للمرة الثانية تصدر محاكم مصرية قرارات براءة بحق معتقلين قضوا حياتهم ظلمًا بأوامر العسكر، فبعد 18 شهرًا من استشهاده داخل محبسه بالقتل الطبي المتعمد، أصدرت محكمة النقض المصرية حكمًا مثيرًا للجدل، يوم 21 مايو الجاري، بإلغاء الحكم بالسجن 5 سنوات، وأمرت بإخلاء سبيل أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس الشهيد طارق الغندور، رغم استشهاده في 12 نوفمبر 2014، إثر إصابته بنزيف حاد بدوالي المريء، استمر لست ساعات متواصلة، دون إسعاف حتى انتقل للرفيق الأعلى شاكيًا اللظلم الذي تعرض له. الغريب أن محكمة أخرى سبق أن حكمت على الغندور بالحبس 5 سنوات، بعد شهر من استشهاده، وذلك في 14 ديسمبر 2014؛ حيث حكمت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر، بتأييد حبس الغندور، 5 سنوات، رغم وفاته، قبل شهر من الحكم.
كانت سلطات الانقلاب قد اعتقلت الغندور من منزله على خلفية اتهامات بالتظاهر دون ترخيص وإتلاف الأملاك العامة، ورفع شعار رابعة العدوية، وتكدير السلم العام، والانضمام لجماعة محظورة، قبل أن تصدر محكمة الجنايات حكمًا بالسجن 5 سنوات، قبل أن تتدهور حالته الصحية داخل المعتقل في ظل الحرمان من العلاج وأوضاع الاحتجاز غير الآدمية.
وكان أسعد الغندور، شقيق القيادي بحزب الحرية والعدالة وأستاذ الطب بجامعة عين شمس، قد اتهم سلطات الانقلاب بتصفية شقيقه، من خلال القتل العمد، وتركه ينزف ل8 ساعات دون إسعاف، إلى أن تم التأكد من وفاته، لتقوم بعدها السلطات بعملية شرعنة للجريمة، عبر تركيب أجهزة تنفس والتقاط صورة له وكأنه توفي وهو تحت الرعاية، رغم أن هذه الأجهزة ركبت بعد وفاته بالسجن، في مسرحية تهدف لتغطية ما حدث، بحسب تعبيره.
حكم البراءة أثار غضب النشطاء والحقوقيين، واستنكرت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" تأحر صدور القرار، مشيرةً في بيان لها، أمس، إلى أن تأخر القرار كان أحد أسباب وفاة المعتقل بالاهمال الطبي.
ويعد الغندور، وهو أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بكلية الطب جامعة عين شمس، من الأسماء المعروفة بين صفوف المتظاهرين، وقد شارك في ثورة 25 يناير بميدان التحرير، وكان كبير الأطباء في المستشفى الميداني بالميدان.
عرب شركس.. أيضًا
وتكررت مثل تلك الأحكام، في عدد من القضايا المتعلقة بالمعتقليمن السياسيين، فبعد إعدام متهمي قضية "عرب شركس" بالقليوبية، في 17 مايو 2015، قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، برئاسة المستشار يحيى دكروري، نائب رئيس مجلس الدولة، بعد تنفيذ قرار الإعدام بيومين في 19 مايو 2015، بإعادة الدعوى المطالبة بصفة مستعجلة بوقف قرار المدعي العام العسكري الصادر في 11 نوفمبر 2014 بالتصديق على حكم الإعدام بالقضية المعروفة إعلاميًا باسم "عرب شركس"، ووقف قرار رئيس الجمهورية بالتصديق على الحكم، لمخالفة الدستور والقانون للمرافعة بجلسة 2 يونيو 2015.