أثار منجم السكري ولا يزال جدلا واسعا منذ تعاقدت الحكومة "ممثلة في الهيئة العامة للثروة المعدنية" مع شركة سنتامين الاسترالية مرة حول شروط التعاقد التي يراها البعض مجحفة وهو ما قضت به محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة التي حكمت ببطلان العقد وفسخه.. ومرة أخري بسبب سفر الذهب الخام للخارج لتنقيته والأمر الذي أثار أزمة بين الشركة المستخرجة للذهب وبين وزارة المالية بسبب رفض الأخيرة سفر 1.5 طن ذهب خام لكندا لتنقيتها في معامل متخصصة هناك. يقع منجم السكري في صحراء النوبة "30 كيلو مترا جنوب مرسي علم بمحافظة البحر الأحمر" ويحتل المركز الثالث عالميا في انتاج الذهب وبلغ مجموع ما تم استخراجه منه بين عامي 2009 و2012 نحو 21 طن ذهب. تباينت الآراء حول شروط التعاقد وسفر الذهب خارج البلاد لتنقيته رغم ان مصر لا تملك بالفعل امكانيات هذه التنقية فعليا.. "المساء" طرحت مشكلة منجم السكري علي المهتمين بتلك الصناعة في التحقيق التالي.. يقول المهندس محمد حنفي "مدير عام غرفة الصناعات المعدنية": العقد المبرم بين الحكومة المصرية والشركة المنتجة للذهب بمنجم السكري يعطي لمصر الحق في 3% من جملة الكميات المستخرجة من الذهب بداية كما يعطي للشركة الحق في استرداد أموالها المستثمرة في المشروع وبعد هذا الاسترداد يتم تقسيم الذهب المتبقي مناصفة بين طرفي العقد مصر وشركة السكري لمناجم الذهب "سنتامين" كما ان هناك فقرة بالعقد تجيز اعطاء حصة مصر ذهبا أو نقودا حسب الأسعار العالمية وقت بيع الذهب المنتج. أضاف حنفي: ونتيجة لما اثير من أقاويل في الآونة الأخيرة طلبت الشركة رسميا من البنك المركزي استلام مصر حصتها من الذهب مادة خام ولو عند باب المنجم علي أن يتولي المركزي تنقيتها وللشركة مطلق الحرية في تنقية حصتها وبيعها في مصر أو خارج كما يتراءي لها. لكن البنك رفض هذه الفكرة وأعلن تمسكه بالبند الثاني من العقد الخاص بتوريد قيمة المبيعات الخاصة بحصة مصر من الذهب في صورة أموال نقدية. وهو الأمر الذي يعطي للشركة كامل الحرية في التعامل مع الذهب المستخرج وتنقيته خارج مصر واثبات أسعار بيعه بحسب البورصات العالمية وقت البيع ثم تسلم "المركزي" نصيب مصر نقدا. ويرجع حنفي أسباب عدم تنقية الذهب في مصر إلي التكلفة العالية لإقامة محطة تنقية للذهب والتي تقدر ب 250 مليون دولار ونظرا لقلة الكميات المنتجة في مصر فإن إنشاء مثل هذه المحطة عديم الجدوي اقتصاديا ولهذا جري ارجاء الأمر لحين دخول شركات تنقيب جديدة لمصر تستحق معها الجدوي الاقتصادية فمجموعة شركات تنقية الذهب في مصر 3 أو 4 شركات قطاع خاص تبلغ الطاقة الإجمالية لما تقوم بتنقيته 75 كيلو جرام ذهبا في اليوم وهي كمية أقل كثيرا من الطاقة الانتاجية لمنجم السكري فضلا علي رفض البنك المركزي لذلك الأمر لافتقاده الخبرات اللازمة في حساب كميات الانتاج وبيعه وشرائه. أما عن فوائد سفر الذهب المصري للخارج فيأتي علي رأسها ضمان أن يكون العيار علي المستوي العالمي من خلال الشركة "سنتامين" ذات السمعة الجيدة والأعلي كفاءة والأقل هدرا وتمكنها من فصل الذهب عن الفضة بمستوي عال. أكد حنفي انه تم تعريف العالم بالذهب المصري ودخلت مصر نادي منتجي الذهب عالميا وتصنف ضمن أهم 10 منتجين للذهب وهو ما يحفز شركات جديدة للاستثمار في التنقيب واستخراج الذهب من مصر ولابد أن نعترف بأن الشركة الكندية المنقبة عن الذهب في مصر علي اتصال دائم بأهم بورصات الذهب العالمية وهو ما يمكنها من التسويق في الوقت المناسب وبأعلي الأسعار. يقول المهندس وصفي أمين "رئيس شعبة المصوغات بالاتحاد العام للغرف التجارية": تكنولوجيا تنقية الذهب موجودة في مصر بكفاءة عالية لدي شركات القطاع الخاص التي يمكنها تنقية نحو 75 كيلو جراما ذهبا يوميا. أضاف: وعلي الرغم من ان شركتي تملك تلك التقنية فإني أرفض التعامل مع منجم السكري درءا للشبهات التي تدور حوله وحول كيفية تعاقده وطريقة عمله وما يتردد في وسائل الاعلام ولهذا أعرضت عنه ومعي شركات أخري من القطاع الخاص. أكد انه في حال توفرت أجواء مناسبة وصحية للعمل فنحن قادرون علي تنقية الذهب المصري وبنسبة معترف بها عالميا يمكن اعتمادها من جانب مصلحة التمغة والموازين المصرية وهي جهة حكومية معترف بها. يؤكد د. رفيق عباس "رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية" ان سفر الذهب المستخرج من منجم السكري خارج مصر ليس قرار الشركة الاسترالية المستخرجة له بل هو قرار الحكومة المصرية التي أرادت ذلك حيث عرضت عليها شركة "سنتامين" الاسترالية اعطاءها حصتها ذهبا خاما لكن البنك المركزي المسئول عن استلام الحصة رفض ذلك حيث ان هناك قوانين تمنع البنك من التعامل في الذهب لمنع المضاربات. أضاف عباس: لابد من إنشاء بنك متخصص يتسلم الذهب المستخرج ثم يقوم ببيعه وتسويقه في الأسواق العالمية ويمكن أن يعطي هذا البنك تصاريح للقطاع الخاص لتنقية الذهب علي أن تتسلم مصلحة التمغة الكميات وتحدد المعيار ثم تقوم بتسليمها علي أن تكون هي المخولة قانونا باستلام كميات الذهب الخام المستخرج من المناجم وتنقيتها بما لديها من خبرات قادرة علي القيام بهذه المهمة وهي خبرات وتضاهي مثيلاتها العالمية وربما تتفوق عليها. أما أحمد شاهين "رئيس مصلحة الموازين والتمغة المصرية" فيؤكد ان بالمصلحة خبرات فنية وامكانيات بشرية هائلة مدربة في جميع مجالات المعادن الثمينة لكن ينقصها الأجهزة الحديثة في طرق التنقية ومن ثم فهي تعمل بالطرق البدائية حتي الآن وهو ما يجعلنا غير قادرين علي تنقية حصة مصر في ذهب السكري. أضاف شاهين: تقوم المصلحة الآن بعمل دراسات جادة لاستيراد أجهزة حديثة من الخارج وتجري مشاورات فنية مع ايطاليا للخروج بقرار ولكن ما يحكمنا في هذه الدراسة هو ثمن الأجهزة والعائد المادي من ورائها ولو رأت الدولة المساهمة في شرائها فلن يكون هناك مشكلة في تنقية ذهب السكري علي أعلي مستوي. أكد انه ليس لمصلحة الموازين والتمغة أي صلاحية في استلام حصة مصر من الذهب وتسليمها للقطاع الخاص كما ينادي البعض وهو ما يحتاج لتشريعات جديدة تسمح بذلك ولا تمانع المصلحة في القيام بذلك إذا ما جري من هذه التشريعات وشراء الأجهزة الحديثة علي أن تتسلم الذهب المستخرج ثم تسلمه للبنك المركزي ليتولي هو بيعه في الأسواق لأنها ليست علي اتصال بالبورصات العالمية للذهب ولا يوجد لدينا خبرات لتسويقه عالميا.