في سأم نفض عن جسده تلك الفيوض الآتية من ذاكرة جهنم. والتي تجعله يبدو ثقيلا علي غير عادته. وفي نفس الوقت خفيفا كزغب الدود. كي يتكوم فوق الأرض دون مراعاة لتلك العظام الهشة. خافتا بدا صوته رغم أنه فتّ عضده. وفرت ضلوعه فالتصقت بحيطان الدور ككومة من قنابل انفجرت تباعا عندما نفثت فيها ريح القوم الآتين من بعيد............ يا خسارة الجدعان!. كنت تفتح عينيك الدامعتين فتفر تلك الطيور الرابضة فوق حافتي الجفن لتحط في رقة الفراشات فوق الوجه. ذلك الذي يزداد التماعا أمام راكية النار. ذلك الوجه الذي لم يعتد إلا الضحك. وكنت تمرق في دروب المدينة النائمة في روث الغواية. حاملا تلك الأوردة المحشورة في جسدك المشروخ. وفي آخر الليل تغلق عينيك وتستسلم لكومة من السوس تمرح داخل شقوق جسدك. في الصباح. تتململ وأنت تحمل فوق ظهرك كل الشوارع المقلوبة. وبعد مائة زمن. وعندما تصل إلي قبرك. ذلك المشيد في لحم ذاكرتك. وتنبش داخله مبعثرا تلك الأحجار التي تسد فوهته الضيقة. تمد يدك عن آخرها. ثم تنقب علي مهل في دربكة الأعماق. وتخرج كل الوجوه النائمة. تلك التي كنا نلهو فوقها. ونرسم بالريش مدينتنا الطينية. تاركين حجورنا الملأي بالطيور ذات المناقير الطرية لتعشش داخل السحب الحالمة في وجه الطفل الذي يبحث عن دميته وسط عظام المدينة المبعثرة. نهمس: يابوووووي... لساه القلب مشرّخ فوق الحجر.. مخنوق.. بيفرفط م الوجع. وقبل الغروب تتوسد ذراع أبيك الممدة بإهمال جوار البيت. تسمع طنين الكلمات المنزوعة الريش تنط من وجهك. ذلك الذي يزداد التماعا أمام راكية النار. ناهيك عن رائحة الشواء المنبعثة من قدور المهزلة. إيه.. النعاج كثيرة. والسكاكين كحد الموسيّ. الرقاب مطواعة. والدماء كغفلة العاصي عن يوم القيامة. المكان ضيق والحمار رفاس.. رفاس.. رفاس. إيه......... الناس فوضي لا عصا لهم ولا عصا إذا جهالهم سادوا. وأنت.. أنت تعافر. تهش بعصاك تلك الغربان التي تقف تارة في ألق فوق قبة المسجد المجاور لبيتك. وتارة تنقر في وجهك.. ذلك الوجه الذي لم يعتد إلا الضحك.