في سوهاج ينتشر الفقر المدقع والبطاالة وإغلاق المصانع وأطفال الشوارع تبحث عن مأوي ووسط كل هذا انتشر هوس البحث عن الآثار في كل مكان واجتاحت حمي التنقيب والحفر مدن وقري المحافظة من أقصاها إلي أقصاها. لقد اصبحت سوهاج "عاصمة الفقر" قبلة الباحثين عن الآثار ومطمعاً لكثير من الناس سواء من أبناء المحافظة أو من خارجها بحثاً عن الثراء السريع وهروباً من الفقر بل وصل الأمر إلي أن بعض المواطنين من أبناء سوهاج التقوا معاً أسفل منازلهم بعد أن قاموا بالحفر والتنقيب عن الآثار داخل منازلهم وهناك من يستعين بالمشايخ والدجالين للبحث عن الكنز المفقود.. ومنهم من ضاع عمره وفقد حياته في سبيل ذلك ومنهم من ينتظر غير مبال بالمخاطر المحدقة به أو النهاية المؤسفة لبعض من سبقه في التجربة.. "المساء" القت الضوء علي تلك الظاهرة المنتشرة في معظم انحاء المحافظة.. والبداية من اخميم المدينة التي قيل عنها انها تعوم علي بحيرة من الآثار. هي أكثر المدن أو الأماكن التي يزداد فيها ذلك الهوس وحمي التنقيب عن الآثار حيث يروي لنا مدحت عبدالله مدرس حكاية أخميم مع الآثار بقوله ان اخميم مدينة تاريخية الكل فيها غارق في هوس البحث عن الآثار ويسيل اللعاب خاصة عندما يسمع العثور علي قطع أثرية يشبته في اثريتها داخل منزله الأمر الذي أدي إلي قيام جيرانه بالحفر والتنقيب بمنازلهم لدرجة أنهم التقوا أسفل المنازل معاً أنه هوس كبير بالآثار وبالحصول عليها للوصول إلي الثراء الفاحش. اضاف جمال عرفة اخصائي مدينة أخميم نسمع فيها كل يوم عن القبض علي اشخاص يقومون بالحفر والتنقيب بحثاً عن الآثار مشيراً إلي أن هناك هوساً كبيراً لدي الكثير من ابناء سوهاج من مختلف الشرائح وشتي المهن زاد في الفترة الأخيرة في ظل حالة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واتساع دائرة الفقر. يؤكد وجيه وليم مدير عام علي مقولة أن سوهاج قبلة الباحثين عن آثار ومطمعا لكثير من الناس خاصة من الخارج حيث يأتي البعض من محافظات اخري ممن لهم خلفيه في حكاية التنقيب عن الآثار ويلتقون عدداً من المواطنين من ابناء سوهاج ويتحدثون معهم علي وجود آثار بمنازلهم أو بالمنطقة التي يعيشون فيها فيسيل معها اللعاب ويصرفون كثيراً من المال لعل وعسي وربما يستغرق ذلك سنوات تضيع فيها أموالهم وربما حياتهم. يشير مؤمن الزناتي إلي أن هناك من أبناء سوهاج حالمين بالثراء السريع بأي وسيلة ويرون أن التنقيب والبحث عن الآثار هو الطريقة الوحيدة والمتوفرة خاصة أن سوهاج مليئة بالآثار مشيراً في ذات الوقت إلي وقوع هؤلاء فريسة للدجالين والنصابين. يؤكد طارق إبراهيم موظف بالكوثر علي أنه احياناً يري أناساً غرباء ليسوا من سوهاج يقومون بالتجول ليلاً في منطقة الكوثر والمناطق المحيطة بها مثل قرية الديابات والسلاموني للبحث عن الآثار من خلال لقاء عدد من ابناء تلك المناطق المشهور عنهم التنقيب والبحث عن الآثار مشيراً إلي أن ذلك يحدث كثيراً بل أن هناك جنسيات مختلفة "سودانيين ومغاربة" شاهدهم ذات مرة مع أحد الأشخاص وعرف من خلال الحديث مع أحد منهم أنهم جاءوا لوجود مقبرة آثار. قال خالد مهران نقيب معلمي الكوثر أن وتيرة التنقيب عن الآثار تسارعت وزادت في الآونة الأخيرة بمحافظة سوهاج واصبح البحث عن الكنوز والآثار حاضرة في وجدان كل حالم بالثراء السريع مهما كلفه ذلك من ثمن وربما حياته مشيراً إلي أن هناك كثيراً من مواطني سوهاج وقعوا فريسة للنصب والاحتيال من قبل بعض الشيوخ والدجالين وهذا موجود في القري التي تقع علي الخط الشرقي فمنهم من وقع ضحية لمشعوذين وخسروا مئات الآلاف من الجنيهات مقابل استخراج "الآثار". اكد صابر حامد بالمعاش أن هوس البحث عن الآثار الذي يجتاح ابناء المحافظة سببه وجود فئة من الدجالين منتشرين في عدد من المناطق يقومون بإيهام المواطنين بوجود آثار في منازلهم. احد المواطنين ويدعي "عنتر" روي لنا حكايته مع الآثار قائلاً جاء لي أحد الشيوخ وقال لي ان بيتك به "آثار" وقمت بالحفر داخل المنزل بعد احضار عدد من العمال ليلاً ونهاراً وعلي مدار أسابيع وفي النهاية لم نعثر علي شيء سوي ضياع المال وتصدع المنزل وجدران المنازل المجاورة. قال الدكتور خالد كاظم مدرس علم الاجتماع بآداب سوهاج ان التنقيب عن الآثار أصاب العديد من المواطنين بسوهاج بالهوس. هوس البحث عن الآثار الذي قد يستمر لسنوات طويلة دون العثور علي شيء سوي التسبب في تصدع العقارات المجاورة وهدر الأرواح وضياع آلاف الجنيهات. الغريب أنني عندما سألت أحد الذين يقومون بالتنقيب عن الآثار في منزله بسوهاج لماذا التنقيب قال وما المانع طالما أنه في ملكي في بيتي فلا حرمة في ذلك ولا جريمة ارتكبها فانا مالك المنزل. والمالك يمتلك الأرض وما فوقها وما تحتها إذا لا مشكلة في ذلك!!. وقد نتج عن هوس البحث عن الآثار في سوهاج أن لقي أمين شرطة بدار السلام مصرعه متأثراً بإصابته بطلق ناري بسبب خلاف بينه وبين 3 آخرين علي تجارة الآثار. فيما تمكنت شرطة الآثار بمساعدة قوة من ادارة البحث الجنائي بقيادة المقدم أحمد شوقي رئيس مباحث مركز اخميم بمداهمة منزل صاحب محل فاكهة بمدينة أخميم الأثرية. والعثور علي حفرة داخل منزله بعمق 2 متر تنتهي بسرداب نهايته مجهول. والعثور علي بعض الأواني والقطع الأثرية المختلفة المستخرجة من هذه الحفرة وتم القبض علي صاحب المنزل وأربعة أشخاص آخرين من محافظات اخري. كما تنكر رئيس مباحث السياحة والآثار بسوهاج المقدم أحمد رفعت في ملابس تاجر آثار لضبط موظف يعمل في الوحدة المحلية بمدينة المراغة اثناء اتمام عملية بيع تمثال اثري من حجر البازلت الأسود بارتفاع 50 سم ممسك بيده اليمني مفتاح الحياة والاخري اسفل الصدر يعلوه تاج وعليه كتابات ورسومات وزخارف فرعونية يقف علي قاعدة فرعونية نظير مبلغ من المال وتم القبض عليه واحيل المتهم للنيابه فيما تم ضبط 10 أشخاص أثناء قيامهم بالحفر والتنقيب بحثاً عن الآثار بأحد المنازل بناحية الكوامل بحري مركز سوهاج. بينما تمكن رجال مباحث طما من ضبط أحد العمال ومعه ثلاثة أشخاص آخرين من مدينة المراغة يقومون بالحفر والتنقيب بمسكن العامل بحثاً عن الآثار. واستطاع رجال مباحث اخميم بقيادة المقدم أحمد شوقي رئيس مباحث المركز بالتنسيق مع مباحث السياحة والآثار بسوهاج من ضبط مفتش آثار ومعه 3 آخرون اثناء تنقيبهم عن الآثار في منزل عامل بمدينة أخميم. اكد اللواء إبراهيم صابر مدير أمن سوهاج أن هناك حملات مستمرة وبصفة دائمة لمنع عمليات البحث عن الآثار وحماية المواطنين من التعرض لاخطار الحفر مشيراً إلي أنه تم ضبط العديد من الأشخاص يقومون بالحفر والتنقيب عن الآثار في عدد من الأماكن بمخلتف مراكز ومدن وقري المحافظة.