الحكومة الإيطالية تطالب بالحقيقية الجلية.. والمحققون: لا يوجد دليل دامغ لجنة حقوق الإنسان الإيطالية: البيان المصري "صدمة" ويثير الاستغراب نائب إيطالي يهدد بوقف مشروعات اقتصادية في مصر من خلال الضغط الشعبي الصحافة: رواية الداخلية من أسوأ الأكاذيب التي تخالف المنطق حلمي: التدخل الإيطالي مرفوض.. وعليهم اللجوء إلى المحاكم الدولية محي الدين: موقف مصر "ضعيف".. وبيان الداخلية "ركيك"
من الواضح أن الأزمة المشتعلة بين مصر وإيطاليا بسبب مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني ما زالت مستمرة، بل من الواضح أن الوضع يتطور من سيء إلى أسوأ. حيث أصدرت وزارة الداخلية بياناً جاء فيه أنها قامت بتصفية عصابة متخصصة في سرقة الأجانب، وأعلنت أن شقيقة أحد أفراد العصابة اعترفت بقتلهم "ريجيني"، ثم أتبعت الداخلية البيان الأول ببيان آخر حيث نشرت صوراً لمتعلقات "ريجيني"، وجواز سفره، ومبلغ من المال، وقالت إن العصابة احتفظت بها "كتذكار"، وشكرت جهات التحقيق الإيطالية على حسن تعاونها. اعتقدت وزارة الداخلية أن الكابوس انتهى، وأن أزمة مقتل "ريجيني" التي تؤرق الوزارة وتهدد العلاقات بين البلدين قد انتهت، ولكن ما حدث هو العكس. وفي ظل الإشادة من الجانب المصري بإنجاز وزارة الداخلية والقبض على المتورطين في قتل الطالب الإيطالي، أثار بيان الداخلية موجة غضب عارمة في روما، وجاءت ردود الفعل متباينة بين الغضب والتكذيب والاتهامات والتهديد، ولكنها اتفقت على رفض البيان وكذب الحكومة المصرية. الحكومة الإيطالية تطالب بالحقيقة الجلية من جانبها أصدرت الحكومة الإيطالية بياناً قالت فيه إن روما تريد أن تعرف الحقيقة جلية في قضية "ريجيني"، وقال فرانسيسكو فيريرا أن المزاعم المصرية في قتل ريجيني لم تجب على أسئلة كثيرة، من بينها السبب في اعتقال الطالب الإيطالي لأيام قبل مقتله، وأن الحكومة الإيطالية والمدعون العموميون في إيطاليا لا ينبغي عليهم إعطاء أية مصداقية لما يبدو وكأنه ادعاءات كاذبة. ونقلاً عن "رويترز" قال مصدر في مكتب رئيس الوزراء الإيطالي: "لا تزال الحكومة الإيطالية مُصرة على أن يسلط التحقيق الجاري الضوء بشكل كامل وشامل دون ظلال من الشك حول موت الباحث الإيطالي الشاب". وكتب "إنريكو ليتا" رئيس الوزراء الإيطالي السابق تغريدة على موقع تويتر قال فيها " آسف.. لا أصدق هذا الكلام". المحققون ينتقدون التحقيقات وعلى الرغم من مغادرة 7 منهم القاهرة اليوم، وتقديم الشكر للأجهزة الأمنية للتوصل إلى المتورطين، قال المحققون الإيطاليون في قضية مقتل "ريجيني" إن القضية لم تغلق بعد، وأنه لا يوجد دليل دامغ يؤكد ضلوع أفراد العصابة الذين قتلتهم الشرطة المصرية في قتل جوليو ريجيني، وأن مصر لم تبعث بعد بنتائج التحقيقات لإيطاليا. لجنة حقوق الإنسان: السيناريو المصري صدمة وصرح "بيا لو كاتيلي" رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإيطالي، بأن السيناريو المصري "صدمة" ويثير العجب والاستغراب، متسائلاً: "لماذا يلجأ مجرمون عاديون هدفهم السرقة لمثل هذه القسوة والتي لا تستخدم إلا من جانب متخصصين في التعذيب؟.. ولماذا يبقى أيضا مثل هؤلاء وثائقه بدلا من التخلص منها فورا باعتبارها دليل على جريمتهم؟". تهديدات اقتصادية لم تقف ردود الأفعال الإيطالية عند الرفض والتشكيك والتكذيب، بل تطور الأمر إلى حالة من التهديد بشكل اقتصادي وقانوني، فيهما اتهام واضح لوزارة الداخلية بقتل "ريجيني" حيث قال "أليساندرو دي باتيستا" النائب عن حركة "خمس نجوم" الإيطالية في تغريدة له على تويتر وجهها إلى وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، إن الحكومة مهتمة بتطوير شركة إيني الإيطالية لحقل الغاز الطبيعي المصري الضخم أكثر من اهتمامها ب"ريجيني"، حيث كتب: "هل تريد يا جنتيلوني أن تقول شيئا عن ريجيني والروايات المصرية التي لا أول لها ولا آخر عن مقتله أم أن النفط أكثر أهمية من مقتل أحد مواطنينا؟". التغريدة التي تحمل تهديداً لوزير الخارجية الإيطالي بغضب شعبي إذا لم تتخذ الخارجية الإيطالية موقفاً حاسماً في تلك القضية، واتهاماً له بأنه مهتم بحقول النفط أكثر من مقتل مواطن إيطالي. الصحافة تشكك.. والإيطاليون: "لن نصدقكم" تصدرت أخبار التطورات في قضية مقتل جوليو ريجيني عناوين جميع الصحف الإيطالية.. حيث قالت صحيفة "اسبرسو" الإيطالية إن ما جاء في بيان الداخلية المصرية هو محاولة حقيرة للهروب من المسؤولية، وإهانة للحقيقة لذكرى "ريجيني"، ووصفت في افتتاحيتها، الرواية بأنها تخالف المنطق وطالبت الحكومة الإيطالية بأن تسعى للكشف عن الحقيقة، مشددة على ضرورة الكشف عن الحقيقة في هذا الوقت تحديدًا أكثر من أي وقت مضى. وتابعت الصحيفة أردنا الحقيقة لكن ليس أي حقيقة؟ لكن الحكومة المصرية اعتادت دس الأكاذيب علينا، وكانت الرواية الأخيرة أسوأ الأكاذيب التي تم دسها إلينا، معللة ذلك بأن تلك الرواية لا تتناسب وعملية التعذيب والخطف التي تعرض لها "ريجيني" قبل موته بعدة أيام، حيث كتبت: "هل ظنوا مثلا أن بحوزته خريطة الكنز؟.. ولماذا تبقى بعد ذلك وثقائه لديها؟"، وأضافت: "حكومة السيسي لم تجد سوى القتلى الخمسة لتنسب لهم جريمة قتل ريجيني بينما لا تزال دماؤهم حارة، وهو ما يبدو لنا محاولة حقيرة للهرب من المسئولية أمام أسرة ريجيني وأمام الرأي العام الإيطالي والعالمي.. ولذا فإن هذا تحديدا لابد وأن يكون وقت البحث عن الحقيقة". بينما جاء في جريدة "لا ستامبا" تساؤلات حول مدى صحة تورط هذا التشكيل العصابي في مقتل "ريجيني"، وعدم تقديم الداخلية المصرية المجرمين للمحاكمة، حيث كتبت إن الداخلية نفت في بداية الأمر علاقة تلك العصابة ب"ريجيني"، مشددة على أن السلطات القضائية الإيطالية في انتظار الرد الرسمي من نظيره المصري بشأن تورط تلك العصابة في مقتله من عدمه. وذكرت صحيفة "لا ريبوبليكا" عدم تصديقها للرواية، حيث كتبت "إذا كان الغرض السرقة والخطف، فلماذا احتفظت العصابة بأوراق ومتعلقات ريجيني؟". وعلى المستوى الشعبي، لم تختلف ردود الفعل كثيراً، حيث انتشرت "الهاشتاجات" التي توضح عدم تصديق الرواية المصرية مثل هاشتاج "لا نصدقكم"، و"جوليو ريجيني". حقوقيون يدشنون حملة "من أجل جوليو" كما نظم الحقوقيون بدعوة من منظمة العفو الدولية إطلاق حملة "الحقيقة من أجل جوليو ريجيني"، في تكذيب واضح لبيان الداخلية، شارك في هذه الحملة مواطنون عاديون، ونشطاء، وحقوقيون، وفنانون، وكتاب، ولاقت صداً واسعًا، يظهر مدى رفض وتكذيب رواية الداخلية المصرية عن مقتل جوليو ريجيني. الموقف القانوني لمصر بعد التشكيك الإيطالي ورفض الدكتور نبيل أحمد حلمي، أستاذ القانون الدولي، تدخل إيطاليا بالشأن الداخلي لمصر، مشيراً إلى أنه إذا كان لدى الجانب الإيطالي، أي معلومات أو مستندات تثبت عكس رواية الجانب المصري، فلها أن تقدمها أمام المحاكم الدولية، مستنكرًا تشكيك الجانب الإيطالي فيما قالته وزارة الداخلية في قضية الطالب جوليو ريجيني. فيما رأى الدكتور محمد محي الدين، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، أن موقف مصر ضعيف جدًا، وأن البيان الذي خرجت به وزارة الداخلية ركيك جدا، موضحًا أنه حتى لو كان صحيحًا فهو خرج بصورة لا تصح كأنها تحاول إغلاق القضية بأي صورة، وهو ما زاد من تشكيك الجانب الإيطالي، لافتًا إلى أن البعض في مصر استنكروا البيان، مضيفا كان على مصر الاهتمام أكثر من ذلك.