قضية مياه النيل .. أصبحت شائكة وأكثر تعقيدا. بعد إن دخلت فيها اطراف عديدة من خارج دول الحوض! وإذا كنا نقول .. إن اسرائيل تلعب في فنائها الخلفي من خلال اقامة مشروعات أو تزويد دول المنبع. خصوصا اثيوبيا. بالخبراء والمعونات الفنية ومساعدتها في اقامة السدود .. فهي اي اسرائيل ليست المتهم الوحيد! هناك دول تمتلك المال وتنقصها المياه والاراضي الزراعية القت بكل ثقلها في منطقة حوض النيل.. واستأجرت مئات آلاف من الافدنة لزراعتها بالحبوب كالقمح والارز! وفي مقدمة الدول التي فعلت ذلك .. الهند والسعودية وكوريا الجنوبية. حيث استأجرت هذه الدول أو الشركات التابعة لها مساحات شاسعة من الاراضي او تملكتها في اثيوبيا والسودان. بهدف اقامة مشروعات زراعية عليها لسد احتياجاتها من الحبوب واللحوم. ولاجدال في ان زراعة هذه الاراضي تحتاج الي المياه. خصوصا وان الارز من بين المحاصيل كثيفة استهلاك المياه! معني ذلك ان ماتقوله اثيوبيا من ان اقامة السدود فيها غرضه انتاج الطاقة فقط هو قول مغلوط.. وان الهدف الحقيقي هو توفير المياه لهذه المشروعات الزراعية الكبيرة. وسوف يترتب علي ماسبق ان حصة مصر من مياه النيل سوف تنخفض مهما حاولنا دفن الرءوس في الرمال ومهما منينا انفسنا بعدم حدوث نقص في هذه الحصة.. ولامناص من مواجهة الموقف بشجاعة وحسم والبحث عن البدائل. واذا كان المعدل العالمي المتعارف عليه كحد ادني لاستهلاك الفرد من المياه هو الف متر مكعب سنويا. شاملة الزراعة والصناعة والشرب وغيرها وكان تعداد سكان مصر هو 80 مليون نسمة فمعني ذلك اننا بحاجة الي 80 مليار متر مكعب من المياه سنويا. ولما كانت حصة مصر الحالية من مياه النيل 55 مليار متر مكعب سنويا فقط.. وليس لنا موارد مائية اخري تقريبا. فلاجدال في أننا نعاني من فقر مائي كبير.. ولاشك ان فقرنا المائي سوف يزداد حدة وقسوة مع تزايد عدد السكان في المستقبل وتناقص حصتنا من مياه النيل والحاجة الي التوسع في التنمية الصناعية والزراعية. واذا عدنا الي اقامة المشروعات الزراعية من قبل الدول والشركات الاجنبية في اثيوبيا. فسوف نجد ان هذه الدول تستولي علي مياه النيل بشكل غير مباشر رغم انها ليست من دول حوض النيل. اذن .. فقد بدأت القضية تتخذ مسارا خطيرا. في ظل ذهاب المياه الي خارج دول الحوض.. ومعني قيام اثيوبيا بتأجير او تمليك الاراضي الزراعية لشركات ودول اجنبية انها تبيع مياه النيل. خصما من حصة مصر! وقد يقول قائل : ماذا لو ان اثيوبيا او الشركات الاثيوبية هي التي اقامت هذه المشروعات وصدرت انتاجها للخارج؟! هل يعني ذلك ان اثيوبيا تبيع المياه او تصدرها .. وهل يحظر علي بقية دول حوض النيل تصدير انتاجها الزراعي للخارج.؟! ويقولون ايضا.. أليس قيام الدولة بتنفيذ المشروعات علي أراضيها من اعمال السيادة؟! اذا كان الرد علي هذه الاسئلة سهلا.. وهو وجود اتفاقية ينبغي عدم الاخلال بها.. فإن الواقع العملي ليس بمثل هذه السهولة! المهم .. كيف نواجه قضية الفقر المائي حاليا وفي المستقبل؟ هل معني ذلك الدخول في مواجهة عالمية مع دول الحوض والدول التي تقيم مشروعات زراعية فيها؟! وماذا يجدي ذلك؟! وحتي لو حافظنا علي حصتنا الحالية من المياه.. كيف نوفر بقية احتياجاتنا في ظل الزيادة السكانية المطردة والحاجة الملحة للغذاء..؟! واضح أننا اصبحنا في وضع لانحسد عليه. ولابديل امامنا سوي البدء.. وبأقصي سرعة في البحث عن البدائل وفي مقدمتها تحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الصرف. قبل ان تدهمنا كارثة المجاعة!!