يخطئ من يظن أن كل عمل أجهزة الاستخبارات سري, لأن السرية تعني في معناها المباشر أن.عملياتها تبدأ وتنتهي دون أن يشعر بها أحد.. وقد تسجلها وثائق سرية يتم الكشف عنها بعد عشرات السنين أما لو كانت تلك العمليات من نوعية اغتيال الموساد للقيادي الميداني في حماس محمود عبدالرءوف المبحوح تلك العملية الفاشلة التي جرت علي إسرائيل مشاكل وأزمات دبلوماسية مع أقرب أصدقائها وكانت حديث وسائل الإعلام العالمية لفترة طويلة جدا, التي عرفت من الشهرة والأضواء أكثر مما عرفت من السرية والكتمان وانفضحت كل العناصر التي اشتركت في تنفيذها, هنا يمكن اللجوء إلي خبير في العلاقات الدولية بحكم عمله الدبلوماسي وأيضا خبير في الشأن الإسرائيلي ليحدثنا عن الموساد بالتفصيل هو السفير حسن عيسي المدير السابق لإدارة إسرائيل في وزارة الخارجية والذي جاء كالتالي:* هل تؤيد وجهة النظر التي تقول باختراق الموساد لحماس بدليل قدرته علي اغتيال, أحد قياداتها في دبي( المبحوح) ولحزب الله بعد اغتيال عماد مغنية في دمشق؟ { اختراق الموساد لحماس وحزب الله في تقديري وارجو أن يكون خاطئا هدف رئيسي للموساد.. فأنا لو مسئول عن الموساد لاستهدفت كل الفصائل الفلسطينية( وهذا أمر غير قابل للنقاش) الأولولية الأولي وضع هذه الفصائل تحت الميكروسكوب والدليل كل حوادث الاغتيال التي تمت مع الفلسطينيين أمثال عبدالعزيز الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين والمبحوح وغيرهم. كلهم كان لهم نظام أمني لحمايتهم ومع ذلك تم اغتيالهم في أوقات محددة وفي أماكن محددة. يحيي عياش مثلا.. الفذ في اعداد السيارات المفخخة, جند الموساد أحد أقاربه الذي أعطاه تليفونه المحمول الشخصي ليكلم والدته وما أن أجري اتصالا بوالدته حتي انفجر فيه ولقي مصرعه في الحال.. أليس هذا اختراقا؟! والاستخبارات الإسرائيلية كانت موجودة في غزة من1967 وحتي خروجها ومازالت موجودة إلي الآن. والموساد موجود وسط الفلسطينيين شئنا أم أبينا أود أن أؤكد أن هناك قرية علي الحدود الإسرائيلية الفلسطينية تسمي بقرية( الدهنية) تلك القرية التي تضم كل العملاء الفلسطينيين الذين نجح الموساد في تجنيدهم وتم كشفهم, إسرائيل وفرت لهم هذه القرية ليحظوا فيها بالحماية وليعيشوا بعيدا عن ذويهم الذين يفترض أن يبادروا بقتلهم.. وأتصور أن هؤلاء العملاء تم نقلهم إلي مكان آخر أكثر أمنا في صحراء النقب. القاعدة تقول إنك إذا كشفت عميلا في دولة ما, يجب أن تكون متأكدا من وجود4 عملاء آخرين لم يتم اكتشافهم, ومن هذا المنطلق وبحسبة بسيطة يوجد ما بين2000 إلي2500 عميل فلسطيني يعملون لحساب الموساد وداخل المجموعات الفلسطينية, (الموساد) يتعين عليه اختراق المجموعات الفلسطينية فهذه طبيعة عمله وهذا واجبه. والمؤكد أنه ترك له عملاء في غزة والضفة ووسط الفصائل والمنظمات الفلسطينية.. وأي شخص ينكر ذلك يكون كمن يدفن رأسه في الرمل. الموضوعية تقتضي الاعتراف بوجود اختراق, وأيضا تقتضي مزيدا من الحرص والمتابعة واليقظة من جانب الفلسطينيين. الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس كان يتم نقله من بيت لبيت ولا يخرج إلا لصلاة الفجر, وكان هناك من يقومون علي تأمينه وحمايته. واستشهاده بالطريقة التي وقعت يؤكد أن هناك اختراقا أكيدا, فما كان يتسني اغتياله بهذه الطريقة حيث استهدفته طائرة إسرائيلية ووجهت صاروخا له في مكان محدد ووقت محدد إلا إذا كانت حماس مخترقة من أقرب المقربين من الشهيد أحمد ياسين. ومن قام بتحديد الهدف بهذه الدقة هو عميل يعمل لصالح الموساد. والمعارضة لهذا الكلام مجرد جدل. * من يستخدم من في إسرائيل؟ الموساد تستخدم المسئولين الإسرائيليين( سياسيين ودبلوماسيين) أم المؤسسة العسكرية والخارجية تستخدم الموساد؟ { الموساد في تقديري هو من يستخدم المؤسسات وهذا يرجع لوجود شبه كبير بين أنظمة الأمن الإسرائيلية والروسية وذلك لارتفاع عدد المهاجرين الروس في المجتمع الإسرائيلي وينعكس ذلك علي تكنيك المراقبة والتجنيد والعمل. ففي الاتحاد السوفييتي القديم والذي عملت فيه لفترة, كنت أقول أن الدولة تخدم الKGB وليس العكس, فالاستخبارات الروسية هي التي تعطي الأوامر وهي التي لها الأولوية. في إسرائيل ان لم يكن الوضع بهذا الشكل لوجود ديمقراطية يهودية عنصرية مقصورة علي اليهود فقط دون غيرهم لا تصل إلي هذا الحد, ولكن يقينا الموساد له وضعه الخاص ويعتمد علي جميع طبقات الشعب الإسرائيلي لا تتصور أن أي سائحين إسرائيليين جاءوا للسياحة بمن فيهم من يقومون بزيارة مصر لابد أن يكون بين السائحين عملاء يجمعون المعلومات ويراقبون ويتابعون. * في تصوركم.. إلي أي مدي يعتمد الموساد علي العنصر النسائي في عمله, وهل يقتصر دورهن علي( اغراء) العملاء فقط ليسهل التحكم بهم, أم أنه يسند إليهن أدوار أخطر من ذلك, وما دلالة هذا؟ وإلي أي مدي يمكن تفادي هذا العنصر؟ { الموساد كما ذكرت من عناصر قوته تعدد جنسيات المواطنين اليهود به الذين أصبحوا إسرائيليين, وبهذا يتم تجنيد يهود من أصول أوروبية وأمريكية وعربية وآسيوية وغيرها مما يثري العمل الاستخباراتي الإسرائيلي. العنصر الآخر من عناصر قوته أنه يعتمد علي العنصر النسائي إلي حد بعيد, ليس للاغراء فقط واستغلال الإمكانات الأنثوية لديهن, ولكنه يصل إلي أقصي طاقتهن لا سيما عندما يكن متميزات بدليل أن لينفي وهي ضابطة مخابرات سابقة اشتركت في عملية اغتيال في فرنسا وقامت باطلاق النار( علي حد علمي) من فوق دراجة نارية وهذا هو ما يشجع علي تجنيد الفتيات في الجيش الإسرائيلي. فلا توجد فتاة لم تمر علي الجيش ومنهن تسيبي ليفني, والجيش ينتقي من يتميز بالذكاء ويخرجهم من غطاء الدراسة إلي العمل المخابراتي. * كيف يبدو الموساد في عيون الإسرائيليين خاصة بعد الاخفاقات الأخيرة التي جلبت علي إسرائيل( العار) وأساءت إلي علاقاتها بكثير من أصدقائها مثلما حدث في عملية اغتيال المبحوح؟! { الشعب الإسرائيلي ينظر إلي عدة أجساد داخل المجتمع باحترام شديد, فالجيش الإسرائيلي أو جيش الاحتلال كما وصفه آقي شلاين في كتابه هو الجدار الحديدي الذي يحمي إسرائيل. .. والثانية تري الموساد هو أشد هذه المواضع شدة وقوة, يلي ذلك الاعلام الإسرائيلي. الخلاصة.. أن جيش الاحتلال والموساد والإعلام تعد الأركان الثلاثة التي يكن لها المواطن التبجيل والاحترام وبصفة خاصة الموساد حتي بعد هذه العملية الفاشلة في اغتيال المبحوح وهم لديهم آلية للتقييم ويتعلمون من أخطائهم, ويعترف الموساد بأنه يواجه بنكسة وفضيحة لأنه كشف بهذه الطريقة أمام العالم وبالذات الغرب, ولكنهم يعلمون أن الأمن كفيل بعلاجها, نظرا لأن الناس ينسون ولا يميلون للتذكير إلا إذا ذكرهم أحد.. ولكن الإسرائيليين بآلية المراجعة تلك لا يقعون في نفس الأخطاء بشكل متكرر. * لو كان من قام بتزوير جوازات السفر دولة أخري غير إسرائيل إيران مثلا أو فنزويلا أو أي دولة عربية هل كانت تلك الدول مررت الواقعة بنفس الطريقة أم كانت مثلا قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها بصورة نهائية وبحثت في إمكان فرض عقوبات دولية عليها؟ { هذا يجرنا طبعا إلي مقارنة وضع إسرائيل مع الدول الغربية بالمقارنة بوضع الدول العربية أو الدول المناوئة للغرب مثل إيران وفنزويلا, فوضع إسرائيل الخاص من منطلق اعتمادها علي الجاليات اليهودية الموجودة في تلك الدول والتي تشكل حماية وغطاء ووسيلة ضغط بشكل أو بآخر فضلا عن الضغط الأمريكي الذي يتحرك بالضغط الصهيوني في الولاياتالمتحدة يحقق لإسرائيل هذه الميزة في مثل تلك المواقف أما الدول العربية فهي عرضة للتشهير بها وبالإسلام وبغياب الديمقراطية والتخلف والوضع المتدني للمرأة وتفتح أبواب كثيرة إذا هي ارتكبت مارتكبته إسرائيل, ولو حدث لكان مصير علاقاتها علي الأقل قطع هذه العلاقات, ولو كان فيها مصالح لهذه الدولة الغربية وهم يقيمون هذه المصالح جيدا فسيكون رد الفعل أخف من منطلق ذلك فالغرب يعرف مصالحه جيدا وقد يتغاضي عن أي شيء في سبيل تحقيق تلك المصالح. * الولاياتالمتحدة سبق أن غضت الطرف عن تجسس الموساد علي بعض أسرارها العسكرية, وكذلك الأمر تكرر مع فرنسا, وتعدي الأمر إلي بيع أجزاء عسكرية متطورة لطرف ثالث لم تكن واشنطن ترغب في وصول تكنولوجيتها المتطورة إليه, ما تقييمكم لذلك؟! - الولاياتالمتحدة لاتخفي شيئا عن إسرائيل علي الإطلاق, ولديها قمر صناعي يكشف دول العالم أجمع إلا إسرائيل, حيث إن هناك اتفاقا علي ذلك. كما أن هناك علاقة مخابراتية وأمنية وعسكرية خاصة جدا بينها والغريب أن إسرائيل لا تكتف بذلك. ففي الوقت الذي تفتح الCiA والبنتاجون وFB1 أبوابها لكل طلبات إسرائيل, إسرائيل تطلب دائما المزيد وتسعي لمعرفة ما تحاول واشنطن أن تختص به وحدها, نعم الولاياتالمتحدة لديها مصالح قومية خاصة, ومع ذلك فهي لا تبخل علي إسرائيل أبدا ومع ذلك تواصل تجند جواسيس في الولاياتالمتحدة ولعل أشهرهم جوناتان بسولاردا وهي تحاول إخراجه من السجن بكل الطرق ولا أن شيوع هذه الفضيحة, وجعل الأمريكيين يشعرون بالخنق والغضب فقد دفع المسئولين لتشديد الاجراءات في حراسته. في المجتمع الأمريكي دفعت الرأي العام للاستياء. * في تقديركم.. هل يتناسب رد فعل بعض الدول التي زورت إسرائيل جوازات سفرها مع حجم الجرم الذي ارتكبه الموساد في حقها وهو الاكتفاء بطرد أحد دبلوماسييها من السفارة الإسرائيلية أم أنه كان من الواجب اتخاذ إجراءات أكثر شدة؟.. ووفقا للأعراف الدبلوماسية ما هو أقصي رد فعل يتخذ في مثل هذه الظروف؟ { كان علي هذه الدول أن تقطع علاقتها بتلك الدولة لو كانت غير إسرائيل بالطبع, وقد لا تصل لقطع العلاقات الدبلوماسية, ولكن يقينا كان سيترتب اتخاذ إجراءات أكثر تشددا من الناحية الأمنية مع المواطنين الإسرائيليين إن لم يكن لهدف أمني ولكن لاشعارها بمدي الجرم الذي ارتكبته في حقها, أما أن تمر المسألة مرور الكرام مثلما يحدث في أحيان كثيرة مع إسرائيل فذلك يعود إلي وضعية إسرائيل الخاصة جدا في العالم. * عملت قنصلا مصريا عاما في إيلات بإسرائيل لسنوات.. هل شعرت ولو للحظة أنك هدف للموساد وبالمضايقة أو بالرصد والمراقبة أو بمحاولة التأثير بصورة أو بأخري؟ { منذ أن وطئت قدمي إسرائيل وأنا أشعر بالمراقبة من كل ناحية ممن اتصلوا بي أو التفوا حولي إلي آخر ذلك وأيضا خلال تحركاتي, ولكن.. وسيلة المتابعة لم يكن فيها أي مضايقة, بالعكس كانوا حريصين علي عودتي إلي مصر راضيا ولدي انطباع جيد حتي في وقت الأزمات, فعندما قام سليمان خاطر الذي أطلق النار علي عائلات إسرائيلية وقتل عددا منهم بينهم أطفال علي الحدود تأزمت العلاقات وحتي خلال هذه الفترة لم اتعرض لتوتر أو لضغط من أي نوع, فالسيطرة والمراقبة والمتابعة كانت قائمة. وكنت أفتح القنصلية من بابها وشباكها لابعاد الشبهات وهذا أدي إلي التراخي في المراقبة. لأن كل شئ في القنصلية كان واضحا مع الحفاظ علي سرية المستندات والاتصالات, فالمستندات كلها في خزينة حديدية وخزينه عليها حارس لا يفارقها أبدا والكلام في التليفون كان يتم بتحفظ لايكشف أي أسرار تتعلق بالقنصلية. * إسرائيل دولة عسكرية, لكل مواطن فيها دور عسكري ووظيفة مدنية لطبيعة تكوينها خلافا لباقي الدول, هذا الخلط بين المدني والعسكري هل ينعكس علي الوظائف الاستخباراتية بها مع العمل الدبلوماسي؟ بمعني هل يستغل الموساد وزارة الخارجية ا لإسرائيلية كساتر لأعماله.. وإلي أي مدي؟! { الموساد بالطبع بلا أدني شك يستغل وزارة الخارجية كساتر لأعماله.. وهو يدفع بعناصره للعمل في الخارج تحت ساتر دبلوماسي ويعطيه درجة دبلوماسية لتمكينه من العمل. والأهم من هذا الغطاء الدبلوماسي هو تعدد جنسيات ضباطه, لأن إسرائيل دولة هجرة من80 جنسية من كل دول العالم, وهذا يمنحها فرصة لتوظيف كل منهم في مجال وطنه الأصلي فاليهود من أصول مصرية يتم دفعهم بحرية تحت ساتر سياحي ودبلوماسي ويتحركون بسهولة داخل مصر لجمع المعلومات والمشاهدة, وهم يجدون صعوبة في ذلك ليقظة المخابرات المصرية, أما مسألة ازدواج الادوار فليعلم القارئ أن المجتمع الاسرائيلي كله مجيش, كله معسكر حتي البنات الاسرائيليات إلا إذا تزوجت الفتاة ورفضت التجنيد, فالجيش بالنسبة لهم هو المدرسة والجماعة التي فيها التقاء العقليات المتميزة يدفعون بها للعمل المخابراتي وهو محطة تقبل المجندين بعد الثانوية بالمجتمع الإسرائيلي عبارة عن جيش أو معسكر.. ولهذا فإني اعترض دائما علي من يتحدثون عن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية, لأن إسرائيل كلها ببساطة عبارة عن تلك المؤسسة العسكرية ولا وجود لدولة بالمفهوم المعروف لنا وللعالم. ** يتردد أن آلاف المصريين يجدون طريقهم للعمل والزواج في إسرائيل بما يعني إمكان تجنيد بعضهم للعمل ضد المصالح المصرية لحساب الموساد.. فاحدي خطورة ذلك علي الأمن القومي المصري؟! وما السبيل إلي منع وقوعه؟! - أولا.. لا أعتقد أن الاعداد التي تذهب إلي إسرائيل لهذا الغرض تصل لهذه الأرقام وهم بالقطع أقل ومن ذلك بكثير. وحتي من يتزوج منهم بإسرائيلية هم في حقيقة الأمر يتزوج بفلسطينية من فلسطينيي1948 ولا يتزوج إسرائيلية يهودية. أما أن يكون عرضة للتنجيد فهذا وارد ليس في إسرائيل فحسب ولكن في أي مكان يذهب للعمل به والزواج في أي مكان في العالم. فالموساد أو أي جهاز استخبارات آخر لن ينتظر المصريين حتي يصلوا إلي إسرائيل ليجندهم.. وهذا يمكن أن يتم في أي بلد, وهو أمر ليس مقصورا علي المصريين وحدهم. ** ما هو دور الخارجية المصرية في توعية الشباب بمخاطر العمل في إسرائيل؟ وهو توافق أصلا علي عملهم هناك؟ وهل هناك إمكان لتجنيبهم خطر العمالة؟ - الخارجية المصرية ليست وصية علي المصري الذي يسافر إلي إسرائيل أو إلي أي مكان ولكنها تطلب منه تسجيل اسمه في القنصلية لدي وصوله وفي هذه الحالة تظل علي اتصال به, ونكون قادرين علي متابعته ورعاية مصالحه, والوزارة تعمل علي توعية المواطنين بالمناطق التي بها حروب, ولكن ليس من مسئوليتها توعية الشباب المصري الذي يقرر السفر لإسرائيل علي وجه الخصوص. وهذه التوعية يجب أن تتم في مصر وقبل السفر, وليس بعد وصول الشاب إلي هناك, وهذه ليست مسئولية الوزارة إنما هي مسئولية جهات أخري.