* سيدتي وقعت في غرام نصاب.. أحببته وعقدت قراني بدون علم أهلي.. أرجوك لا تفكري في احتقاري.. فقصتي تستحق الرثاء والبكاء الذي لا أجد له بديلا.. الدموع تغرقني حتي لم أعد أتذوق طعما للحياة.. سأقص عليك حكايتي لعلكي تكونين قارب نجاتي. مأساتي بدأت منذ الطفولة عندما انتقل أبي وأمي للسكن خارج منزل العائلة وتمسك بي جدي للإقامة معه.. تركني أبي وكنت أزورهم كغريبة.. كبرت في منزل العائلة الكبير.. حتي مات جدي واستبقاني عمي مع أولاده ولم يفرق بيننا في المعاملة ولا مرة.. الذي كان يضايقني أنني عند زيارتي لأسرتي كنت أجد مسافة بيني وبين شقيقاتي.. يتهامسن عليّ يغلقن الباب ويتحدثن دون مراعاة لوجودي.. أصبحت كفرع مقطوع تقذفه الرياح يمينا ويسارا.. انهيت تعليمي الجامعي وقررت دراسة لغة أجنبية وفي المعهد الذي أدرس به قابلته.. رجل وسيم.. حلو الطلعة.. محام.. بعد عدة حوارات عرض عليّ أن أعمل معه في المكتب فوافقت.. وهناك تطورت العلاقة وأصبحت قصة حب عنيفة.. قدم لعمي.. رفضه وبحكم أن أبي كان مسافرا خارج مصر.. رفضته أمي هي الأخري.. أقنعني حبيبي بأن نعقد قراننا فنحن لا نرتكب جريمة وفعلا تم له ما أراد وكتب لي مؤخر صداق ألف جنيه فقط بحجة أن المأذون سيأخذ مبلغا كبيرا.. عند هذا الحد من القصة وأنا أرقص فرحا وأشعر بأن النجوم تضحك.. والشمس أكثر إشراقا.. تزوجت هذا الرجل الأسطورة الذي أصبحت لا احتمل الحياة بدونه وأراد حبيبي أن نتمم الزفاف فأجلته حتي استعد للانتقال في بيته وفي هذه الفترة التي حددتها وكانت شهرا.. حدثت الصدمة الكبري.. زارته سيدة في الثلاثين من عمرها.. أنيقة جميلة.. دخلت عليه مباشرة حتي دون استئذان وكأنها تعلم بوجوده.. أكلتني الغيرة.. فتحت الباب وجدته ممسكا بكتفيها ويقبل رأسها.. صرخت.. انطلقت كصاروخ.. هجمت عليها.. أردت صفعها.. أبعدها عني.. وأظهر وجها لم أره في حياتي القصيرة معه وكان الصدمة الثانية بل الأكبر عندما قال إنها زوجتي.. زوجته يا سيدتي.. لعلي أكون فقدت السمع والبصر وقتها لأنني صدمت وبحثت عن مقعد ارتمي فوقه.. بعد لحظات افقت علي صوتها وهي تسبه قائلة: مازلت تمارس تلك اللعبة.. يا حقير ألا يكفيك زوجتين.. حتي تضحك علي تلك الطفلة.. صفعته وخرجت كصاروخ تتخبط في كل من يقابلها.. ظللت جالسة أنظر له بخوف تارة واحتقار تارة أخري.. فكرت أن ألقي بنفسي من الشباك وارتاح لكنه اقترب مني في حذر.. جلس بجواري.. ضمني تحت ذراعه.. همس في أذني كفحيح الأفعي.. أسف يا حبيبتي أنا رجل أعشق النساء وبدلا من الخطأ أتزوج.. ستكونين في منتهي السعادة معي لا تخافي.. تركته وانصرفت ولا أدري ماذا أفعل؟ تركت العمل وحاولت معرفة المزيد عنه.. ذهبت لزوجته الثانية وعرفت منها أنه تزوجها بنفس الطريقة وأن لديه زوجة أولي وثلاثة أطفال.. نسيت أن أقول إنه أقر في عقد الزواج بعدم زواجه من قبل.. الكارثة أنني عرفت شيئا أخجل من قوله.. إنه يتعامل مع بعض الساقطات مقابل النقود أو أداء مصلحة..ووقتها شعرت بهزات تدمرني.. فلم أجد من أتحدث معه.. وبعد فترة عذاب قررت الابتعاد عنه والطلاق منه. رفض.. وهددني أنه سيحصل علي كل حقوقه مني بالقانون.. هربت.. وتقوقعت داخل منزلي.. طاردني.. فعدت لمنزل أمي وأبي خوفا من أن يعرف عمي.. وهناك اضطررت لإخبار والدتي التي ثارت وكادت تخنقني.. بعد أن تركتني وكأني شيء لا قيمة له.. عندها صرخت لابد أن تتزوجيه ولو ليوم واحد.. أقسمت لها أنه لم يلمسني ولكنها مصممة علي ذلك. عملت في إحدي الشركات.. طاردني هناك وسبب لي الفضائح عندما يظهر قسيمة الزواج ويدعي كذبا أنني حامل وأنني هاربة.. سارقة لأشياء ثمينة منه.. واجهته وأخبرته أنني متنازلة عن أي حق لي عنده مقابل أن يطلقني ولكنه يصر علي إتمام الزواج ووعد بأنه سوف يستأجر لي شقة ولا يريد مني غير "شنطة هدومي" والذهاب معه لم نستطع إخبار أبي وأخشي أن يعرف عمي فيرتكب جريمة. إنني ورطت كل من يعرفني بحماقتي ولم أعد أملك غير البكاء.. شقيقاتي ينظرن إليّ باحتقار.. وخطيب أختي هددنا بفسخ الخطبة إن لم أتزوج هذا النصاب وأمي تضغط عليّ وأختي تنظر إليّ في حقد لأنني سبب فساد حياتها والثانية تقول لي "أضعت مستقبلي" أغرقت همومي في دموعي وكأن الله لا يريد أن يسامحني.. علي الرغم من أنني لم ارتكب خطيئة فقد أسأت اختيار الزوج.. أتوسل إليك يا سيدتي ألا تحتقريني وأن تجدي لي حلا مع هذا المزور.. إنني فكرت مرات كثيرة في الموت لعله يكون راحة لي وراحة لأهلي ولكنني أخاف الله.. فكوني عونا لي رحمك الله. ** عزيزتي: يقول الشاعر الكبير الراحل حافظ إبراهيم: يا من خلقت الدمع لطفا منك بالباكي الحزين بارك لعبدك في الدموع فإنها نعم المعين ابكي يا صديقتي حتي يرتاح قلبك لكن لا داعي لأن تريحي عقلك فعليه أن يعمل.. أما أنا فلا احتقر الناس يا عزيزتي مهما كانت مشاكلهم.. بل أرثي لهم وأحاول جاهدة مساعدتهم وفي حالتك أنت هناك عدة مشاكل لا مشكلة واحدة. الأولي: هي طريقة التربية وعملية الانتزاع التي قام بها جدك وعمك من حضن أمك والغريب هو موافقة الأم هناك شيء ناقص في هذه الحكاية فلماذا استبقاك جدك؟ ولماذا وافقت الأم؟ إن كان هذا لرعاية الجد فكان الأولي به شخصا كبيرا من العائلة وليس طفلة والأغرب هو بقاؤك مع عمك بعد وفاة جدك.. هناك شيء لم تذكريه. المهم بعد ذلك هو أنك.. قررت الاستغناء عن رأي عائلتك في أهم وأخطر قرار تمر به الفتاة وهو زواجها وهذه مشكلة أخري فوقعت في مصيدة هذا الذئب المزور.. ولم توضحي لنا لماذا رفضته عائلتك لعلها كانت تعلم عنه ما لا تعلمينه.. وهذه مشكلة تتكرر بل كارثة تهدد كثيرا من البيوت الآمنة وهو الفصام الذي يحدث بين البنت وأسرتها.. يكتفي فيه الأهل بالرفض وعدم التوضيح وهنا ترتكب الفتاة أفدح الأخطاء في حق نفسها وقد تهدر حياتها ويتصيدها أمثال هذا الرجل الساقط خلقيا والذي وجد ضالته فيك أنت وغيرك.. فمن يستطيع امتلاكها بالمال يدفع لها بدون زواج.. ومن تستعص عليه فمؤخر ألف جنيه ثمن بخس لطالب المتعة وأمثال هؤلاء كثيرون للأسف فهناك من يتحدث باسم القانون مثل هذا الزوج المخادع.. وهناك من يسعي له تحت ستار الدين وشرعية التعدد.. وغير ذلك من الأفكار الخاطئة لدي بعض الناس.. أما عن الحل فلا تخافي فهو الحمد لله بين يديك. أولا.. انضمي لأسرتك واحتمي بها.. حمليهم مسئوليتك التي تنازلوا عنها.. اعرضي مشكلتك علي أبيك المسافر وعلي عمك حتي يتمكنا من الوقوف بجانبك ولا تخافي عليهم من ذلك المزور فموقفك أقوي.. لأن هذا المحامي الذكي ذكر في عقد قرانكما أنه لم يسبق له الزواج وهذا غير صحيح ويمكن إثباته ويعد تزويرا في أوراق رسمية.. وبالتالي سيتم طلاقك منه لفساد الزواج بانتفاء شرط من شروطه. وليس فضيحة.. فكيف تتزوجينه ولو ليوم واحد وتصبحين مطلقة بما يتبعها من نظرة المجتمع تجاه المطلقة للأسف؟ وبغض النظر عن الطريقة المرفوضة.. فهذا أرحم من مشورة والدتك التي قد تكون نتيجتها طفلا يدفع ثمن حماقتك وشذوذ أب كهذا اللاهث خلف نزواته ولو دفع كرامته ثمنا لهذه النزوات.. وقد يظن البعض أنك أخطأت معه وتزوجتيه لمداراة الفضيحة.. أما بالنسبة لأختك وخطيبها فلو كان حقا رجلا متفهما يحبها سيقدر موقفها وظروفك ولن يبتعد عنها وإن حدث فهو غير جدير بها.. والدليل هروبه من أول مشكلة تصادفها.. وأما الشقيقة الصغري فسوف تنسي بعد قليل ووضحي لها أنك كنت ضحية عدم توجيه الأم وإشباعك بالحنان الذي تبحثين عنه وكان هذا الفقد هو الطعم لدخولك فخ هذا الرجل. كوني قوية واحمدي الله علي اكتشافك الحقيقة قبل فوات الأوان.. وارتفعي فوق أحزانك.. وتعلمي من الأخطاء.. فالدموع تريح لكنها لا تحل مشكلة. اغرقي نفسك في العمل حتي يتسلل إليك الإحساس بالاطمئنان والسلام النفسي ولا تنفري عن الجماعة مرة ثانية والانتحار ليس حلا لكنه فضيحة أكبر والله معك.