علي الرغم من ان محافظة البحر الأحمر تحتوي علي صرحين كبيرين من صروح الثقافة من ناحية المساحة والموقع "قصر ثقافة الغردقة ومكتبة مصر العامة" فإنه إلي وقت قريب كانت محافظة البحر الأحمر بالنسبة لمن هم من خارج المحافظة - والتعبير للقاص بهاء الدين حسن - ينظرون إليها علي انها محافظة للسياحة وتجارة العقارات والأراضي إلي أن استطاع مجموعة من الادباء ان يحركوا المياه الراكدة ويضعوا محافظة البحر الأحمر علي الخريطة الأدبية. يقول الكاتب المسرحي رفاعي سعدالله رئيس نادي أدب الغردقة: تعيش الغردقة في هذه الفترة أجمل ايامها الادبية فقد ضم نادي الأدب أدباء من جميع الاعمار وكذلك من مختلف محافظات الجمهورية بحكم ان الغردقة جاذبة للعمالة كمدينة سياحية ولكن لا شك ان هناك بعض العوائق التي تكبل الحركة الادبية في الغردقة وتتشابه هذه العوائق مع الاقاليم الاخري التي ليس لها خط كالعاصمة مثلا لكن الغردقة تنفرد دون غيرها ببعض العوائق من بين هذه العوائق بعدها عن مدن المحافظة وكان ذلك سببا في قلة الجلسات الادبية المحلية فأصبح دور نادي الأدب المركزي غير فعال وتسبب البعد ايضا في عدم استمرار بعض الادباء فالموقع الجغرافي المميز وسمعة الغردقة السياحية جعلاها مطلبا لزيارات الشخصيات العامة في جميع المجالات عدا الشخصيات الأدبية. ويؤكد الشاعر فرج الضوي علي انه في الآونة الأخيرة بزغت منطقة البحر الأحمر علي خريطة الحياة الادبية من جديد بفضل العديد من الادباء الجادين فمما لا شك فيه انه إذا توافرت المحبة والابداع والترابط الحقيقي فإن الثمرة هي اكتشاف مواهب جديدة وطفرات في مستويات المنتجات الابداعية وتواصل خلاق مع الوسط الادبي في كافة ربوع مصر وخارجها ولكن ينقص تلك الصحوة ان تتضافر جهود المؤسسات الادبية جنبا إلي جنب لابد من وجود رابط شرعي وقوي بينها وبروتوكولات تعاون مشترك في كافة الانشطة الثقافية كذلك لابد من النزول للجمهور خاصة واننا في مدينة سياحية تمتلك فرصة نقل الثقافة إلي السائح القادم من دول أوروبا وعلي سبيل المثال لا الحصر: لماذا لا تقام معارض الفن التشكيلي علي الأرصفة وفي الطرقات والشوارع واستعراضات مسرحية يتفاعل رجل الشارع معها وينقلها السائح لبلاده انها فرصة للدعاية السياحية عن طريق الفنون. لفترة طويلة كانت المحافظة خاوية - أو تكاد - من أي نشاط ثقافي إلا قليلا فالفرد المهموم بالشأن الثقافي يستشعر غيابا لخارطة السياسة الثقافية للمحافظة وربما هذا الأمر يتعدي حدود المحافظة لكافة ربوع مصر.. هكذا يبدأ القاص شريف الجهني حديثه عن الواقع الأدبي في البحر الأحمر ويضيف: الواقع الثقافي للمحافظة لا ينفصل بالطبع عن الواقع الثقافي للدولة فالحراك الثقافي مرتبط بالبنية التحتية من مسارح ودور عرض ومكتبات عامة وتفتقر هذه المؤسسات إلي التمويل اللازم لتنميتها فضلا عن انها تعاني من نقص في الكوادر البشرية المؤهلة توجد مزايا متعددة قادرة علي جعل البحر الأحمر مقصدا ثقافيا وليس سياحيا فقط فهي تتميز بتعدد المجتمعات وبحكم موقعها السياحي واختلاف الوافدين عليها حدث تعدد ثقافي لم يستثمر بعد ويجب اعادة النظر في مفهوم السياحة الثقافية مع وضع خطة واضحة في هذا الاتجاه. ومن العناصر النسائية المبدعة في البحر الأحمر الشاعرة سعاد مصطفي تقول: ينقص الثقافة بالغردقة الكثير فلو قارنا ما بين حال الثقافة من حيث الانشطة والتواجد مثلا ما بين الغردقة وقنا أو أي محافظة أخري هناك فارق كبير قد يعود ذلك لأن كل من في الغردقة من المغتربين وتحكمهم لقمة العيش وربما اخفقت الثقافة في جذب الناس والمبدعين لكن لا ننكر انه في الفترة الأخيرة هناك انتعاشة ملحوظة بالثقافة من خلال الحفلات وتعدد الانشطة التي تقام في قصر ثقافة الغردقة. ويقول الشاعر والمسرحي سيد الطيب: لا يخلو الواقع الثقافي في مصر من أدباء مخلصين للابداع ولعل ما فعله الشاعر الراحل محمد الجارد لاثراء الساحة الثقافية في البحر الأحمر خير دليل فقد أسس من ماله الخاص جائزة القصير للابداع الادبي. هذه الجائزة وجهت الادباء للسؤال عن مدينة القصير التي أصر الجارد ان تكون الجائزة باسمها غير ان ما يشغلني فعلا هو التخلص من ثقافة التصفيق التي يطلبها البعض بشدة في البحر الأحمر حتي اثرت هذه الثقافة بالسلب علي ما قدموه من اضافة للثقافة. أما الشاعر شاذلي عبدالعزيز والذي يعد واحدا من انشط الشعراء بالاشتراك مع صديقه الشاعر عبيد طربوش وكان لهما السبق في النزول إلي رجل الشارع واقامة الندوات الشعرية علي المقاهي في مدينة سفاجا حيث يعيشان يقول: تشهد الحركة الثقافية في البحر الأحمر ازدهارا لم تشهده من قبل الآن للبحر الأحمر صوت في الأمانة يقول ان هناك ادبا وادباء وحركة ثقافية في البحر الأحمر. هذا الصوت يقوم بتوصيله الشاعر عبيد طربوش عضو الأمانة والحركة الادبية في المحافظة قائمة علي اكتاف الادباء والحقيقة انه لا حركة ثقافية بدون الادباء ومن خلال احتكاكي وتواصلي مع الزملاء ألمس تحمسا في محاولاتهم الجادة لوضع البحر الأحمر علي الخريطة الأدبية. ويؤكد الشاعر عبيد طربوش كلام شاذلي فيقول: ان ادباء البحر الأحمر يريدون ان ينهضوا بالحركة الادبية محافظتهم. هذا الحراك هو ما جعل الاصدقاء من الادباء خارج المحافظة يطلبون الحضور للمشاركة في الفعاليات الثقافية والادبية. ومن مدينة رأس غارب بأقصي شمال مدينة الغردقة يقول القاص والروائي طه الشريف: أري ان ادباء البحر الأحمر يحاولون ان يرتقوا بالواقع الثقافي رغم كل المعوقات فنحن نسافر مسافات طويلة لحضور الندوات والأمسيات التي تقام في مدن المحافظة المتباعدة وقد بحت اصواتنا بالمطالبة بقصر ثقافة مدينة رأس غارب وهي ثاني أكبر مدينة بالمحافظة بعد الغردقة فما كان من المسئولين الا ان قاموا بنزع لافتة مكتبة الشباب والطفل ووضعوا بدلا منها لافتة قصر ثقافة رأس غارب. وكذلك الحال في مدينة القصير التي تفتقر لوجود قصر ثقافة ومكان يليق باقامة الندوات والأمسيات واستقبال الضيوف فمدينة القصير - كما يقول الشاعر أبوضيف شلبي - ينقصها الاهتمام بالناحية الثقافية فحتي الآن اعضاء نادي الأدب بالقصير يتبعون نادي أدب سفاجا. صحيح ان المسئولين - كما يقول ابوضيف شلبي - بدأوا يولون المدينة بعض الاهتمامات لكن ذلك يحدث في المناسبات العامة والكبري كما حدث اثناء التكريمات الأخيرة التي قامت بها الهيئة العامة لقصور الثقافة. ومرة أخري نعود لمدينة رأس غارب ونستمع إلي رأي القاص والروائي الكبير سعيد رفيع الذي يقول: يتسم الواقع الأدبي في البحر الأحمر بخصوصية شديدة تميزه عن الواقع الأدبي في بقية المحافظات فالمسافات بين مدن المحافظة كبيرة تحول دون التواصل بين ادباء المحافظة الواحدة ولأن المحافظة سياحية فإن تكلفة المؤتمرات الادبية عالية جدا بسبب ارتفاع اسعار الاقامة في الفنادق اضافة إلي أن المحافظين دائما ما يكون انشغالهم منصبا علي تنشيط السياحة ولا يبدون حماسا لدعم الانشطة والمؤتمرات الادبية رغم علمهم بضآلة الميزانيات التي توفرها هيئة قصور الثقافة لدعم هذه الانشطة إلي جانب ان الصحافة الادبية والتي تتركز عادة في القاهرة تتجاهل الحركة الادبية في البحر الأحمر بصفة عامة ولا تلقي الضوء علي المتميزين من كتاب وشعراء المحافظة رغم وجود العديد منهم ممن يستحقون الاشادة ويختتم سعيد رفيع كلامه قائلا: يواجه الادباء صعوبة كبيرة في الحصول علي المطبوعات الادبية الهامة التي لا يصل منها إلي المحافظة وخصوصا مدينة رأس غارب إلا القليل الذي لا يشبع رغبة المتعطشين للقراءة والباحثين عن الكتاب.