ينتمي الفنان حسن سليمان "المولود بالقاهرة عام 1928 والمتوفي بها عام 2008. إلي الجيل الثالث من الفنانين المصريين.. وهو الجيل الذي ظهر بعد نجاح ثورة 1919 الوطنية التي قادها حزب الوفد بزعامة سعد زغلول وشهد هذا الجيل في صباه الأزمة الاقتصادية العالمية "1929 1932" ثم الحرب العالمية الثانية "1939 1945" وتأثيرها المباشر علي الحركة الثقافية عندما سمحت السلطات بقيام الجمعيات والجماعات الفنية اليسارية التي نقلت من أوروبا الحركات الفنية الحديثة وقام الجيل الثالث برفض أساليب الجيلين السابقين فأطلق عليه اسم "جيل التمرد والثورة" ينتمي حسن سليمان إلي هذا الجيل الذي تبني بعض نجومه الفن السيريالي وأساليب الاغراب ثم التجريدية وتبني بعضه الاخر اتجاه الواقعية الاشتراكية من الناحية الفكرية ولكنهم قدموه في ثوب مصري لم يلتزم بالشكل الطبيعي الذي شرعة "زدانوف" أما الباقون فقد أعلنوا ولائهم للتعاليم المدرسية وللأسلوب التاثري ولم ينضموا الي الجماعات المتمردة كان أبرزهم الفنانان صبري راغب ومحمد صبري. أما حسن سليمان فقد سار في طريق خاص لا ينتمي من الناحية المعلنة للأفكار المتمردة وحرص في نفس الوقت علي احتضان التعاليم المدرسية "الاكاديمية" ولكنه مع ذلك حقق شيئا خاصا به منتميا الي الارض التي تربي عليها رغم انه لم يهتم برسم مماثل لرسوم آثار قدماء المصريين ولا سجل زخارف الفن العربي ولا نقوشه الصامتة.. كان ينتمي في ابداعه الي الفن الاوروبي. درس فن التصوير الزيتي بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة وتخرج عام 1951 والتحق عقب تخرجه ببعثة مرسم كلية الفنون الجميلة بالاقصر حيث قضي عامين في هذه البعثة الداخلية حتي عام 1953 ثم عمل مدرسا للرسم بالجامعة الشعبية التي كانت تفتح أبوابها للهواة ثم أصبحت ضمن الثقافة الجماهيرية عند انشاء وزارة الثقافة. بدأ نشاطه الفني بالعمل في مرسم فنان يوغوسلافي عاش في القاهرة هو "جالو جلبرت" تقول عنه الكاتبة "عبلة الرويني" انه كان لديه مرسم بوسط القاهرة يعلم فيه الفتيات الارستقراطيات دروس الرسم. وكان عمل حسن سليمان يقتصر علي مساعدته في الفترة التي يقوم فيها جالبرت بالراحة وكانت تستغرق ساعتين ظهرا. كان حسن سليمان يقوم بإصلاح خطوط الفتيات الدراسات علي اللوحة والاهم أنه كان يقوم بضبط اوضاع الموديل: طريقة الجلوس شكل الحركة ألوان الملابس.. تلك كانت أول خبرة له في التعامل مع الموديل خارج كلية الفنون الجميلة وهو ما منحه فهما مبكرا لتجربة اوضاع الجسم الانساني داخل اللوحة.. وفي نفس الوقت كانت علاقته بتلاميذ جلبرت بداية تكوين جمهور معارضه عندما اصبح مشهورا. وقد استأجر الفنان مرسما بجوار مرسم ومسكن استاذه "بيبي مارتان" في حي الفنانين بالقلعة.. وكان ذلك قبل ان يترك له "بن بلا" الزعيم الجزائري مسكنه امام دار القضاء العالي عند انتصار ثورة الجزائر وعودته الي بلاده من منفاه. قد تلقي الفنان دراسات عليا في سيكلوجية البعد الرابع بأكاديمية بريرا بمدينة ميلانو في ايطاليا عام 1966 وقام بالتدريس في معهد السينما بالقاهرة كما وضع دراسات في أسس التصميم. فبعد مرحلة الدراسة عندما أقام معارض التدريبات الملونة في الخمسينيات كان فنه ينتمي الي فنون الشاطيء الآخر من البحر الأبيض. لم ينقل اساليبهم وانما ابتدع اسلوبه الخاص الذي ينافس الاساليب الاوروبية في القرن العشرين.. وشاركه في هذا الشكل الخاص من التمرد الفنانون سيف وأدهم وأنلي وكمال خليفة وممدوح عمار وسكك كل منهم طريقه الخاص.. لقد وقف حسن سليمان امام الفنانين الأوربيين بفنه كند لهم بنفس قامتهم.. وعندما تهاوي الفن الغربي امام الحضارة الرقمية المكتسحة كل ما امامها استمر ابداع حسن سليمان في مكانته العالية بمصر واوروبا ايضا.