حتى كتابة هذا المقال، لم يصدر من القاهرة ومن روما، أية بيان بشأن قضية "ريجيني".. وأمس الثلاثاء 5/4/2016، كان آخر "فرصة/مهلة" منحتها إيطاليا لمصر لتعلن الأخيرة عن قتلة "ريجيني" بلا لف أو دوران.. وإلا سيكون رد روما قاسيًا. وطوال ليل يوم أمس الأول، ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن أن إيطاليا، توصلت إلى قتلة "ريجيني".. وأنها حصلت على "تسجيلات" بين رجال شرطة مصريين، استطاعت من خلالها تحديد هوية الجاني بالاسم والرتبة والصورة. فسر ذلك بأنها تسريبات تمهد للتضحية بضابط شرطة، ذكر في اليوم التالي بالاسم نقلاً عن صحف إيطالية وأمريكية.. وهو ذات الضابط الذي ورط القاهرة في المشكلة، حين أعلن بنفسه، إن ريجيني قتل في حادث سير.. وأعيد نشر "سجله" في التزوير والتعذيب، وإدانة القضاء المصري له في تلك الوقائع. يتردد في أوساط النخبة، كلام يستبعد تورط ضابط الداخلية، في مقتل الباحث الإيطالي.. لأنه بحسب تلك التكهنات لو كان الأمر كذلك، لما تكبدت الدولة بكل مؤسساتها، مشقة "اللف والدوران" والكذب، وما ترتب عليه من خسارة إيطاليا والاتحاد الأوروبي، من أجل التستر على ضابط بالشرطة. التكهنات تتوقع جهة أخرى، تكون على علاقة بالحادث، وأقرب رحمًا للسلطة من الداخلية، أو متقدمة على الأخيرة في التراتبية السيادية، إذ لا يجد مراقبون تفسيرًا لهذه الاستماتة السلطوية، من أجل غلق ملف "ريجيني"، إلا إذا كان الأمر، يتجاوز تصرفًا فرديًا من ضابط شرطة نزق ومتهور وغير مسؤول. ربما تقدم القاهرة "جاني"، إرضاءً لإيطاليا، ولإطفاء الحرائق التي تتسع رقعتها من القاهرة إلى عواصم أوروبا الغربية كلها.. وربما تقبل روما بالسيناريو الأخير، فهى لا تريد أن تخسر مصر الشريك الإقليمي المهم.. وفى الوقت ذاته سترضي الرأي العام الإيطالي، بتقديم "الجاني" إلى العدالة. ربما تنتهي الأزمة في الخارج، ولكن المشكلة الأكبر، هى في اليوم التالي، من الإعلان الرسمي عن اسم قاتل ريجيني وهويته الأمنية.. ففي ظل هذه الفوضى والارتباك والظهور بهيئة "مخزية" أمام الرأي العام الغربي، فإن فكرة التضحية برأس أو برأسين أو بثلاثة، للخروج الآمن من الأزمة، يظل مخاطرة غير مأمونة العواقب، خاصة إذا كان من عليهم العين أبرياء، ومحسوبين على جهة أخرى ليس لها علاقة بالحادث. فالفتنة بين الأجهزة، والحال كذلك، ستكون متوقعة، وتجلياتها في تأجيج الاضطرابات الأمنية والسياسية، لا يمكن استبعادها.. وتهديدها لاستقرار نظام الحكم، سيكون ثمرتها الأخيرة. فلا مخرج آمن من هذه المحنة، إلا بالصدق وبالشفافية، فهما الحصنان من الانزلاق في متاهة نسأل الله عزل وجل، أن ينجى البلاد والعباد منها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.