تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    25 صورة من تكريم "الجبهة الوطنية" أوائل الثانوية العامة    حماية المستهلك والغرفة التجارية يبحثان آليات خفض الأسعار بعد تراجع الدولار    93 نائبًا أمريكيًا يطالبون بإجراء تحقيق حول عمل مؤسسة "غزة الإنسانية"    أمريكا تفرض عقوبات واسعة على 115 شخصا يرتبطون بنجل مستشار خامنئي    إعلامي يكشف تفاصيل مفاوضات تجديد عقد إمام عاشور مع الأهلي    "سروال وقيادة للفوز".. هدية خاصة ل رونالدو في ودية النصر وتولوز الفرنسي    فرق الإنقاذ تقاتل لتحرير سيدة حاصرها حادث تصادم على طريق كسفريت    "أنا الذي" للكينج محمد منير تتصدر التريند بعد طرحها بساعات قليلة    أبرزها حجر رشيد ورأس نفرتيتي.. توضيح من وزير السياحة بشأن عودة الآثار المنهوبة    زيد الأيوبى ل"ستوديو إكسترا": حماس أداة لقوى إقليمية وحكمها فى غزة انتهى    ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب    ننشر أسماء المصابين ال4 في «تصادم ملاكي بتوك توك» على طريق المطرية بورسعيد    ضبط 333 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك ب كفر الشيخ (صور)    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. متابعة أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج «المدارس الآمنة»    رسميًا.. صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بالزيادة الجديدة خلال ساعات    استعدادا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه بتروجت والحدود وديًا الأحد المقبل    مثالي لكنه ينتقد نفسه.. صفات القوة والضعف لدى برج العذراء    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    اتحاد الغرف التجارية يكشف موعد مبادرة خفض الأسعار بكافة القطاعات    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    ترامب: نحن على الطريق الصحيح لعقد صفقة تجارية عادلة مع الصين    وزير الثقافة وأحمد بدير ومحمد محمود يحضرون عزاء شقيق خالد جلال.. صور    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    رئيس مجلس الوزراء يشهد إطلاق وزارة الأوقاف مبادرة «صحح مفاهيمك»    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    الرئيس الإيطالي يخرج عن صمته ويدين جرائم إسرائيل في غزة وتجويع أهلها    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد السبت يكتبة : أحمد البرى
الحقيقة المرة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 12 - 2010

أكتب إليك رسالتي بكل ما فيها من حقيقة مرة أعيشها وأتعذب بها ليل نهار‏,‏ فما أصعب أن يوضع أحد في هذا الوضع العصيب الذي أعيشه‏,‏ ودعني أروي لك قصتي كاملة لكي تتبين الجوانب الأخري في حياتي والتي أوصلتني إلي ما أحياه الآن‏.‏ فأنا مهندس في أواخر العشرينيات‏..‏ توفي أبي وأنا في سن صغيرة‏,‏ وكان فارق السن بينه وبين والدتي كبيرا جدا‏,‏ فوجدت نفسها أرملة وهي لم تكمل الثلاثين بعد‏,‏ مما دفعها للدخول في مغامرات عاطفية كثيرة‏,‏ ولجأت إلي الزواج العرفي تارة‏,‏ والسري تارة أخري‏,‏ وسارت حياتها علي هذا النحو‏,‏ ولم تكن لدينا مشكلة مادية‏,‏ فلقد ترك أبي لنا ثروة كبيرة‏,‏ فالتحقت بالجامعة الأمريكية وعايشت التجارب المؤلمة لوالدتي برغم أنها كانت تخفي عني ما تفعله‏,‏ وتخرج من البيت بحجج واهية‏,‏ وأحيانا كانت تأتي بمن تتزوجه في غيابي‏.‏
ومرت الأيام وأنا كاظم غيظي‏,‏ ولا حول ولا قوة لي معها‏,‏ وتخرجت في كلية الهندسة‏,‏ والتحقت بوظيفة كبري في محافظة ساحلية‏,‏ فوجدتها فرصة للبعد عنها ولو بضعة أيام‏,‏ فالحقيقة أنها علاوة علي موضوع الزواج السري‏,‏ ترتدي الملابس المثيرة‏,‏ وتصبغ وجهها بكل ألوان الطيف‏..‏ وكنت أجد حرجا من زملائي عندما ينظرون إليها‏,‏ إذ تعلو وجوههم علامات الدهشة والاستغراب‏.‏
وحاولت الاقتراب من أسرة أبي‏,‏ بعد أن قاطعونا بسبب تصرفات أمي لكنني وجدت منهم جفاء شديدا‏,‏ بل إنهم لم يحسنوا استقبالي‏,‏ وقالوا لي كلمات لاذعة عن أمي‏,‏ فخرجت من عندهم أتصبب عرقا‏,‏ وخلوت إلي نفسي وبكيت كثيرا‏,‏ ثم اتخذت قرارا بأن أهاجر إلي المحافظة التي أعمل بها‏,‏ وبالفعل اشتريت شقة فيها وحصلت علي سيارة بالتقسيط من خلال عملي‏,‏ وأصبح لي عالمي الخاص من العمل إلي البيت‏,‏ ومن البيت إلي العمل‏,‏ وركزت كل جهدي فيه ونلت تقدير رؤسائي‏.‏
وجذبتني زميلة لي برقتها وعذوبتها وروحها الجميلة‏,‏ فتعرفت عليها ودارت بيننا حوارات كثيرة‏,‏ وتأكدت أنها الفتاة المناسبة لي‏,‏ وشاورت عمي في الموضوع‏,‏ فناقشني فيه كثيرا‏,‏ ولما اقتنع برغبتي‏,‏ وبأسرة فتاتي حدد لي موعدا لزيارة أسرتها‏,‏ وأبلغتها به‏,‏ وكان الجميع في استقبالنا‏,‏ وكانت لحظة جميلة شعرت فيها بالدفء الأسري‏,‏ ومنيت نفسي بحياة مستقرة وسعيدة‏.‏
ولما سألوني عن والدتي أخبرتهم بأنها مسافرة‏,‏ وعدت إلي بيتي‏,‏ وأنا أفكر في الأمر‏..‏ وطلبت والدتي وحكيت لها ما حدث‏,‏ فلم تسألني عن العروس ولا عن أهلها وباركت خطوتي‏,‏ وقالت إنها سوف تحضر حفل الخطبة‏,‏ فوجدتني ألح عليها بأن تغير طريقة ملبسها ومظهرها علي الأقل أمام أسرة فتاتي‏,‏ وألا تتحدث كثيرا معهم فوعدتني بذلك‏!!‏
وجاء يوم الخطبة‏,‏ وبينما كنت أجلس في الكوشة مع خطيبتي دخلت أمي‏,‏ وكان مظهرها العام لا بأس به استجابة لما وعدتني به‏,‏ لكن المفاجأة أن نظرات الحاضرين اتجهت صوبها‏,‏ وبدت علامات الغضب ممزوجة بالدهشة علي وجوه من حولنا‏,‏ حتي أمي نفسها اصفر وجهها‏,‏ وتغيرت معالمه من الضحك إلي العبوس‏,‏ ومضت نحوي بخطوات سريعة‏,‏ وسلمت علي وهي مضطربة وبدت وكأنها لا تعرفني‏.‏ وقبل أن أخبر خطيبتي بأنها أمي باغتتني متسائلة‏:‏ من هذه السيدة؟ وما صلتك بها؟ لقد تزوجها ابن عمي سرا وكانت العصمة في يدها‏..‏ ولما افتضح أمرها‏,‏ ضغطت العائلة عليها لتطليقه فلم توافق ودخلنا في صراع معها حتي أجبرناها علي الطلاق‏..‏ سمعت كلماتها ولم أرد‏..‏ وضاعت الفرحة من قلبي طوال الحفل‏!‏
لقد خرجت أمي سريعا‏,‏ ولكن تداعيات حضورها لم تنته حتي الآن‏,‏ ومازالت تلاحقني فضائحها‏,‏ وألاحظ تحفظا كبيرا من أهل خطيبتي في تعاملهم معي مع أنهم لم يعرفوا بعد علاقتها بي‏,‏ وربما بلغت بهم الظنون إلي حد أنني أحد الشباب الذين اصطادتهم‏,‏ ولا أدري ماذا سيكون موقفهم لو علموا أنها أمي؟ لقد قتلني التفكير ووصلت إلي حالة احباط شديدة‏,‏ فهل أجد لديك حلا لما أنا فيه؟‏!‏
‏*‏ أخطر آفة تصيب أي أسرة هي انصراف الأب والأم أو كليهما إلي ملذاتهما وحياتهما الشخصية دون اعتبار لما يترتب علي سلوكهما من تدمير لابنائهما‏,‏ وضياع لسمعتهما بين الناس‏,‏ فالأب الذي يترك أسرته ويبحث عن علاقات نسائية لايختلف عن الأم التي تصنع نفس الصنيع‏,‏ فتصاحب الرجال‏,‏ وتصطاد الشباب طلبا لمتعة زائلة‏,‏ فينشأ الأبناء ضحايا لهذه البيئة الفاسدة‏,‏ وينظر الآخرون إليهم نظرة دونية مهما بلغوا من درجات العلم والأخلاق وحسن السلوك‏.‏
وأنت واحد من أمثال هؤلاء الأبناء الضحايا‏,‏ فعندما تزوج والدك الراحل من والدتك كان فارق السن بينهما كبيرا‏,‏ وربما وافقت عليه والدتك مرغمة من أهلها من منطلق أنه ثري وسوف يضمن لها حياة مستقرة‏,‏ وبالتالي لم تشعر بشبابها وأنوثتها مثل البنات ممن هن في مثل سنها‏,‏ وما إن رحل عن الحياة‏,‏ حتي التفتت إلي نفسها وجمالها‏,‏ فراحت تبحث عمن يعوضها عن حرمانها من السعادة الزوجية مع الشباب صغار السن‏,‏ وانجرفت إلي هذا السلوك حتي بعد أن بلغت الخمسين من عمرها‏,‏ وبأموال أبيك راحت تتزوج واحدا بعد الآخر‏,‏ وهكذا صارت الحياة الزوجية بالنسبة لها لعبة تتسلي بها‏,‏ وتغير الأزواج بعد أن تنال منهم حاجتها‏.‏
ودارت الأيام‏,‏ وجاء يوم خطبتك لتعيش هذا المشهد المؤلم أمام المدعوين من أهلك‏,‏ وأهل فتاتك‏,‏ وإذا كنت قد التزمت الصمت أمام سؤال فتاتك عن حقيقة هذه السيدة‏,‏ فإنك لن تستطيع أن تخفي ذلك إلي الأبد‏,‏ فحتما سوف تعلم يوما الحقيقة المرة‏,‏ ولا سبيل أمامك لتجاوز ما حدث إلا بالحديث الصريح والمباشر مع أسرة من ارتبطت بها بالاستعانة بعمك الذي ساندك في خطبتها‏,‏ فهو رجل عاقل‏,‏ ويستطيع أن يستوعب غضب أسرتها من والدتك لما صنعته‏,‏ وما ارتكبته في حقكم جميعا‏.‏
ولتعلم أسرة فتاتك أنها تشتري مهندسا شابا يحترمه الجميع‏,‏ ويشيدون بأخلاقه‏,‏ وأنه إذا كانت أمك قد أخطأت ببعض التصرفات الطائشة فإن ذلك ليس ذنبك‏,‏ ويكفيك أنك اتخذت موقفا قاطعا بالحياة بعيدا عنها‏.‏
علي جانب آخر‏..‏ أرجو أن تكون والدتك قد تعلمت الدرس مما حدث‏,‏ وأن تعيد النظر في تصرفاتها وهي في هذه السن المتقدمة‏,‏ وكفاها استهتارا بالعادات والتقاليد والأخلاق‏..‏ وكفاها أيضا ما سببته لك من آلام‏.‏
عليها أن تكف عن هذا السلوك الذي ينتقص منها‏,‏ فلكل سن جلالها واحترامها‏..‏ ولتكن البداية بالملابس المحتشمة والمكياج الهادئ الذي يجعل الناس يغيرون نظرتهم إليها‏,‏ ويشعرون بأن شيئا فيها قد تغير‏,‏ وأنها عادت بالفعل إلي رشدها‏.‏
ولكل الآباء والأمهات أقول‏:‏ رفقا بالأبناء‏,‏ فهم يتخذونكم قدوة‏,‏ ويسيرون علي دربكم‏,‏ ولذلك قيل من شابه أباه فما ظلم فكل تصرف تكون له انعكاساته علي الأبناء‏,‏ وكذلك السلوك العام والأخلاق ونظرة الآخرين‏..‏ فالإنسان لا يعيش لنفسه فقط‏,‏ وإنما يعيش أيضا لأبنائه فيربيهم تربية صالحة‏,‏ ويوجههم التوجيه السليم‏,‏ وينير لهم طريق الصواب‏..‏ أما الآباء الضالون فيجنون علي أبنائهم الذين قد لا يجدون من ينتشلهم من عالم الضياع فيسقطون فيه‏!‏
وأخيرا‏..‏ عليك يا سيدي أن تثق بنفسك وقدراتك‏,‏ وأن تأمل في الله خيرا‏..‏ وأسأله أن ينير لك الطريق‏..‏ وهو عز وجل علي كل شيء قدير‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.