لم تتوقع إسرائيل أن يكون رد فعل الشارع المصري علي أحداث الحدود بمثل هذا العنف والشدة. اسرائيل علي مدي ثلاثين عاما كانت ترتكب خروقات كثيرة من التعدي علي الحدود إلي ارسال جواسيس إلي سرطنة الطعام والأسمدة.. وكانت الدنيا "تهيص" والأصوات تعلو.. ثم سرعان ما تهدأ العاصفة ويعود كل شيء إلي أصله. هكذا عودنا اسرائيل علي رد فعل محدد منا في الملمات والتجاوزات والخروقات وغيرها.. وللأسف فإنه رد فعل لم يتغير حتي أصبح محفوظا عن ظهر قلب للقاصي والداني. لذلك.. كان غريبا علي اسرائيل أن تري شعب مصر بهذه الثورة بسبب أحداث الحدود وانه مصمم علي طرد السفير كبداية لمطالب أخري وأن تري أيضا حكومة مصر تصر علي أن تقدم اسرائيل اعتذارا رسميا وعلنياً عما حدث وأن تتعهد بعدم تكراره وتكون هناك تحقيقات مشتركة فيما جري. من المؤكد ان اسرائيل ليست مخطئة في سوء ظنها بنا.. لكننا نحن الذين أخطأنا عندما تهاونا بأنفسنا وتسامحنا في حقوقنا علي مدي ثلاثة عقود. ان المشهد الآن خليط من المعاني المفرحة والمحبطة والمقلقة: * أكثر ما أفرحنا وأثلج صدورنا مشهد الشاب الذي تسلق العمارة التي بها السفارة الاسرائيلية وانتزع علم اسرائيل وحرقه ووضع مكانه علم مصر.. لحظة لا يمكن أن تنسي أبدا.. ولعلها فأل خير وبداية لتصحيح وضع خاطئ بإذن الله. * صدور قرار بسحب سفيرنا في إسرائيل ثم التعتيم علي القرار ومحاولة سحبه من وسائل الاعلام ثم السكوت الغريب والمريب علي القرار حتي الآن.. خلق بلبلة بلا داع وأزمة بلا لزمة.. فالناس فرحت فعلا للقرار وقالت ان هناك تغييرا ثم أصابها الاحباط واليأس للموقف المتخاذل بعده وقالت "أحمد.. أخو الحاج أحمد".. مفيش فرق.. ومفيش فايدة.. يا خسارة. * كان يجب علي الخارجية أن ترفض استقبال القائم بأعمال السفارة الاسرائيلية الذي ادعي ان السفير يتسحاق ليفانون في اجازة.. السفير لا يعنينا في شيء وليته يظل في اجازة طويلة ومفتوحة هو وكل أفراد السفارة.. المهم عندنا أن تتحقق كل طلباتنا ولا يتكرر الحادث القذر. * أدانت قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات في سيناء اسرائيل في احداث الحدود قالت ان اسرائيل ارتكبت مخالفتين عند العلامة الدولية 79 وهما: اجتياز الشريط الحدودي وإطلاق النار علي أفراد الأمن المصريين داخل الأراضي المصرية.. وهذا ما جعل اسرائيل في موقف ضعيف جدا وفي أزمة حقيقية. * من الآن.. يجب أن تفكر اسرائيل جيدا قبل أن ترتكب أي حماقة أو تنطق بأية تفاهات. ان زمن "فنجرة الحنك" عندما هددوا بضرب السد العالي قد ولي وفات. وبالتالي فإن أي تلميحات بها شبهة تهديد باحتلال سيناء ستجعل كل شعب مصر يذهب لسيناء ويتصدي للعدو بالصدور عارية الناس لن تتحمل هذه السخافات ثانية. يا قادة اسرائيل.. احذروا.. صبرنا نفد.. الناس في قرارة نفسها تتمني إلغاء كامب ديفيد والكويز وقطع العلاقات وكل أشكال التطبيع.. فلا تدفعوهم إلي ضرب كرسي في كلوب الحياة.