحت جاهزة للتعامل معها. لكن هذا وحده لا يكفي. فالسؤال الأهم بعد ذلك هو: أي نوع من التسوية؟! وبمن؟! وما هو الثمن السياسي المطلوب فيها.. ومن الذي سيدفع؟! أما عن نوع التسوية فإن الشعب السوري الذي مات منه مئات الآلاف وأصيب وتشرد منه الملايين يستحق تسوية تحفظ له وحدته ووحدة أراضيه وكيان دولته وسيادتها علي أرضها. وهي كلها حقوق منصوص عليها في المرجعيات الدولية المتعلقة بالأزمة وهي الثمن الوحيد الذي تستحقه تضحيات السوريين.. وغير ذلك سيكون فيه إهدار لهذه التضحيات. لكننا عندما نصل إلي السؤال: بمن تتم هذه التسوية فإن قيادة المثلث الروسي التركي الايراني لجهود التسوية الآن تثير الكثير من الشكوك حول توفر الضمانات الكافية للوصول إلي نوع التسوية المطلوب. صحيح ان روسيا لها وجود سياسي وعسكري في سوريا بدعوة من قيادتها وباتفاق علي دورها.. لكن هل تركيا كذلك؟! إن تركيا لها أطماع إقليمية ليس في سوريا وحدها بل في المنطقة العربية كلها وهي تنازع سوريا تاريخيا علي اقليم الاسكندرونة مثلاً الذي تدعي انه جزء من الأراضي التركية. إيران وان كانت لا تنازع سوريا علي أرض إلا انه يعنيها أن تتحول سوريا كلها إلي دولة شيعية تعيش داخل العباءة الايرانية. والدولتان تركياوإيران تنتهجان سياسات معادية لأكبر قوتين في العالم العربي فتركيا تعادي مصر وإيران تحارب السعودية. وانفراد مثلث سورياوتركيا وايران بقيادة تسوية سياسية في سوريا في غياب صوت عربي واحد قوي سواء من خلال جامعة الدول العربية أو بتوافق مصري سعودي يفتح الباب أمام تعرض سوريا للتقسيم وتحويلها إلي مناطق نفوذ للدول الثلاث. وهذا خطر علي الأمن القومي المصري والسعودي والعربي جميعاً. ولا يهم هنا ان بقي الرئيس الأسد في قيادة سوريا أم رحل قبل التسوية أو بعد فترة من اقرارها لأن اختزال القضية في هذا البند يعصف بكل تضحيات الشعب السوري. لقد سبق للأمين العام لجامعة الدول العربية منذ اليوم الأول لتوليه منصبه أن استنكر تدويل القضايا والأزمات العربية وغياب العرب وجامعتهم عن جهود تسويات هذه القضايا والأزمات. وحان الوقت لتتحرك جامعة الدول العربية وأمينها العام للوصول إلي توافق عربي جماعي حول ضرورة الابقاء علي سوريا الدولة موحدة أرضا وشعبا وأن تطلب من أي أطراف تسعي للتسوية ضمانات رسمية وفعلية بذلك.