وزير التعليم العالي يبحث مع مدير «التايمز» تعزيز تصنيف الجامعات المصرية    تراجع أسعار النفط وسط توقعات ببقاء أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول    غرفة المطاعم تعتمد الميزانية وأسماء الفائزين في الانتخابات بالتزكية    وزير الرى: 70 % من استهلاك المياه في الزراعة وإنتاج الغذاء    المستشار حنفي جبالي يلتقي رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي    خارج معسكر المنتخب| فترة غياب مرموش بعد جراحة اليد    انطلاق الامتحانات التحريرية للدبلومات الفنية بعد غد    إقبال السياح على مكتبة مصر العامة بالأقصر (صور)    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    أحمد أيوب ل"هذا الصباح": ثبات موقف مصر تجاه فلسطين أقوى رد على أكاذيب إسرائيل    مصدر رفيع المستوى: ممارسة مصر للوساطة جاء بعد إلحاح متواصل للقيام بهذا الدور    هاني شكري: الكاف المسؤول عن تنظيم نهائي الكونفدرالية ونتمنى فوز الأهلي بدوري الأبطال    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني لخريجي 6 برامج تدريبية مجانية بأسوان    كيفية الحفاظ على كفاءة التكييف في فصل الصيف    مصرع سيدة دهسا أسفل عجلات سيارة بمصر الجديدة    المشدد 7 سنوات للمتهم بقتل ابن زوجته بالقليوبية    ترقب المصريين لموعد إجازة عيد الأضحى 2024: أهمية العيد في الحياة الثقافية والاجتماعية    انتقاما من والده.. حبس المتهمين بإجبار شاب على توقيع إيصالات أمانة بالمقطم    تطورات الحالة الصحية للفنان عباس أبو الحسن.. عملية جراحية في القدم قريبا    الخارجية الفرنسية: الاعتراف بدولة فلسطينية ليس أمرا محظورا بالنسبة لفرنسا    وزير العمل: مصر تمتلك عمالة ماهرة مؤهلة للتصدير إلى السوق العربي والدولي    هلا السعيد تتعرض للتحرش من سائق أوبر: "فك حزام البنطلون"    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    بإشارته إلى "الرايخ الموحد".. بايدن يتهم ترامب باستخدام لغة هتلر    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    ميناء دمياط يستقبل 10 سفن خلال 24 ساعة وحركة الواردات من القمح تصل ل 12 ألف طن    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    سفير الاتحاد الِأوروبى بالأردن: "حل الدولتين" السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    الرئيس الصيني: السياحة جسر مهم بين الشعبين الصيني والأمريكي للتواصل والتفاهم    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يكتبه‏:‏ خيري دمضان
شات العنكبوت‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 06 - 2010

سيدي أكتب إليك بعد أن قرأت رسالة‏(‏ بنت ناس‏)‏ والتي أشارك بطلتها بعض التفاصيل‏,‏ وان اختلفت ظروف حياتنا‏,‏ وردود أفعالنا فأنا فتاة في منتصف العقد الثاني من عمري‏,‏ ربما لا تهم قصتي أحدا‏,‏ لكن استحلفك بالله أن تنشرها‏,‏ لعلها تكون فيها عظة‏,‏ وان ينتبه آخرون الي ما فيها‏..‏ أنا الكبري في أسرة متوسطة بين أب وأم كانت خلافاتهما مستمرة إلا انهما لم يبخلا علينا ابدا بشيء‏,‏ كان ابي حانيا يدللنا كثيرا‏,‏ وأمي كمعظم امهاتنا المصريات امرأة عاملة تفني نفسها لأجلنا لكي نتعلم ونأكل ونحيا أفضل ما يمكن وتتيحه الظروف‏,‏ عشت طفولة أحسد نفسي عليها‏,‏ عندي رصيد من الذكريات الجميلة مما يملأ وجداني‏,‏ كنت دوما محط اهتمام واعجاب من حولي منذ طفولتي يشهد لي الجميع بالذكاء والطيبة والبراءة والعطاء‏,‏ أحب عائلتي كثيرا واود لو استطيع أن اسعد كل فرد فيها‏,‏ فقد كانوا دوما مصدر دفء وسعادة بالنسبة إلي‏.‏
مرت علي أيام لم أعان أبدا مثل الفتيات باضطراب مراحل المراهقة وغيرها‏,‏ كنت أشعر دوما بالاتزان الداخلي والاشباع العاطفي مما كنت استمده من حب ورعاية من أهلي واصدقائي‏.‏
لم أشعر أبدا بحاجتي الي أي علاقة غير سوية مع أي شاب‏,‏ فقد كان ابي لي صاحبا ورفيقا‏,‏ أحببته وشعرت دوما أنه بطلي الذي لم ولن يكون لي بطل مثله‏,‏ وظلت الأحوال هكذا حتي شاءت الأقدار وفاجأ المرض ابي قبل أن أنهي دراستي الجامعية بشهور قليلة‏,‏ ولم يطل الله عليه عذابه ورحل عنا‏,‏ وكأنني في كابوس‏,‏ لا استطيع الاستيقاظ منه‏,‏ مات حبيبي مصدر الأمان‏,‏ الحضن الدافئ‏,‏ الصديق المخلص‏,‏ ووجدت نفسي وإخوتي في عالم غريب عنا فقد كان أبي أكبر إخوته‏,‏ وكشفت لنا الدنيا وجها جديدا لم نعهده وكأننا غنيمة يريدها الجميع‏.‏
قاطعنا أهل أبي سامحهم الله وشهروا بنا وحاولوا اغتصاب حقوقنا‏,‏ ووقفت أنا ادافع عن إخوتي كقطة تدافع عن صغارها‏,‏ كنت أجنب أمي حتي أن تواجههم‏,‏ كنت أشعر أني مكان ابي فأنا الكبري وهم كلهم إبنائي بمن فيهم أمي‏,‏ ومرت بنا الشهور وبدأ يستقر بنا الحال‏,‏ وبدأت أمي في استعادة السيطرة علي زمام البيت‏,‏ وفجأة بدأت أنا أشعر بما حدث فقد مات أبي وأصبحت أمي عصبية لا تطيق كلمة من أحد‏,‏ حزينة منطوية‏,‏ كنت دوما الي جانبها اخفف عنها‏,‏ وألم شمل الأسرة وأجمع إخوتي الصغار بل هم أبنائي‏,‏ حتي انقلبت أمي فجأة ولم تعد تريدني‏!!‏ نعم لا تتعجب سيدي لم تعد تريدني‏,‏ بدأت تعاملني كعدو لها بلا مبرر يذكر‏,‏ احتار كل من يحيط بنا لماذا تفعل بي هذا‏,‏ تقاطعني ولا تتحدث إلي أبدا‏,‏ تكيل إلي السباب وافظع الاتهامات‏,‏ وتطردني من بيت أبي‏,‏ تخيل ألجأ الي الأقارب كي يؤووني وانا التي لم يهني أبي أبدا ولم أبت خارج بيته يوما‏,‏ ساءت حالتي وشعرت بالأمراض تدب في جسدي فأنا بعيدة عن إخوتي وعن أمي‏,‏ عن دفء أسرتي‏,‏ كنت في هذه الاثناء قد انهيت دراستي‏,‏ وبدأت حياتي العملية‏,‏ وأنعم الله علي فيها بما لم أحلم به ووصلت في سني الصغيرة هذه الي منصب لم يسبقني اليه أحد في مثل سني‏,‏ وكان لي زميل احببته حبا شديدا‏,‏ ولكني احتفظت بحبي بين ضلوعي‏,‏ فأنا والحمد لله أخشي الله وبشهادة من حولي فأنا مثال للبنت المسلمة الملتزمة شكلا وموضوعا‏,‏ وحباني الله بجمال وبنعمة أخري أهم‏,‏ ألا وهي أني ألقي قبول كل من يلقاني ويجالسني‏,‏ وتلقيت الكثير من عروض الزواج‏,‏ لم تلق في نفسي قبولا‏,‏ ولم أواجه الحمد لله أي مطامع أو مضايقات لا في مكان عملي أو أي مكان آخر‏..‏ المشكلة سيدي أنني منذ نبذتني أمي شعرت بمرارة الوحدة وغياب الأحباب‏,‏ لقد كانت تمنع عني إخوتي‏,‏ وأعلم أنك تجد هذا محيرا‏,‏ والله إنني سألت نفسي لماذا آلاف المرات‏,‏ ولم أجد جوابا‏,‏ حتي أنني خيل الي أنني لست ابنتها‏,‏ وان أبي كان متزوجا من أخري‏,‏ وهي ربتني مئات‏,‏ الأسباب ظهرت أمامي‏,‏ طردتها جميعا‏..‏
وللأسف لأننا في ظروف اقتصادية صعبة فكل مشغول بحياته‏,‏ وغاب عنا الأقارب فما وجدت عما ولا خالا يطرق علينا بابا نحن لا نريد شيئا سوي الاهتمام والرعاية‏,‏ ضاقت بي الدنيا وانطويت علي نفسي وصرت أقضي وقتي وحيدة بين عملي وغرفتي لا استطيع الخروج منها‏,‏ آكل وحدي وأقضي الساعات أبكي أبي الذي تركني وحدي أسمع أمي وإخوتي يتهامسون ويضحكون وأنا بالداخل وكأنني ضيف ثقيل‏..‏ ظل الحال هكذا إلي أن وجدت متنفسي في مواقع الشات أحادث الغرباء لعلني استأنس بهم في وحدتي‏,‏ كنت أشعر أنني ارتكب جرما في حق نفسي إلا أنني كنت في حاجة إلي من يسمعني‏,‏ وتطورت الأحوال إلي أشياء أفظع فقد كنت كما يقولون نموذجا آخر لم يروه ابدا‏,‏ بريئة لا اعرف شيئا‏,‏ كانوا يتطرقون إلي مواضيع لا اتحملها‏,‏ لكني اتجاوب لكيلا أخسر صحبتهم‏,‏ ولا تتحامل علي في هذا لأنك لا تعلم كيف هي الحياة بلا أهل ولا أصدقاء ولا أب أو أخ‏,‏ ولكن من نعم الله علي أنني لم أكن اتلذذ افعالي ابدا‏,‏ وقد سترني الله ولن افضح نفسي‏,‏ وأنقذني كثيرا من مرات كان من الممكن أن أضيع فيها‏,‏ حتي أنني وافقت أن أقابل أشخاصا منهم‏,‏ في حين كانوا هم يتراجعون عن نواياهم عندما يقابلونني ويصارحونني بأنهم لا يريدون أن يلوثوا براءتي‏,‏ وانني لست تلك الفتاة التي يؤذونها‏!.‏
تخيل سيدي الفاضل أن يكرمني ربي حتي وإن اهنت أنا نفسي‏,‏ كنت أتعذب كل لحظة وأنا الغالية علي نفسي‏,‏ أن أقبل ما لا تقبله العفيفات‏,‏ كي ألتمس الصحبة‏,‏ ولكن لم يطل الحال وقد رجعت إلي رشدي‏,‏ وتبت إلي الله‏,‏ ورجوته أن يغفر لي‏,‏ وكلما ضعفت ورجعت عن توبتي لم أيأس حتي اكرمني الله‏,‏ وفي هذه الأثناء صارحني من أحب أنه يشعر تجاهي بالحب‏,‏ وطرت أنا فرحا وشعرت أن الله يعوضني عن أبي وأنه سيكون لي زوجا وصديقا أخا‏,‏ وعزمت ألا أعود لأفعالي‏,‏ ابدا إلا أنه وبدون أسباب ابتعد ولم يعد في حياتي‏,‏ وحزنت حزنا شديدا وشعرت أنه عقاب ربي وأني استحقه‏,‏ ولكني لم أيأس‏,‏ ولم أعد إلي ما كنت عليه‏.‏
كل هذا وأنا أشعر أنني صرت في هذه الدنيا وحدي لم يتغير شيء بل زاد الوضع سوءا وصرت أعيش بعيدا عن أهلي وحدي‏,‏ فقد صرحت أمي أنها تريدني خارج حياتها بلا سبب‏,‏ وخاصمها الكثيرون حتي أقاربها بسببي‏,‏ والآن أحاول أن أشغل نفسي بعملي‏,‏ وأجدد علاقاتي بالأصدقاء‏,‏ ومازال الجرح يدمي بداخلي‏,‏ ومازلت أبكي أبي الذي أعلم أن الله حفظني بعمله الصالح ودعائه لي وهو علي فراش الموت‏,‏ وابعث كلماتي أولا لكل بنت‏:‏ أنت عزيزة غالية‏,‏ لاتهيني نفسك‏,‏ ولا تبرري لنفسك شيئا فلن يكون هنالك من خاسر سواك‏,‏ اعلمي أنها دنيا فانية ومانحن فيها إلا عابرو سبيل فاصبري مهما واجهتك الصعوبات‏,‏ واحتسبي‏,‏ وأعلمي أن الله أحن عليك من أبويك ومن نفسك وإن لم تجدي في الدنيا ماتبغينه فانتظري وعد الله في الجنة‏.‏
وكلمة أخري إلي الآباء‏..‏ اتقوا الله فينا‏,‏ نعلم انكم تكدون لكي توفروا لنا حياة كريمة لكن ما جدوي حياة كريمة ونحن نضيع منكم‏,‏ تترقبنا الذئاب‏..‏ أقول لكل أب كن حانيا علي بناتك حازما معهن‏,‏ لكل أم‏..‏ لمي شتات ابنائك فهم في حاجة إلي أكثر من طعام وملبس وبيت نظيف‏,‏ وفروا الحب لاولادكم في البيوت لكيلا يتلمسوه حيث الألم والضياع‏..‏ وآخر كلماتي اليك سيدي جزاك الله خيرا عن جهدك معنا‏,‏ واحتسبه دوما في سبيل الله‏..‏ واسالكم جميعا الدعاء لي بالثبات وبزوج صالح يقر الله به عيني‏,‏ ويرزقني منه ذرية صالحة‏,‏ تملأ علي حياتي‏..‏
‏*‏ عزيزتي‏..‏ رسالتك واحدة من عشرات الرسائل التي وصلتني من فتيات بعد نشر رسالة بنت ناس‏,‏ لتكشف وجعا في بيوتنا‏,‏ وإنفصالا تاما بين أفراد الأسرة‏,‏ كل في واد‏,‏ وباسم الفراغ والوحدة تدخل البنت بيديها الي تلك الشبكة اللعينة من أجل الشات‏,‏ التواصل مع أشخاص لا تعرفهم‏,‏ لتلتف حولها بعد أن تكشف كل نقاط ضعفها خيوط العنكبوت‏,‏ وفي هذا العالم الافتراضي ينشط الشيطان فيمنح لضحاياه الأمان ليسقطوا كل أقنعة الحماية والأمان‏,‏ ويبدأ الخطأ مع وعود بألا يتجاوز حدود الفراغ‏,‏ الكمبيوتر‏,‏ مجرد شات وفضفضة‏,‏ ليتحول الأمر بعد ذلك إلي كارثة‏,‏ إما بتسجيلات يبدأ بعدها الابتزاز‏,‏ إما برغبة في الاكتشاف فيتم اللقاء‏,‏ وبعد انهيار الحاجز الأخلاقي عبر النت يصبح السقوط الحقيقي أكثر يسرا‏,‏ ثم تبدأ رحلة الندم التي قد لا تنجح في كثير من الأحيان‏.‏
كان والدك مصدر أمانك‏,‏ صاحبك ورفيقك وبطلك الدائم‏,‏ يعني رحمه الله كان مثاليا وحريصا وواعيا ومحبا وحانيا وفاهما في تربيتك‏,‏ ولكن بموته كشفت لكم الدنيا وجها جديدا لم تعهدوه‏..‏ الأهل طامعون‏,‏ والأم لا أفهم سببا لسلوكها نحوك‏,‏ هناك شيء غامض‏,‏ فليس من الطبيعي أن تفعل أم ذلك إلا إذا كان لديها مبررات منطقية‏,‏ وإلا تصبح حالة مرضية تستوجب العلاج‏.‏
تكشف رسالتك عن خلل آخر في العلاقات العائلية‏,‏ فبرغم الانشغال وصعوبة الحياة‏,‏ تتقطع أواصر الأسرة‏,‏ ويغيب الأقارب‏,‏ فينعدم السؤال وتتباعد اللقاءات‏.‏
أصابتك الوحدة ياصغيرتي‏,‏ علي الرغم من نجاحك في العمل‏,‏ وكونك مثالا للبنت المسلمة‏,‏ ومع ذلك استسلمت للطريق الخطأ‏,‏ وذهبت إليه بكامل وعيك‏,‏ وقبلت ما لا يليق‏,‏ وكان يمكنك أن تبحثي عن الصحبة الصالحة حتي عن طريق الشات فهناك مجموعات تدعو للخير والصلاح والمحبة‏,‏ فكان لك ما ذهبت إليه‏.‏ أقصد أن البحث عن مبررات للخطأ غير مقنع ولا مبرر‏,‏ لأننا كما نرصد أخطاء الآخرين وندينها‏,‏ علينا أن نسعي للصحيح في تصرفاتنا‏,‏ وعلينا حتي عندما نخطئ أن نعترف ونواجه أنفسنا بما نفعل ولا نلتمس لأنفسنا المبررات حتي لا يتبلد ضميرنا ونستمرئ الخطأ‏.‏
عزيزتي‏.‏ الحمد لله أنك أفقت وتوقفت عن اخطائك وتعلمت الدرسا‏,‏ الذي أتمني أن تعيه كل فتاة تشعر بالوحدة أو تغضب من تصرفات أهلها معها‏,‏ فمهما كانت قسوتهم لن تكون أبدا مثل قسوة ذئاب الشات‏.‏
ولن أضيف كثيرا إلي نصائحك للفتيات ففيها ما يكفي‏,‏ ولكن سأصرخ في وجه الآباء والأمهات‏,‏ التفتوا إلي بناتكم‏,‏ ولا تمنحوهن تلك الحرية المطلقة للجلوس بمفردهن أمام أجهزة الكمبيوتر‏,‏ يهمن في مغامرات الشات ويصبحن لقمة سائغة لصائدي البنات الوحيدات‏,‏ عديمات الخبرة‏,‏ والباحثات عن حنان واهتمام وكلمة حب‏,‏ فهل تفيقون وتأخذون أولادكم في أحضانكم‏,‏ تؤهلونهم لمواجهة الحياة وتحصنونهم بالحب والدين؟‏!..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.