أصبحت مجموعة من الملاحظات مثيرة للتساؤل، عقب إعلان وزارة الداخلية القبض على 5 متهمين المتورطين فى قتل الباحث الإيطاليى جوليو ريجينى بشأن عدم صرف اللصوص للمبلغ المالى، وأسباب التعذيب، ومخدر الحشيش، والمتعلقات النسائية، لشاب عثرت على جثته نصف عارية وعليها آثار تعذيب حادة. بل تطرقت التقارير الصحفية إلى فتح عدم تفسير أو تدقيق الجهات الأمنية -حتى الآن- للفظة "نصف عارية"، بابًا أكبر للتساؤلات، فى ظل تأكيدات إعلامية مصرية أشارت فى بداية الأزمة إلى أن النصف السفلى هو ما كان عاريًا -دون توضيح رسمى- بغرض التلميح إلى وجود شبهة خلاف دافعه علاقة جنسية، وصلت إلى حد جزم البعض بأن ريجينى كان "شاذ الجنس"، قبل أن يتم إبطال تلك الروايات العبثية التى بدت كأنها كانت تهدف بسذاجة طفولية احتواء الأزمة بأى سيناريو قد يبدو ممنطقا بحسب ما ذكرت جريدة التحرير. ودفع كل ما سبق من استهلاك شغل الرأى العام الداخلي والعالمى على مدار الساعات الماضية، ووقائع ارتبطت ببدايات القضية، استدعاء أسئلة عديدة، قد يراها البعض بسيطة وتافهة، إلا أنه فى أبسط قواعد علوم الجريمة والاستقصاء والبحث عن الحقيقة "كل شيء مهم للغاية، وأتفه التفاصيل، والأشياء البسيطة قد تتحول لدلائل مادية، وقد تقلب مسار قضية وتحسم مصائر حكومات بل وبلاد"؛ ولعل أبرز تلك الاستفهامات الغائبة أو ربما متغافل عنها فى القضية برمتها: هل عُثر على ريجينى بجسد عارٍ تمامًا؟ أم كان يرتدى لباسًا داخليًا "بوكسر"؟ وهل كان بنطاله أو "البوكسر" بجواره وقت العثور على الجثة؟ وإن كانت إجابة آخر سؤالين بالنفى، فهل بحثت الشرطة على بنطال ريجينى؟ وبما أن العصابة "الأمنية" احتفظت بكل متعلقاته، فلماذا لم يكن ضمنها؟ ليبقى السؤال الشامل، أين ذهب "بنطلون" ريجينى؟ وسميت مجازًا بعصابة الأجانب أو القاهرة الجديدة أو سخرية "اللهو الخفى"، قوبلت عملية التصفية وتداعياتها بموجات تشكيك وانتقادات واسعة من سياسيين وحقوقيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعى. شغلت قضية ريجينى الرأى المحلى والعالمى، على مدار شهرين تقريبًا، وقوبلت بردود فعل بانتقادات واسعة على النطاقين، كان أبرزها فرض البرلمان الأوروبى نوعًا ما من الحصار على مصر، مع انتقادات حادة لملف حقوق الإنسان. وفور إعلان وزارة الداخلية فى بيان رسمي، تصفية مجموعة "مشتبه" فى قتلها الباحث الإيطالى الشاب جوليو ريجينى، اختصت في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه بنطاق القاهرة الجديدة، تحليلات التشكيك تناولت ثغرات عديدة فى بيانات الداخلية بخصوص تصفية تلك "العصابة"، رُئى أنها واضحة ولا تحتمل الخلاف، وأدانت فى طياتها جهاز الشرطة، واصفة الواقعة بمحاولات "تلفيق القضية"؛ فيما علقت الصحف ووسائل الإعلام الغربية بأنها محاولة فاشلة من المسؤولين الأمنيين من أجل "التهرب من المسؤولية"، طارحة سؤالا يتعلق بالتعذيب الذى تعرض له ريجينى، ووصفت صحيفة "لسبريسو" الإيطالية بيان الداخلية، بأنه "أسوأ من أي كذبة قالها المسئولون المصريون لعائلة ريجيني منذ بداية الأزمة". وذكرت صحيفة "كوريرى ديلا سيرا" أن رواية الداخلية تطرح العديد من التساؤلات، خاصة أن وفاة المجرمين قد تحمل بعض الغموض عن ملابسات الحادث، وهذه الرواية قد لا تكون حلًا مقبولًا لمن يسعى للوصول إلى الحقيقة، مشيرة إلى أن" المحققين الإيطاليين اشتكوا فى بداية الأمر من عدم توفر المعلومات". و من جانبه ،قال زعيم كتلة حزب اليسار الإيطالى بمجلس النواب، أرتورو سكوتو، إن الحقيقة حول وفاة طالب الدكتوراه، جوليو ريجيني لا تزال بعيدة، ونقلت وكالة "آكى" الإيطالية عنه قوله فى تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "نحن نصر على المطالبة بهذه الحقيقة". وشككت بيا لوكاتيلى، رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، خلال تصريحات لوسائل الإعلام الرسمية فى إيطاليا: "لا يوجد تفسير واضح لماذا يقدم مجرمون، كل هدفهم الاختطاف والحصول على فدية، مثلما زعمت السلطات المصرية، على التعامل بهذه الوحشية وتنزل به تعذيبًا تبين من العلامات الموجودة على الجثة أنهم محترفو تعذيب، ولماذا يصرون على الاحتفاظ بوثائق ومتعلقات خاصة بالشاب". التشكيك فى بيانات الداخلية، لم يتوقف أمام تكهنات عامة تنتقص لدلائل ملموسة، إذ وثقت نيابة القاهرة الجديدة، خلال معاينتها لواقعة التصفية، بخلاف الصور التى كان ل"التحرير" السبق فى نشرها، أعمار المتهمين الأربعة القتلى، وجميعهم لم يتعدوا الثلاثين عامًا، بخلاف الجثة الخامسة المجهولة، وهو ما أكدته مصادر ل"التحرير" بعد المعاينة، بأن الجثامين جميعها لشباب في العشرينيات، عدا جثة واحدة لرجل يبدو أنه في الأربعينيات، وهو ما كشف تناقضا ما مع بيان الشرطة الذى أشار إلى أن أعمار الأربعة المتهمين "60، و52، و40، و26" عامًا؛ وكأننا أصبحنا أمام عصابة ولها "عفريت" مخادع فى الأوصاف. وقال المستشار أحمد ناجي، القاضي المسؤول عن التحقيق في قضية مقتل ريجيني، في تصريحاتٍ لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أمس، إنه ليس لديه أي معلومات عن التشكيل العصابي الذي أعلنت وزارة الداخية أنَّه مسؤول عن قتل الباحث الإيطالى. وأضاف، أنَّه لا يوجد مشتبه بهم في القضية. وداهمت قوات الأمن منزل شقيقة أحد المتهمين فى مقتل ريجينى، وذكرت في بيانها الثانى، أنها عثرت بداخل المسكن على حقيبة هاند باج حمراء اللون عليها علم دولة إيطاليا بداخلها "محفظة جلد بنية اللون بها جواز سفر الشاب الإيطالى وكارنيهى الجامعة الأمريكية وجامعة كامبريدج الخاصين به، وفيزا كارت، و2 هاتف محمول، كما عثر على حافظة جلدية حريمي مدون عليها بالإنجليزية عبارة (Love) ومبلغ 5 آلاف جنيه، وقطعة داكنة تشبه مخدر الحشيش وزنت 15 جرامًا، وساعة يد حريمي سوداء اللون، وثلاث نظارات شمسية".