لم تحدث مفاجآت. وكانت النهاية المتوقعة فقد تولي الحسن وتارا الرئيس المعترف به دولياً لساحل العاج مقعد الرئاسة وأزاح الرئيس المنتهية ولايته لوران باجبو عن منصب ظل يتمسك به بدون وجه حق ودون اعتبار لنتائج الانتخابات التي جرت في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي. وكان ذلك بعد ان تمكنت القوات الموالية له من أسره مع زوجته. بمساعدة القوات الخاصة الفرنسية. وما حدث في ذلك البلد الذي يشكل المسلمون 70% من سكانه ينطبق عليه المثل العربي الشهير.. ما حك جلدك مثل ظفرك. فقد أدرك وتارا ان فرض عقوبات غير حاسمة لا يمكن ان تزحزح باجبو خطوة واحدة عن الرئاسة. وعلي العكس فإن هذه العقوبات سببت معاناة كبيرة للشعب بعد أن شملت البنوك. فقد ظلت عاجزة عن فتح اعتمادات لاستيراد احتياجات البلاد من الغذاء وعن تمويل صادراتها من الكاكاو الذي تعد ساحل العاج المنتج الأول له في العالم "بها 700 ألف منتج للكاكاو ويتعيش من ورائها 6 ملايين مواطن". وأقدم باجبو علي تحدي العقوبات. فامم فروع اثنين من البنوك الفرنسية في ساحل العاج بعد ان رفض مسئولوها مساعدته علي التحايل علي العقوبات. كما داهمت قواته مقر البنك المركزي لتجمع الايكواس في ابيدجان وصادرت ما في خزائنه من الفرنكات الافريقية والعملات الأجنبية ردا علي قرار البنك بتجميد عضوية البنك المركزي لساحل العاج. ومضي في التحدي فأعلن تأميم صناعة الكاكاو. وبدأت قواته تتحرش بانصار وتارا وأوقعت العديد من القتلي من بينهم وأدرك وتارا ان الغرب لن يقدم له شيئا وأعلن تجمع الأيكواس استبعاد التدخل العسكري لاجبار باجبو علي التنحي فكان لابد من الاحتكام إلي القوة وبالفعل بدأ انصاره هجمات مسلحة حققوا خلالها انتصارات كبيرة انتهت باسر باجبو وزوجته.. وذلك بمساعدة قوات خاصة من فرنسا. مهام جسيمة ومن حق وتارا "69 سنة رئيس وزراء سابق لبلاده ومدير سابق بصندوق النقد الدولي" ان يفرح ويحتفل بهذا الانجاز الذي كان كثيرون يستبعدون تحقيقه بسبب النظام الذي وضعه الفرنسيون قبل جلائهم عن ذلك البلد الافريقي والذي عمل علي تحجيم الأغلبية المسلمة فيها. واعتقد الكثيرون أن الغرب يمكن ان يتدخل ويحرض علي انقلاب لمنع المسلمين من تولي مقعد الرئاسة كما حدث في عام .1999لكن يجب علي وتارا الا يسرف في الاحتفال لأن مهام جسيمة في انتظاره وعليه أن يثبت قدرته علي التعامل معها فسوف يجد وتارا نفسه أمام ميراث ثقيل جدا يتسلمه من باجبو الذي لن يعني رحيله نهاية للمشاكل. وعلي الأقل. فإن أنصاره لايزالون مسلحين تسليحاً كثيفاً. وقد يلجأون إلي أعمال غير متوقعة انتقاما لزعيمهم خاصة ميليشيات الشباب الموالية له. وأكثر من ذلك فإن الجيش يحتفظ بولائه لباجبو حسب المعادلة التي صاغها الفرنسيون عند جلائهم. كما ان هؤلاء الأنصار سوف يسعون إلي عرقلة أي خطوات إصلاحية يقوم بها وتارا وفي المقابل فان وتارا لا يملك الا ميليشيات حديثة التكوين لا ترقي إلي مستوي الجيش النظامي وهناك شكوك يثيرها البعض بشأن ان يكون مسيطرا علي هذه الميليشيات بشكل كامل. وهناك ملامح أخري لهذا الميراث الثقيل منها بلد مقسم بين شمال وجنوب منذ عام 2001 وكان البعض يظنه عاد موحدا وأيضا الأحوال الأمنية المتردية في أبيدجان العاصمة الاقتصادية للبلاد والمقسمة حاليا بشكل فعلي بين أنصاره وأنصار باجبو. وهناك مذابح يتعين التحقيق فيها ومعاقبة المسئولين عنها وكل ما يملكه. وعلي الصعيد الاقتصادي يتعين إصلاح صناعة الكاكاو في البلاد وعلاجها من الأضرار التي لحقت بها في وقت الأزمة. ويكفي الكميات الكبيرة التي تلفت من هذا المحصول خلال الأزمة نتيجة وقف الصادرات وما تبعه من خسائر للمنتجين