كلما مررت بشارع 26 يوليو أو فؤاد.. اكتأبت وأحسست بأنني في شارع السد بالسيدة زينب أو شارع الجامع بإمبابة أو تحت الربع بالدرب الأحمر أو زنقة الستات بالإسكندرية. هذا الشارع الأكثر أهمية وحيوية أصبح حاله لايسر عدواً ولاحبيباً رغم تعرضه لعمليتين جراحيتين قسمته إلي ثلاثة أقسام منفصلة وكانتا كفيلتين بالحفاظ علي رونقه اطول فترة ممكنة. *** الجراحة الأولي عندما أزالوا كوبري أبوالعلا الحديدي وتم استبداله بكوبري 15 مايو العلوي.. وبالتالي انفصل الجزء المار بضاحية الزمالك الراقية جسماً وروحاً وشكلاً وموضوعاً عن باقي الشارع.. والحمد لله أن حدث ذلك وإلا ضاعت الزمالك الآن كما ضاع وسط البلد. الجراحة الثانية بمرور كوبري أكتوبر في وسط البلد شارع الجلاء مما دعا إلي قطاع الشارع عند الإسعاف وبالتالي تم فصل الجزء المار من بولاق أبوالعلا حتي الإسعاف فعلياً عن باقي الشارع الممتد إلي الأوبرا. وهذه العملية تركت جزء بولاق الشعبي بنفس طابعه التاريخي وان كثر به الباعة الجائلون بشكل فج حيث احتلوا الأرصفة بل ونهر الطريق. كما تركت جزء الإسعاف- الأوبرا بطابعه الذي يميز "وسط البلد" من محلات تجارية وكافيتريات ودار القضاء العالي وغيرها من المعالم المهمة بهذا الشارع. *** بعد ثورة يناير.. وبسبب الغياب الأمني عن كافة الشوارع والاستغلال الخاطيء لمناخ الحرية.. تسللت العدوي من بولاق أبوالعلا إلي وسط البلد واندفع الباعة الجائلون بكل قوة واحتلوا الجزء الثالث من شارع 26 يوليو ما بين الإسعاف والأوبرا. عندما تسير في هذا الجزء بالذات لاتشعر بأنك في "وسط البلد" أبداً بل في سوق شعبي عشوائي. تجد عربات الكبدة والفشار والترمس واللب والسوداني. وتفاجئك ستاندات عليها ملابس خارجية وداخلية درجة عاشرة. وتتعثر في مشمعات مفروشة علي الأرض فوقها أجهزة كهربائية متنوعة ولعب أطفال وأحذية واكسسوارات حريمي! هذا السوق لم يعد يحتل الأرصفة فقط.. بل التهم نهر الطريق ايضاً المكتظ اصلاً علي الجانبين بالسيارات المركونة "3 صفوف" خاصة أمام دار القضاء العالي.. وبالتالي لم يتبق شيء للسائرين والراكبين أو ما يمكن أن نطلق عليه لفظ شارع. *** اتمني أن يعود الشارع إلي اسمه الحقيقي 26 يوليو لا "زنقة وسط البلد".. وإلي طبيعته وشكله ومحتواه. أتمني تفريغه من الباعة الجائلين الذين شوهوه. وقتلوه عن عمد وجهل وتخلف وإهمال. اتمني عودة رجال الشرطة إليه لضبط الايقاع وحتي لاتصبح العشوائية والفوضي والانفلات أمراً واقعاً وحقاً مكتسباً. هل يعود الشارع كما كان؟... أشك!