"حكمت المحكمة حضوريًا ببراءة المتهم طارق الغندور من كل التهم الموجه إليه".. براءة صدرت متأخرة، بعد أن فاضت روح المتهم إلى بارئها في 14 ديسمبر 2014. إهمال طبي نتيجة نزيف حاد بدوالي المريء كان إيذانًا برفع قاضي السماء روحه، قبل عام ونصف من رفع قاضي الأرض جلسة براءته. إنه طارق الغندور أحد القيادات الإخوانية في المجال الأكاديمي والطبي، كان من رموز المستشفى الميداني في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير 2011، وكذلك أحد الرموز الطبية في المستشفى الميداني باعتصام ميدان رابعة العدوية، الذي فضته السلطات المصرية بالقوة في 14 أغسطس 2013. اعتقل من منزله بتهمة رفع شعار "رابعة العدوية"، وتكدير السلم العام والانضمام لجماعة محظورة، وأيدت محكمة أعلى الحكم عليه بالحبس لخمس سنوات في 14 ديسمبر 2014 قبل أن تتدهور حالته الصحية داخل المعتقل في ظل الحرمان من العلاج وأوضاع الاحتجاز غير الآدمية. شقيقه أسعد الغندور، اتهم السلطات الأمنية بتصفيته، من خلال القتل العمد، وتركه ينزف ل8 ساعات دون إسعاف، إلى أن تم التأكد من وفاته . وقالت جماعة الإخوان المسلمين -في بيان لها على موقعها - إن إدارة السجن تركت الغندور - ينزف مدة ست ساعات متواصلة دون السماح بنقله إلى المستشفى أو عرضه على الطبيب. في الوقت الذي نفت فيه وزارة الداخلية وجود أي شبه جنائية في الحادث أو واقعة إهمال، وقالا إن إدارة السجون لم تقصر في التعامل صحيا وطبيا وعلاجيا مع طارق الغندور، الذي توفي داخل السجن. أفرجت عن جثة الغندور، قبل أن يصدر حكم ببراءته، بات في منزله، بعد أن سكنت روحه، أحد أطفاله ظهر إلى جوار الجثمان في حين تنام زوجته على صدره حزنًا على فراقه.. صورة أثارت تعاطفًا كبيرًا بين المصريين. في 21 مايو الجاري، أصدرت محكمة النقض بإلغاء الحكم بالسجن 5 سنوات وأمرت بإخلاء سبيل الغندور، ليثير الحكم جدلاً واسعًا على صفحات التواصل الاجتماعي ووسط حالة من الجدل من المنظمات الحقوقية. زوجة الغندور قالت لإحدى المحطات الفضائية بعد تبرئة زوجها من القضية المتهم فيها: "لم أستوعب خبر براءة زوجي وإخلاء سبيله بعد وفاته ونحن احتسبناه عند الله شهيدًا منذ وفاته، ولا ننتظر منهم شيئًا وحتى لو كان أخذ هذه البراءة قبل وفاته ما كنا فرحنا بها لأن هناك آلاف المظلومين بالسجون". الناشط السياسي أحمد غانم، قال في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "اعتقلوه، سرق أمناء الشرطة سيارته ومبلغًا ماليًا كبيرًا من بيته أثناء اعتقاله، حرموه من رؤية أهله، أغلقت عيادته وفقدت أسرته مصدر دخلهم، صادروا المستشفى التي وضع فيها "تحويشة" عمره بدعوى الإرهاب، ثم منعوا عنه العلاج في المعتقل ليظل ينزف بلا دواء ولا رعاية طبية حتى الموت". وتابع: "واليوم أخلت المحكمة سبيله وبرأته!! إنها قصة حقيقة بطلها أستاذ دكتور بكلية الطب، قصة حياة الشهيد طارق الغندور، الذي لولا أنه قريبي وأستاذي وأعرفه كما أعرف نفسي لقلت إنها قصة درامية غير واقعية”. وأعربت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" عن حزنها لإخلاء سبيله بعد 18 شهرا من ارتقاءه داخل محبسه بسجن طره سيء السمعة جراء الإهمال الطبي. وقالت مسئولة الملف المصري في المنظمة سلمى أشرف: "د. طارق الغندور أخذ براءة، بعد ما سابوه يعاني لحد ما مات جوا السجن من سنة ونص". وقال الإعلامي زين العابدين توفيق: "الدكتور طارق الغندور بعدما حبسوه ظلما عامين وتركوه ينزف حتى الموت قررت محكمة النقض إخلاء سبيله. لكن الله رفعه إليه وترك ذنبه في رقاب الظالمين يهوي بها في ظلمات بعضها فوق بعض إلى أن ينالوا الجزاء العادل في الدنيا والآخرة".