اشترط قرار الأممالمتحدة بقبول إسرائيل عضوا في المنظمة الدولية عدم المساس بوضع القدس واحترام اليهود بالصورة التي نص عليها قرار تقسيم فلسطين والسماح للفلسطينيين بالعودة لكن ذلك كله - بعد انقضاء أكثر من ستين عاما - لم يتجه خطوة واحدة نحو التنفيذ. النظرة المتأملة تبين عن تناقضات كثيرة في العملية السلمية بين العرب وإسرائيل أولاها ان أصحاب الأرض يظلون في المنافي أو يعودون وفق شروط أقرب إلي المستحيل "عودة المهجرين اخطر العقبات في جدول المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية" بينما كل الأبواب تفتح أمام المستوطنين. أنت يهودي فمن حقك ان تحيا في إسرائيل لا شأن لذلك بالوطن الذي أتيت منه. الفلسطيني لا يعرف له موطنا ووطنا إلا فلسطين. أما اليهودي فهو وافد من روسيا أو بولندا أو الولاياتالمتحدة أو غيرها من بلدان العالم. الأمريكي اللاتيني بورخيس يأخذ علي الدولة الصهيونية انها قد تجعل اليهودي إنسانا مبتذلا مقيدا كالآخرين بتراث واحد. وببلد واحد فقط وبدون التعقيدات والاختلافات التي تخصب اليهود في تباين وطنهم. وجهة نظر تشفق علي اليهود - كما تري - ولا تدينهم. أهمل الاستيطان والإرهاب واحتلال أرض الغير بالقوة المسلحة وقتل الأبرياء ومعاملة الفلسطينيين عموما باعتبارهم الأدني بالنسبة لليهود وهو ما يلغي ادعاء بن جوريون ان إسرائيل هي مجتمع العاملين الذين يكدحون بأيديهم وعقولهم دون استغلال أو طبقية.. أهمل بورخيس ذلك كله واكتفي باظهار الاشفاق علي اليهود.. ولعلي اذكرك - في المقابل - بالمقالة القنبلة التي أدان جارثيا ماركيث فيها العنصرية الصهيونية وطالب بجائزة نوبل في القتل لرئيس الوزراء الأسبق شارون! مع ذلك فإن معظم المراكز ومعاهد الأبحاث الإسرائيلية تذهب - من خلال بيانات وتحليلات وأرقام - إلي أن الخطر الديموجرافي هو أشد ما يواجهه الكيان الصهيوني من اخطار وإذا لم تبذل الدولة العبرية جهدا يتحدثون عنه ولا يرسمون ملامحه فإن دولة إسرائيل ستتغير تركيبتها السكانية الحالية فلا تظل دولة يهودية وصهيونية. القنبلة البيولوجية الفلسطينية هي الخطر الذي يتهدد إسرائيل. الإنجاب عند الأسر العربية - لو ظل علي معدلاته الحالية - فإنه يعني في المدي البعيد - أو القريب - تغييرا في التركيبة السكانية بحيث تكون الكثرة العددية للعرب من مسلمين ومسيحيين. اذكر ان شلومو جزيت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية الأسبق قد أشار إلي ذلك الخطر وانه ينبع من ان الأغلبية اليهودية الحالية في دولة إسرائيل لن تظل طويلا نتيجة للتكاثر الطبيعي في الأسر العربية بما ترتفع نسبته - بصورة ملحوظة - عن نسبة التكاثر في الأسر اليهودية وتقول الاحصائيات ان الولادة بين فلسطينيي 1948 تبلغ 6.4 نسمة للمرأة الواحدة بينما الولادة بين اليهود 6.2 نسمة للمرأة أي أن نسبة تكاثر اليهود تبلغ نصف نسبة تكاثر الفلسطينيين. وإذا كانت نسبة السكان في إسرائيل الآن مواطن عربي - مسيحي أو مسلم - من بين كل خمسة مواطنين فإن النسبة ستبلغ - خلال عشرين عاما - مواطنا عربيا من بين كل ثلاثة إسرائيليين! لذلك فإن قتل الفلسطينيين وتهجيرهم وتفريغ المدن والقري الفلسطينية من أبنائها هدف أول للدولة الصهيونية وهو ما يبين في كل المحاولات التي تستهدف بها إسرائيل الوجود العربي الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وحتي في أراضي ما قبل .1948