في عام 1999 بدأ إنشاء المعهد القومي لعلوم ورعاية المسنين عن طريق التبرعات والجهات المانحة إلا أن هذا المشروع العملاق واجهته الكثير من المشاكل رغم أهميته خاصة بعد الزيادة الكبيرة في أعداد المسنين لتصل إلي حوالي 9 ملايين شخص. وقد شهدت الأيام الماضية انفراجة وحراكاً إيجابياً بعد اتفاق جامعة القاهرة مع المؤسسين علي ضرورة انهاء كافة الإجراءات والموافقات الرسمية في غضون 3 أشهر حتي ينطلق الصرح الكبير في ممارسة عمله وخدماته داخل وخارج مصر. "المساء الأسبوعية" التقت المسئولين والمتخصصين في محاولة جادة للوقوف علي كل المستجدات الخاصة بهذه القضية الهامة.. فنحن علي أعتاب عهد جديد لا مكان فيه لتهميش فئة من فئات الشعب. * د.أحمد الدرش وزير التخطيط ووزير الدولة للتعاون الدولي الأسبق ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لرعاية المسنين.. أوضح أن الهدف من إنشاء هذه الجمعية هو تدعيم مركز رعاية المسنين بجامعة القاهرة من أجل تحويله إلي معهد قومي إلي جانب عملها في خدمة هذه الشريحة العمرية والاتصال بالعالم الخارجي للوصول إلي أفضل السبل في الرعاية والحفاظ علي حقوق المسنين وبالفعل قدمنا مبلغ 5 ملايين جنيه. أشار إلي أن جامعة القاهرة خصصت مساحة عشرة أفدنة من الأراضي المملوكة لها في مدينة 6 أكتوبر لإنشاء المركز واستطعنا إدراج المشروع في الخطة الخمسية عام 2002/2007 وقدمنا الموارد المالية اللازمة من التبرعات ومن وزارة التخطيط وقام اتحاد وزراء الشئون الاجتماعية العرب بتقديم خمسين ألف دولار مساهمة في تجهيز المعهد بجانب منحة قدرها 200 ألف دينار كويتي مقدمة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالكويت. قال إنه تم استلام المبني في سبتمبر عام 2011 بمعرفة الإدارة الهندسية لجامعة القاهرة وخلال هذه الفترة قامت اللجان العلمية بالانتهاء من المحتوي العلمي من حيث الدراسات الاجتماعية والنفسية والتمريض والتغذية والتربية الرياضية وكافة البرامج الأخري إلي جانب اكتمال البيان التشريعي والإداري والمالي مؤكداً أن هذا المركز سيكون مركزاً إقليمياً لدول شرق البحر المتوسط. أسباب التعثر * د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة أكد أن هذا الصرح سيضم جميع التخصصات التي تتعلق بفئة كبار السن بداية من البيئة مروراً بالجوانب الاجتماعية والثقافية والإنسانية إلي جانب الرعاية الطبية المتكاملة في جميع التخصصات. قال إن الخدمات التي تقدم للمسنين في الوقت الحالي متفرقة وليست بالشكل المطلوب الذي ينهض بهذه الشريحة والتي تشهد زيادة سنوية في أعدادها. أضاف أن تعثر الإجراءات خلال السنوات الماضية كان من ضمن أسبابه الحالة التي شهدتها البلاد في أعقاب الثورة لكن إدارة جامعة القاهرة حريصة كل الحرص علي انهاء كافة الإجراءات وتذليل العقبات إيماناً منها بأهمية خروج هذا الصرح العلمي الذي سيقدم خدماته لمنطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية. لذلك حرصت علي اللقاء مع وزيري التعليم العالي والتخطبط للحصول علي كافة الموافقات الرسمية وتم الاتفاق علي موعد لا يتجاوز 3 أشهر حتي يستطيع المعهد ممارسة عمله ومهامه مؤكداً أن الجامعة لن تألو جهداً في وضع كل إمكاناتها وطاقتها حتي يري المشروع النور فقد تم الانتهاء من إنشاء المبني وفق أحدث المعايير العالمية. أوضح أنهم في انتظار موافقة المجلس الأعلي للجامعات لإنهاء كافة الإجراءات. متوسط الأعمار * د.عبدالحميد هاشم أستاذ ورئيس وحدة الطب النفسي للمسنين بجامعة القاهرة أشار إلي أن متوسط الأعمار في مصر طبقاً لاحصائيات الرسمية ارتفع إلي 74 عاماً للإناث و71 عاماً للذكور وبلغت النسبة لمن فوق سن الستين 5.9% ومن المتوقع أن تصل عام 2020 إلي 5.11% وهذه المؤشرات دليل واضح علي ازدياد نسبة كبار السن في الوقت الذي نجد فيه أن الميزانيات الخاصة برعايتهم ضئيلة لا تتناسب مع الخدمات المختلفة التي ينبغي أن تقدم إليهم مما يتطلب وضع خطط عمل عاجلة لمواجهة الاحتياجات المتزايدة لهم. قال إن الانهيار الفجائي في الصحة الذهنية والبدنية لا يحدث إلا بعد سن ال 70 وبالتالي نحن أمام فئة عمرية مازالت قادرة علي الإنتاج والعطاء بشرط أن تلقي الرعاية المطلوبة. مشروع قومي * د.نهي صبري مدير مركز رعاية المسنين بجامعة القاهرة أوضحت أن تطور العلوم في شتي الفروع واكبه ما يُعرف بالثورة السكانية الثانية التي تتمثل في الزيادة الواضحة في أعداد المسنين ممن تبلغ أعمارهم أكثر من ستين عاماً فقد وصلت نسبتهم إلي ما يقارب من 25% من السكان في المجتمعات المتقدمة. أضافت أنه مع التقدم الطبي في علاج الأمراض المختلفة تزداد أعداد المعمرين في مصر مما يستوجب أن يكون لدينا مشروع قومي متخصص في هذا المجال فلا يمكن أن يحدث التقدم في علوم الأعمار والشيخوخة من خلال الأقسام المبعثرة في الكليات المختلفة. قالت إن عمل مشروع قومي لرعاية المسنين سيضع الجامعة علي الطريق الصحيح في القيام برسالتها العلمية والحضارية خاصة أنه ليس لدينا سوي قسم طب رعاية المسنين في جامعة عين شمس إلي جانب وجود مركز تعليمي بجامعة حلوان. أشارت إلي أن المعهد سيقوم بإعداد الكوادر المتخصصة في علوم الأعمار في الطب الوقائي والعلاجي والطب الطبيعي والتمريض والأخصائي الاجتماعي والنفسي بل والمهندس الذي يرعي المسن في تصميماته واحتياجاته من خلال البرامج الدراسية للدبلوم والماجسير والدكتوراه. وسيقوم بالتدريب للدارسين وغير الدارسين بالمعهد في التخصصات المختلفة. تحسين الخدمات * د.إبراهيم بدران وزير الصحة السابق وعضو مجلس إدارة مركز وجمعية رعاية المسنين قال: إن كل بلاد العالم تقدم أفضل وأعلي خدمات الرعاية فيما يتعلق بالمسن فهذا حق من حقوق الإنسان في الحياة.. أضاف أن الجمعية تضم خبرات وكفاءات في مجالات مختلفة طبية وقانونية واقتصادية جمعها هدف واحد هو تحسين الخدمات التي يحتاجها المسنون ووضع هذه الفئة علي أولويات اهتمام المسئولين في الدولة لعدم وجود كيان أو مهمة متخصصة تعتني بشئونهم فقد كان من المفترض إنشاء المجلس الأعلي لرعاية المسنون والاتحاد القومي للجمعيات الأصلية العاملة في هذا المجال بعد توصية المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية وكذلك المؤتمر القومي لرعاية المسنين الذي عقد 2007 بجامعة القاهرة.. ولكن كالعادة لم يتم شئ في هذا الاتجاه. مدنية متكاملة * د.محمد ياسر سيف أستاذ طب العيون جامعة بني سويف عضو مجلس إدارة الجمعية.. أوضح أن هذا المعهد سيكون بمثابة مدينة متكاملة لرعاية المسنين فهو يشتمل علي مستشفي ودار للفندقة وناد يشمل جميع الأنشطة الملائمة لهم إلي جانب تحقيق الأهداف الأكاديمية التي تتعلق بالتعليم والأبحاث والتدريب والرعاية المتكاملة. * مهندس محمد سيف عضو مجلس إدارة جمعية رعاية المسنين أشار إلي أن هذا المشروع نتاج جهد وعمل يعود لبداية الألفية الثانية علي يد الراحل د.سيد سيف عميد معهد الليزر إلي جانب نخبة من المتخصصين والعلماء من كافة التخصصات جميعهم استشعروا أهمية وجود كيان أو مؤسسة يملك كل الامكانيات المادية والبشرية بهدف توفير رعاية صحية للمسنين في بيئة تلائمهم وظيفياً وصحياً واجتماعياً ونفسياً علي جميع المستويات الاقتصادية والفكرية والاجتماعية. وقد قدرت تكلفة هذا المشروع بحوالي 100 مليون جنيه مصري.