كشفت صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية في عددها الصادر الأحد (21-2)، عن ان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قد صادق شخصيا على عملية اغتيال القيادى بحركة حماس محمود المبحوح في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها نتنياهو لمقر قيادة جهاز الموساد في مطلع شهر يناير الماضي. وقالت الصحيفة البريطانية "التقى نتنياهو هناك عددا من افراد الفريق الذي نفذ عملية الاغتيال، وقال لهم ان الشعب الاسرائيلي يعتمد عليهم متمنيا لهم النجاح في هذه المهمة".
ونشرت الصحيفة صباح اليوم تقريرا عن عملية اغتيال المبحوح ووقوف الموساد وراء العملية .. ذكرت فيه "ان سيارتي ليموزين فاخرتين سوداوين من طراز أودي A6 دخلتا في مطلع الشهر الماضي البوابة الرئيسية لمبنى مقر الموساد والكائن على تلة صغيرة في ضواحي تل ابيب الشمالية، وقد خرج بنيامين نتانياهو من احدى السيارتين وكان في استقباله في البوابة رئيس الموساد مائير داجان".
جوازات سفر جديدة وفى لندن، أصدرت الحكومة البريطانية جوازات سفر جديدة للأشخاص الستة الذين استخدموا هوياتهم من قبل في القيام باغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة حماس في دبي الشهر الماضي.
ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية "بى بى سى" عن مسئولين بريطانيين، قولهم إن الجوازات الجديدة تم إصدارها لضمان ألا يتعرض أصحابها وجميعهم يعيشون في الكيان الصهيونى للاعتقال من طرف أجهزة الشرطة الدولية، الانتربول، التي أصدرت مذكرات اعتقال بحق المشتبه بهم.
وكان قائد شرطة دبي اللواء ضاحي خلفان قد قال في وقت سابق ان هناك ادلة على تورط جهاز المخابرات الصهيوني، الموساد، في قتل القيادي العسكري في حركة حماس محمود المبحوح .. وقال ان من بين الادلة المتوفرة لدى الشرطة، الاتصالات التي جرت بين المتهمين حسبما نقلت عنه صحيفة "البيان" الاماراتية.
واشار الى ان هناك معلومات موثوقة حول "شراء بعض المشتبهين بطاقات سفرهم الى دبي في الخارج باستخدام بطاقات بنكية تحمل ذات الاسماء التي اعلناها"، واضاف ان عددا منهم استخداموا نفس جوازات السفر خلال سفرهم الى عدة دول.
وجاءت تصريحات اللواء خلفان في اعقاب وصف مسؤول صهيوني الاتهامات التي وجهها الخلفان الى الموساد ودعوته لالقاء القبض على رئيسه مائير داجان بانها "لا اساس لها".
وكان خلفان قد طالب باعتقال رئيس الموساد إذا ثبت تورط الجهاز في مقتل المبحوح.
متابعة قانونية ومن جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" السبت (20-2)، إنها ستتبع مسلكا قانونيا بشأن قضية اغتيال قياديها العسكري محمود المبحوح وتوعدت جهاز الاستخبارات الصهيوني، الموساد، بالرد.
وأعلنت شرطة دبي امتلاك أدلة جديدة تدين الموساد. ودوليا رجح الأمن الألماني ضلوع الموساد بالاغتيال. وأدانت فرنسا استهداف المبحوح.
وحمل القيادي في حركة حماس صلاح البردويل الموساد المسئولية المباشرة عن اغتيال القيادي في الجناح المسلح للحركة في دبي الشهر الماضي.
وقال البردويل في مؤتمر صِحفي بغزة عقده السبت (20-2)، إن حماس ستسلك مسلكا قانونيا إزاء عملية الاغتيال، إضافة إلى مسلك آخر حيث إن "الجزاء سيكون من نفس العمل وعلى إسرائيل أن تتلقى جزاءها".
واعتبر البردويل أن "ضلوع عدد من الجنسيات الأوروبية وعناصر من حركة التحرير الفلسطينية، فتح، في اغتيال المبحوح يأتي من كونهم عملاء للموساد"، وأوضح قائلا "لم نتهم حركة فتح والسلطة حتى هذه اللحظة وإن كان هناك أفراد شاركوا في العملية من أجهزة أمن السلطة هذا لا يبنى عليه اتهام مباشر لحركة فتح أو السلطة".
ونقلت وكالة معا الإخبارية الفلسطينية عن البردويل قوله في المؤتمر الصحفي إن المبحوح اتصل مع عائلته تليفونيا قبل سفره إلى دبي وأبلغهم بنيته النزول في فندق معين، مشيرا إلى أن الحجز لعملية سفره تمت عن طريق الإنترنت وهذه شكلت ثغرة أمنية في تحركاته.
ودعا البردويل الدول الأوروبية إلى موقف جدي لملاحقة قادة الموساد الذين انتهكوا حرمة بلادهم، مطالبا المجتمع الدولي بتقديم قادة الاحتلال الصهيوني للمحاكمة كمجرمي حرب دوليين.
أدلة جديدة وفى السياق نفسه، قال القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم إن لديه أدلة جديدة بينها اتصالات هاتفية وبطاقات ائتمان تشير إلى ضلوع جهاز الموساد في اغتيال المبحوح.
ونسبت صحيفة البيان الإماراتية إلى الفريق تميم قوله إن من الأدلة الجديدة الاتصالات الهاتفية التي جرت بين المتهمين والتي تم رصدها بالفعل إضافة إلى امتلاك شرطة دبي معلومات مؤكدة عن شراء بعض الجناة تذاكر طيران من إحدى الشركات في دول أخرى ببطاقات ائتمانية تحمل أسماءهم نفسها التي تم الكشف عنها، والتي تدل على أن الجناة استخدموا جوازات السفر نفسها في التنقل بين أكثر من دولة.
وفي إطار التفاعلات الدولية، رجحت سلطات الأمن الألمانية أن يكون الموساد الصهيوني خلف عملية اغتيال المبحوح. وتقول مجلة "دير شبيجل"، في عددها المقرر صدوره الاثنين" (22-2)، إن وحدة "كيدون" في الموساد، التي نسب إليها في الماضي عدد من عمليات التصفية المثيرة، قامت بتنفيذ عملية المبحوح.
وأضافت المجلة أن الادعاء العام في كولونيا بدأ نهاية الأسبوع الماضي إجراءات التحقيق بتهمة "إصدار وثائق مزورة بشكل غير مباشر". ويدرس الادعاء الاتحادي حاليا ما إذا كان سيتولى التحقيق بتهمة الاشتباه في أنشطة استخباراتية.
وعبر تحقيق مطول تكشف "دير شبيجل" عن قيام مواطن يحمل جنسية الكيان الصهيونى يدعى مايكل بودنهايمر بالتقدم مطلع صيف العام الماضي بطلب لدى مكتب سجلات السكان في كولونيا للحصول على وثائق سفر ألمانية، وبالفعل أصدرت السلطات وثائق ذلك المواطن في 18 يونيو عام 2009.
نفي نمساوى وذكرت الصحيفة أن أحد عملاء الموساد المشتبه فيهم سافر إلى دبي بجواز سفر بودنهايمر في 19 يناير الماضي. وأظهرت تحريات المجلة أنه لا يوجد رجل يدعى بودنهايمر تحت العناوين المسجلة رسميا في كولونيا.
ووفقا للمجلة فقد ضاع أثر عميل الموساد المشتبه فيه في مدينة هيرتزليا الصهيونية، حيث كان يقول إنه يقيم حتى يونيو الماضي.
وعلى صعيد متصل، نفى وزير الخارجية النمساوي مايكل سبيند ليجر أن تكون لبلاده علاقة باغتيال المبحوح. وقال الوزير إن لدى النمسا معلومات عن استخدام الجناة بطاقات هاتف من النمسا وإن بلاده تحقق في صحة هذه المعلومات.
وإدانة فرنسية وسياسيا، أدان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون اغتيال القيادي بحماس ودعا إلى كشف الحقائق المتعلقة بالقضية. وقال خلال مؤتمر صحفي في دمشق مع نظيره السوري محمد ناجي العطري إن بلاده ترفض الاغتيال في العلاقات الدولية. وأكد أن فرنسا قد طلبت من الكيان الصهيونى توضيحات بشأن جوازات سفر فرنسية مزورة استخدمت في العملية.
وفي هذه الأثناء استبعد داني أيالون نائب وزير الخارجية الصهيوني نشوء أزمة بين الكيان ودول أوروبية على خلفية استخدام أفراد خلية اغتيال المبحوح جوازات سفر مزورة لهذه الدول وذلك لعدم توفر أدلة تربط الكيان بالاغتيال، حسب زعمه.
وقال أيالون، الذي لم ينف اتهامات للموساد الصهيوني بتنفيذ الاغتيال، إن بريطانيا وفرنسا لهما مصالح في محاربة "الإرهاب العالمي" ورجح ازدياد علاقات حكومته عمقا مع هذين البلدين.
نتائج كارثية ومن جهته، عبر خبير أمني صهيوني عن صدمته من النتائج "الكارثية" التي تسببت بها عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي في "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في إمارة دبي قبل نحو شهر، مشيرا إلى أن هذه العملية أطاحت بثلث وحدة "نخبة النخبة" في جهاز الموساد الصهيوني.
وقال جوردون توماس، الخبير في شؤون جهاز الاستخبارات الصهيوني الخارجي "موساد": "هناك دلائل واضحة تشير إلى تنفيذ وحدة "كيدون" (المتخصص بشئون عمليات الاغتيال السرية) لعملية اغتيال المبحوح"، مشيرا إلى أن المبحوح "احتل العام الأخير مكانة على رأس قائمة الاغتيالات في الموساد".
ويشير توماس إلى أفراد وحدة "كيدون" تعتبر "نخبة النخبة"، إذ إنهم "أفضل أفراد الموساد، ويستطيعون العمل تحت هوية سرية، والصمود طويلاً أمام ضغوط جسدية ونفسية قاسية جداً، ومسار تدريباتهم طويل، ويجري عزلهم بصورة تامة عن باقي أعضاء الموساد".
إلا أن الخبير في شئون "الموساد" كشف عن أن عملية اغتيال المبحوح أطاحت بثلث أفراد وحدة "النخبة" في الموساد، موضحاً أن هذه الوحدة تتكون من 48 شخصاً، ستة منهم نساء، وبناء على ذلك فإن أحد عشر، أو سبعة عشر شخصاً وفقاً لمصادر غربية، من أفراد الوحدة، الذين ارتكبوا جريمة الاغتيال، "حُرقوا في عملية دبي، أي ما يتراوح بين ربع وثلث أفراد الوحدة، الأمر الذي يشكل ضربة قاسية للموساد"، على حد قوله.
ويذكر توماس في ختام تصريحه الذي نقلته عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن وحدة "كيدون" الخاصة في الموساد "يعمل أفرادها في جميع أنحاء العالم، حيث يطاردون رجال منظمات وعلماء نوويين وتجار أسلحة وحتى نازيين ظلوا على قيد الحياة".