تواصلت الاشتباكات العنيفة اليوم الإثنين في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، في واحدة من أكثر المعارك حسمًا منذ اندلاع الحرب في الإقليم. وأعلنت قوات الدعم السريع أنها بسطت سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر، بما في ذلك مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني، بعد معارك عنيفة استمرت لساعات طويلة، بينما وصف الجيش ما جرى بأنه "انسحاب تكتيكي" من مقر القيادة ضمن خطة لإعادة التموضع في محاور جديدة داخل المدينة. مصادر ميدانية أكدت ل "الفجر" أن المعارك لا تزال مستمرة في عدد من الأحياء الرئيسية داخل الفاشر، من بينها الحي الصناعي، وسط المدينة، والمطار القديم، وسط مخاوف من تدهور الوضع الإنساني نتيجة انقطاع الإمدادات الغذائية والدوائية عن المدنيين الذين يعيشون تحت القصف والانفلات الأمني. المقاومة الشعبية تنفي سقوط الفاشر في المقابل، أصدرت المقاومة الشعبية بولاية شمال دارفور بيانًا نفت فيه ما وصفتها ب "الحملة الإعلامية المضللة" التي تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للمقاتلين في الميدان، مؤكدة أن دخول رئاسة الفرقة لا يعني سقوط الفاشر. وقال البيان: "الفاشر هي الحاجز والصخرة التي تتحطم عندها مؤامرات المليشيات، وستظل عصية بإذن الله وعزيمة الرجال."
وأضافت المقاومة في لهجة حاسمة أن المدينة ما زالت تقاوم "المليشيات الإرهابية" وأن المعركة لم تُحسم بعد. العدل والمساواة: دخول مؤقت للدعم السريع من جانبه، نفى القيادي في حركة العدل والمساواة إدريس لقمة في تصريح لقناة "الحدث" سيطرة قوات الدعم السريع على مقر الفرقة السادسة، مؤكدًا أن "قوات المليشيا دخلت فقط لالتقاط الصور ثم انسحبت بسرعة تحت ضغط النيران". مصادر ميدانية: المعارك مستمرة في عدة محاور وأكدت مصادر خاصة ل "دارفور24" أن الجيش السوداني لا يزال يسيطر على عدة مواقع استراتيجية داخل الفاشر، بينما تستمر المعارك بوتيرة عالية في أطراف المدينة، وسط قصف مدفعي متبادل وتقدم محدود لكل طرف. كما أفادت لجان مقاومة الفاشر في بيان مقتضب بأن "المقاتلين صامدون والمعارك لا تزال مشتعلة"، داعية الأهالي إلى البقاء في الملاجئ وتجنب مناطق الاشتباك. وزير الإعلام: الفاشر تكتب فصلًا جديدًا في سجل الصمود وفي أول تعليق رسمي من الحكومة، قال وزير الإعلام خالد الإعيسر إن "الفاشر بالهجوم رقم (268) كتبت فصلًا جديدًا في سجل الصمود والإرادة"، مشيدًا بصمود المقاتلين في وجه ما وصفه ب "عدوان المليشيات". وأضاف الإعيسر في منشور على "فيسبوك": "صمودكم ليس مجرد دفاع عن موقع أو مدينة، بل هو دفاع عن كرامة وطن وعن مستقبل أجياله. فاثبتوا كما عهدناكم، واثقين بالله، معتزين برايتكم، متحدين خلف وطن لا يعرف الانكسار."
كارثة إنسانية تلوح في الأفق وفي ظل استمرار القتال، حذّرت منظمات محلية من تفاقم الأزمة الإنسانية في الفاشر، حيث يعاني آلاف المدنيين من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، مع تعذر وصول المساعدات الإنسانية بسبب القتال وقطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة. تحوّل ميداني خطير ويرى مراقبون أن معركة الفاشر قد تمثل نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب بدارفور، نظرًا لموقعها الاستراتيجي ودلالتها السياسية والعسكرية، مؤكدين أن السيطرة عليها – أيًا كان الطرف المنتصر – ستعيد رسم خريطة النفوذ في الإقليم وتؤثر على موازين القوى في السودان ككل.