أمين الأعلى للشئون الإسلامية خلال لقاء مفتي أذربيجان: مصر حامية السلام بقيادتها وأزهرها    سعر الذهب اليوم في مصر ينخفض بمنتصف تعاملات الجمعة 30-5-2025    تعاون مشترك لتشغيل المجمعات الحكومية بقرى "حياة كريمة"    مصر تشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بكينيا    الأمم المتحدة: 100% من سكان غزة معرضون لخطر المجاعة    ترامب يتحدّى أوامر القضاء.. وواشنطن تُخفي الأزمة الدستورية تحت عباءة القانون    الكرملين: بوتين يؤيد مبدئيا إمكانية عقد لقاء يجمعه مع زيلينسكي وترامب    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية البرنامج النووي الإيراني كاذب    أرنولد إلى ريال مدريد مقابل 10 ملايين يورو    رسميا.. ريال مدريد يقرر ضم أرنولد قادما من ليفربول    حريق يلتهم شقة سكنية في الظاهر    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    مصطفى كامل يطرح أغنية كتاب مفتوح    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    خطيب الحرم المكي يدعو الحجاج على الالتزام ويشدد لا حج دون تصريح    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    ألم الجانب الأيسر من الظهر.. إليك 7 أسباب    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    ديو "إهدى حبة" يتصدر التريند.. ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    أول تعليق من أسامة نبيه بعد قرعة كأس العالم للشباب    جامعة قناة السويس تواصل تمكين طلابها.. الملتقى التوظيفي السادس ب"السياحة والفنادق" يجمع كبرى المؤسسات    ضبط 9 عناصر إجرامية بحوزتهم 33 كيلو مخدرات ب«أسوان ودمياط»    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يستقبل وفد اتحاد المستشفيات العربية    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    نقابة المهندسين تبدأ فى تسفير أفواج الحجاج إلى الأراضي المقدسة    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    الجامعات الخاصة والأهلية تفتح باب التقديم المبكر للعام الدراسي الجديد.. قائمة بالمؤسسات المعتمدة.. ووزير التعليم العالي يوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    "الشربيني": بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ب"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    غدا.. وزير الصناعة والنقل يلتقي مستثمري البحيرة لبحث التحديات الصناعية    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    مصرع شاب و إصابة أخر في تصادم موتوسيكل بأخر في المنوفية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    منصات إطلاق صواريخ وقذائف.. إسرائيل تقصف مواقع عسكرية ل حزب الله اللبناني    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميد سابق ب «أمن الدولة»: «الغضب هو الحل»
في حوار مع «المصريون»
نشر في المصريون يوم 08 - 03 - 2016

العميد حسين حمودة : الشرطة المصرية هي «مُهلكة» الرؤساء عبر التاريخ
الحيوانات بمجاهل أفريقيا تُعامل بآدمية وتحضر أكثر من المحتجزين في الأقسام والسجون
أدليت بشهادتي في قضية المستشار زكريا عبد العزيز وسط «إرهاب معنوي».. والقضية «سياسية ومختلقة»
«الزند» يصلح لرئاسة حزب سياسي ناجح وتوليه وزارة العدل إخلال لميزان العدالة
أمناء الشرطة «كاسرين عين» الضباط ويتعاملون معهم بقاعدة «دافنينه سوا» !
اختيار اللواء محمد إبراهيم لوزارة الداخلية جاء بصفقة مع «الإخوان» لمحو اسم «مرسي» من كشوف السجون
مقر أمن الدولة تم تسليمه في أحداث الثورة للمتظاهرين والإخوان لامتصاص «الهبة الشعبية» ولم يقتحمه أحد
ليست هناك إرادة سياسية لفتح ملف الاختفاء القسري .. واسألوا عن «هلال» و«الكخيا»
«الداخلية" تمثل خطورة شديدة على الأمن القومي المصري وتساهم في عودة «الإخوان»
استُبعدت من عملي بالجهاز بسبب اعتراضي على «التعذيب» وحرصي على حقوق الإنسان
ضباط المباحث الجنائية «فيروس» دمّر التعامل السوي مع السياسيين في أمن الدولة
منظومة العدالة المصرية لديها عقيدة بأن المعارض هو موطن كل المصائب وأن المؤيد هو مجمع الفضائل كلها
محاكمات رجال «مبارك" تظهر«فُصام» الدولة وازدواجيتها

"الشرطة المصرية هي مٌهلكة الرؤساء عبر التاريخ ، فقد "كسرت شوكة" عبد الناصر ، وساهمت بتقاعسها في اغتيال السادات وبقمعها وتجبرها في إسقاط مبارك ومرسي وهي الآن تحرج الرئيس السيسي أمام الرأي العام الداخلي والدولي" .. شهادة ورؤية قد تمر ببساطة إذا ما صدرت من مجرد محلل أمني أو قارئ عادي للتاريخ ، ولكن حين يكون قائلها هو شرطي سابق كالعميد حسين حمودة الذي عمل لخمس وعشرين عاما بجهاز أمن الدولة وغيرها في قطاعات أخرى من قطاعات وزارة الداخلية فإن خطورتها تتضاعف .. وجرس الإنذار فيها لن يكون عادي الصوت ، فهي تحمل في مضمونها قدرا كبيرا من ثقل المعرفة التي ينقلها أحد المشاهدين عن قرب والمطلعين على الأخطر من التفاصيل ، خصوصا ونحن نمر بفترة حرجة جديدة بين أفراد الشرطة وفئات من الشعب يتابع الجميع تطورات الأزمة فيها بحبس الأنفاس .
حدثنا العميد حمودة في حوار خاص أجريناه معه في "المصريون" عن أسرار فترة عمله بجهاز أمن الدولة التي لم تخل يوما من معارضته لاعتماد القيادات فيه على "التعذيب" كأداة وحيدة في التعامل مع المواطنين الذين تقودهم أفعالهم أو "حظوظهم العثرة" إلى الوقوع بين فكيها ، كذلك عن انتصاره المستمر لمبادئ حقوق الإنسان ، والذي كان سببا في اضطهاده واستبعاده من عمله بالجهاز، كما أطلعنا على تفاصيل شهادته في قضية المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق المتهم حاليا باقتحام مقر أمن الدولة في أحداث الثورة ، وغيرها من الأمور المتعلقة بالوضع الأمني وأزماته الحالية التي حدثنا عنها باستفاضة في هذا الحوار ..

حدثنا عن فترة عملك بجهاز أمن الدولة وأسباب استقالتك منه ..
لم أستقل من العمل بالجهاز ، بل تم نقلي ظلما بدعوى أنني أشكل خطرا على الأمن الوطني المصري من وجهة نظر قيادات الجهاز ووزير الداخلية ، وخصوصا بعد حصولي على المركز الأول على مستوى ضباط وزارة الداخلية في مسابقة حقوق الإنسان التي نظمها الصليب الأحمر الدولي في مصر ، كما حصلت بموجب ذلك على منحة بفرنسا للحصول على إجازة دولية لتدريس مادة حقوق الإنسان في أي جامعة في العالم إلا أنني فوجئت عند عودتي بأن الوزارة قررت منعي من تدريس مادة حقوق الإنسان حتى في أي معهد شرطي ، وذلك لأنني كنت دائم الاعتراض على استخدام "التعذيب" كأسلوب وحيد في التعامل مع المتهمين وكل من يقدّر له أن يكون هدفا داخل الجهاز سواء متطرفا أو ناشطا مدنيا مصريا أو غير مصري ، ثم تم نقلي إلى إدارة شرطية مسئولة عن محو أمية الجنود فشعرت أنهم يتعمدون التحقير من شأني فقررت تقديم استقالتي والتفرغ للدراسات والبحوث العلمية السياسية بصفة عامة ولإعداد الدراسات الأمنية الخاصة بإصلاح وزارة الداخلية بصفة خاصة .
وما مصير هذه الدراسات حتى الآن ؟
للأسف ذهبت أدراج الرياح ، فقد تقدمت بدراسة في يوليو 2011 إلى وزارة الداخلية ومديرين أمن الدولة وتم نشرها في العالم كله ولكن لم يهتم بها أحد في مصر ، وأنا مؤخرا التقيت السيد رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال في عزاء الأستاذ أحمد حسنين هيكل وأعطيت له رقم هاتفي وقلت له بما أن السيد الرئيس طلب منكم الإعداد لتشريع خاص بالأداء الأمني والداخلية للقضاء على التجاوزات فهذه الدراسة موجودة في أدراج وزراء الداخلية المتعاقبين .
قلت في حديث سابق أن اختيار ضباط أمن الدولة كان يتم بدقة شديدة وأن الأفضلية فيه كانت لضباط المباحث الجنائية المدربين على "التعذيب" .. كيف جاء اختيارك ؟ وهل تعرضت لتدريب من هذا النوع؟
لم أكن ضابطا في المباحث الجنائية ولكن تم اختياري في جهاز أمن الدولة من خلال فرقة مكافحة الإرهاب الدولي التي كنت أعمل بها وهي فرقة قوات خاصة قتالية مماثلة لفرقة 777 العسكرية في الجيش ، وهدفها الرئيس هو إنقاذ الرهائن والقضاء على الإرهاب وضبط القيادات الهاربة لجماعاته وتشكيلاته ، ولكن الاختيار فعلا يكون في الغالب من ضباط المباحث الجنائية حيث وجدوا أنهم لديهم القدرة على التعذيب للحصول على اعتراف أومعلومات .. فعملهم في مجال الأمن الجنائي مقارب فنيا لمجال الأمن السياسي من حيث القدرة على إجراء التحريات والاستجوابات ، وهو مالم يكن موجودا من قبل قرابة عشرين عاما حيث كان يتم اختيارهم من أكاديمية الشرطة أو شرطة السياحة ولكن القيادات وجدت أن هؤلاء الضباط ليست لديهم الكفاءة أو الخبرة في "التعذيب" واستخلاص المعلومات ولذلك تم الاتجاه إلى الاختيار من ضباط المباحث الجنائية مع إبلاغهم عن الفرق بين الأمن السياسي والجنائي لمراعاة حساسية في الأول .
وسائل وأساليب التعذيب واحدة في وزارة الداخلية أم هناك تمييز بين الجنائيين والسياسيين ؟
للأسف الاعتماد على ضباط المباحث الجنائية الذين يعتمدون على الضرب والتعذيب كان كالفيروس الذي دمّر التعامل السوي مع السياسيين وأفسد جهاز أمن الدولة ، ففي السابق منذ ما يقرب من اربعين عاما لم تكن تعتمد أمن الدولة عليهما بهذا الشكل فكان الضباط يتعاملون بكفاءة عالية جدا بناءا على معلومة أو تحري . وأنا اعترضت على ذلك كثيرا وطالبت بمنع ضباط المباحث الجنائية من العمل داخل جهاز أمن الدولة .

كيف ترى أداء الوزارة الحالي مع المعتقلين في الأقسام أولا ثم الأوضاع والمعاملة داخل السجون ؟
الحيوانات في أسوأ دولة بمجاهل أفريقيا تُعامل بأسلوب أكثر تحضرا وآدمية من المواطنين المصريين وغير المصريين في كافة أماكن الاحتجاز سواء في الأقسام أو السجون ، فلا يمكن أن نصدق ما ينقله الإعلام المفبرك عن زيارات مجلس حقوق الإنسان للسجن التي يصوّر فيها السجن وكأنه عبارة عن سوبر ماركت كبير وفخم ، فهي "أونطة" وكل ما يمكن أن نجده هناك في سوبر ماركت السجن الحقيقي لا يتعدى "الطعمية" والبسكوت السيئين .

طلب المستشار زكريا عبد العزيز سماع شهادتك في القضية المتهم فيها باقتحام مبنى أمن الدولة .. ماذا جاء بشهادتك ؟
أدليت بها في مناخ من ضيق الصدر، وعدم الحيدة، بل والإرهاب المعنوي إذا جاز التعبير، ولم يتم إثبات جزء كبير من شهادتي التي أكدت فيها أن القضية مختلقة وأنه ليس هنا ثمة اقتحام للمقر حيث إن المتظاهرين لم يدخلوه عنوة بل فتح لهم الباب من الداخل، ومقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع الإنترنت تثبت ذلك، وطالبت بتفريغ كاميرات المراقبة الخاصة بالمقر والرجوع إلى سجلات دفاتر أحوال المنطقة العسكرية المركزية، وقسم شرطة مدينة نصر ثاني. كما طالبت بشهادة قادة المنطقة العسكرية المركزية والقوات الأمنية المسئولة عن تأمين المقر وكذلك شهادة بعض ضباط أمن الدولة الذين شهدوا الواقعة وهم حاليا بالمعاش ، فبعض هؤلاء الضباط هم الذين أدلوا إلي بهذه المعلومات آنذاك والتي يؤكدها بعض المشاركين في الدخول إلى مقر الجهاز ممن كانوا معي من ثوار يناير بميدان التحرير ، وقلت أن القوات الأمنية المسئولة عن تأمين المقر كان لديها توجه لتقديم جهاز أمن الدولة قربانا للثوار ولجماعة الإخوان المسلمين حتى يتم امتصاص "الهبة الشعبية" في حين أن الذين اقتربوا من مبنى وزارة الدفاع وهو جهاز سيادي أيضًا تم التعامل معهم باستخدام الأسلحة النارية. كذلك طالبت بمحاكمة المستشار أحمد الزند وزير العدل الحالي لعمله بالسياسة قبل ثورة 30 يونيو 2013م، ومحاسبة القيادات العسكرية والأمنية المنوط بها تأمين المقر الرئيسي لجهاز مباحث أمن الدولة بمدينة نصر.

ماذا جاء بدراستك التي تناولت أسباب انهيار وزارة الداخلية في أحداث ثورة يناير ؟
عرضت فيها الأسباب العامة لانهيار أجهزة وزارة الداخلية وقتها ، وكذلك أسباب انهيار جهاز أمن الدولة السابق باعتباره عصب وبوصلة وزارة الداخلية في مطلبين منفصلين ، وتنوعت الأسباب في المطلبين ، فجاء على رأس أسباب انهيار الوزارة سوء تقديرات القيادات الأمنية للمواقف والأزمات الأمنية ، مركزية إدارة مرفق الأمن في مصر ، الاستعانة بالبلطجية والخارجين عن القانون ، الاستبداد السياسي والإداري واللجوء لفقه التسويغ ، إقصاء الكفاءات البشرية توطئة لإنفاذ عملية توريث الحكم ، الغرور والصلف والتعالي على الشعب المصري ، التحلل الأخلاقي ، الفساد المالي وازدياد حدة كراهية المواطنين لجهاز الشرطة لدرجة غير مسبوقة. كذلك عرضت أسباب انهيار جهاز أمن الدولة بالتفصيل والتي تتضمن عدم توافر العوامل الشخصية في أغلب العاملين بالجهاز بالكفاءة ، استناد الممارسات إلى حالة الطوارئ، والاعتماد على الحلول الأمنية، واستخدام القوة، وانتهاك حقوق الإنسان، وتقويض الحياة السياسية والحزبية ، كذلك الاعتقاد والتمسك بالمفهوم الضيق للأمن القومي، بديلاً عن المفهوم الأعم والأشمل للأمن الإنساني ، عدم الاكتراث بدور المجتمع المدني باعتباره منظومة للإنذار المبكر ومواجهته بعنف بدلاً من تشجيع وتنشيط العناصر الوطنية للمشاركة في أنشطته ، عدم الالتزام بمدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ، استبعاد الكفاءات وعدم اتباع المنهج العلمي .
كيف ترى محاكمات رموز النظام السابق ومحاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالتحديد ودفاعه عن نفسه ؟
تظهر حالة الفصام والازدواجية المترسخة لدى مؤسسات الدولة الآن .

عودة نظام مبارك وداخلية العادلي في عهد السيسي أصبحت واقعا ملموسا لدى كثيرين .. أم أنها هواجس كما يرى آخرون ؟
مصر فعلا ترجع إلى الخلف ، فالممارسات القمعية والخروقات التي ترتكبها كافة الشرائح العاملة في وزارة الداخلية من ضباط وأمناء شرطة وضباط صف وجنود هي عنوان لمرحلة "جديدة قديمة" شعارها : ( الغضب هو الحل ) ، فعلى سبيل المثال احتجاجات موظفي الدولة على قانون الخدمة المدنية وضجر وتذمر أعضاء نقابة أطباء مصر في أعقاب تجاوزات أمناء الشرطة بحق أطباء المطرية ، كذلك سخط أهالي محافظات أسوان والإسماعيلية والقاهرة من جراء قتل أمناء وأفراد شرطة لذويهم والذي نتج عنه ردود فعل تتمثل في حصار قسم شرطة اسوان ومديرية أمن القاهرة من أهالي منطقة الدرب الأحمر مؤخرا ، فكل هذه المشاهد ما هي إلا سيناريو مصغر لمشاهد ما قبل 25 يناير والتي لم يحركها العوز والفقر بقدر ما حركتها الرغبة في تحقيق الحرية والكرامة الإنسانية المفتقدة بسبب ممارسات الأجهزة الأمنية المدعومة من مبارك شخصيا آنذاك . وهنا تجدر الإشارة إلى أنه يخطئ من يراهن على شعبية الرئيس السيسي في أن تكون عاملا فاعلا في امتصاص هذه الغضبة الشعبية لأن كرة الثلج تكبر وليس لها من دون الله كاشفة .
ما رأيك في أداء وزراء الداخلية المتعاقبين بعد الثورة وحتى الوزير الحالي اللواء مجدي عبد الغفار ؟
مع الاحتفاظ بالألقاب ، فجميعهم جاءوا على رأس ستة وزارات داخلية في خمس وزارات فقط .. وهو معدل غير مسبوق في حين أن حبيب العادلي استمر قرابة 14 عاما ، وهؤلاء الستة قد يختلفون في الخلفيات المهنية ولكن المنتوج النهائي لهم هو إعادة الأوضاع إلى مشهد 24 يناير 2011 ، وليس الحل في تغيير وزير الداخلية كما يحدث ولكن الأمر أكبر من ذلك ويستوجب تغيير المنظومة كاملة، وقد خاطبت الرئيس السيسي وقلت له أن الأمر ايضا ليس بسن تشريعات جديدة لأنها موجودة بالفعل لدى وزارة الداخلية ولا يتم الالتفات إليها ولكن يجب تعديل جوهر المنظومة كلها .

اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق كان وزيرا للداخلية في فترتين رئاسيتين شهدتا العديد من الأزمات والأحداث واجهتها الوزارة في عهده بمواقف تبدو متناقضة للكثيرين .. ما تفسيرك ؟
السيرة الذاتية للواء إبراهيم لم تكن تؤهله لتولي الوزارة ، وقد قلت رأيي هذا فيه على الملأ وهو في السلطة ، ليس انتقاصا من شخصه وإنما استنادا على خلفياته وخبراته التي لا تسمح له أن يكون وزيرا للداخلية . وهو في الحقيقة جاء وزيرا للداخلية في عهد مرسي بصفقة مع جماعة الإخوان المسلمين حين كان مساعدا لوزير الداخلية بالسجون ، وهي المرة الأولى التي يعين فيها وزير الداخلية من مصلحة السجون ، حيث قام بموجبها بحذف اسم الرئيس المعزول محمد مرسي من كشوف السجناء رغم اعترافه هو نفسه بأنه كان مسجونا . والشاهد على كلامي هذا وهو ما لم يستطع إبراهيم أن يقاضيني به أنه كان يفترض تقديمه للمحاكمة بتهمة التزوير في محررات رسمية ، كذلك حمايته لأنصار الجماعة طيلة فترة حكمها ، كذلك كثير من الشواهد تؤكد عدم رغبته في المشاركته في ثورة 30 يونيو وأنه شارك فيها على مضض وبعد أن استشعر قرب نهاية الإخوان الحتمية فقرر إنقاذ نفسه وتخلى عنهم ، فبعد أن أحرجه نادي الشرطة وأعلن الضباط تذمرهم من حكم الإخوان وأعلنوا عدم تأمينهم لمقار الجماعة وقرروا المشاركة في التظاهرات المطالبة بعزله قام بتشريد هؤلاء الضباط ونقلهم إلى أقصى الجنوب وأحال بعضهم إلى المحاكمة .

وماذا عن وزراء العدل حتى المستشار أحمد الزند؟
المستشار أحمد الزند في رأيي يصلح كرئيس حزب سياسي ناجح ولكني أعتقد وكما صرحت من قبل في كلمة وجهتها للرئيس السيسي أيضا أن "الأحمدان" سينقصان من رصيده لدى قطاعات كبيرة من الشعب المصري ، وأقصد بالأحمدين السيد المستشار أحمد الزند ومقدم البرامج أحمد موسى . فالأول عمل بالسياسة ومن ثم يجعل ميزان العدالة مختلا والثاني يصرح دائما بكراهيته ومعارضته الشديدة لثورة 25 يناير التي ينص عليها الدستور ويتحدث عنها الرئيس بكل إجلال واحترام كثورة شعبية حقيقية ، فإذا به بدلا من أن يأخذ موقفا من كليهما يعين المستشار الزند وزيرا للعدل وهو ما لا أستطيع فهمه حتى الآن !

كيف تقرأ واقع جماعة الإخوان المسلمين الآن ؟
للأسف ممارسات وزارة الداخلية قد تكون الملاذ الأخير للإخوان المسلمين حتى تعود مرة أخرى للحاضنة الشعبية من مدخل مشاركة فئات من الشعب في المظالم ، فالجماعة الآن وحتى إشعار آخر هي بقعة من الزيت في محيط من الماء لا تذوب فيه بسبب ما ارتكبته من أخطاء وجرائم ، ولكنها تسعى تحت ما يسمى بالحراك الثوري في أن تكون بقعة منفردة من الزيت نعم ولكنها إلى جوار بقع أخرى من الفئات المحتجة والغاضبة ، والخطر هنا في أن تسهم الخروقات التي تقوم بها وزارة الداخلية ضد فئات الشعب المختلفة في أن تكون هي "المذيب" في المحيط الشعبي لتنصهر الجماعة مرة أخرى وتعود إلى المحيط الشعبي في إطار مشاركتها في المظالم . فحين يقال مثلا على المستشار زكريا عبد العزيز وآخرين أنهم إخوان وهم لا يمتون للجماعة بصلة ، وكذلك حين تمنع القنوات الفضائية والتلفزيونية من استضافتي حتى لا أتحدث بما يغضب المسئولين بدعوى أنني إخواني وأنا ضابط أمن دولة عملت به لمدة 25 عاما ومن أسرة شرطية معروفة ، مثل هذه الممارسات هي ما يساعد الجماعة بالفعل على العودة ، فوزارة الداخلية هي أكبر خطر على الأمن القومي المصري حاليا لأنها تساهم في ذلك .

متى تنتهي الأزمة بينها وبين النظام الحالي ؟ وهل تتوقع إجراء مصالحة أو تسوية ؟
ثمة حد أدنى من التوافق والقبول بين طرفي أي مبادرة أو مصالحة يجب توافرها لإنجاحها، بالإضافة إلى عامل نفسي مهم يتمثل في ضرورة انتفاء الشعور بالزهو والانتصار لدى الطرفين – أو أحدهما على الأقل – وهو ما كان متوفرًا لدى طرفي مبادرة الجماعة الإسلامية 1997م، وكان عاملاً مؤثرًا في انجاحها، وهو في الوقت نفسه غير متوفر في حق أي طرفين مماثلين لمبادرة مُقْبِلة في "القريب المنظور . فالجماعات الحالية التي تنهج العنف السياسي مثل جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية ، لديها شعور بالزهو والانتصار وتحقيق إنجازات غير مسبوقة في التاريخ الحديث؛ مما ينعدم معه الرغبة في تقديم أية تنازلات أو القيام بأية تفاهمات ، من جهة، ومن جهة أخرى، لا تتوفر لديها القدرة ؛ نظرًا لكونها – في المجمل – تنتمي لجيل "الإرهاب المتعولم" الذي تربطه – بدرجة أو بأخرى تفاهمات مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية الأخرى، وهو ما يزيد الأمور تعقيدًا، ومما يزيد الأمور سوءًا، أن مثل هذه التنظيمات المتطرفة تؤمن بنظرية "صراع الحضارات ، الغربية المنشأ، وإنها – أي الجماعات – تُمَثِّل الحضارة الإسلامية المؤمنة بنظرية الخلافة "الرشيدة"، وعليها مواجهة وقتال القوى الغربية وأعوانها ممثلة في الأنظمة العربية والإسلامية الحالية .
وماذا عن الحكام والأنظمة نفسها ؟ هل لديها الاستعداد ؟
الزهو والنظرة "الاستعلائية" تسيطر أيضا على حكام النظم العربية، لا سيما بعد ثورات ما تسمى بالربيع العربي ، وما نجم عنها من انتصار على قوى الإسلام السياسي بالمنطقة، كما لدينا في مصر ، فالرئيس عبدالفتاح السيسي في ثورة 30 يونيو، يصور لأنصاره وداعميه بإن إزاحة نظام "الإخوان المسلمين" هو انتصار مُبْرَم للقوى العلمانية وأنصار الدولة المدنية، على جماعات الإسلام السياسي بل وأية تيارات ذات مسحَة إسلامية، ولو كانت رشيدة، وأن هذا النموذج من الحكم هو الذي سيسود خلال العقود القادمة، وعنده سيتوقف التاريخ في انتحال لنظرية غربية أخرى لتلك التي تأثر بها تنظيم "داعش" وهي صراع الحضارات، وذلك وفق النظرية الفلسلفية الغربية الشهيرة المعروفة بنهاية التاريخ بانتصار المشروع الأمريكي.

ما رأيك في قانون الإرهاب ؟ وما مدى فعاليته في التصدي للإرهاب ؟
وجود قانون أفضل من عدم وجود قانون ، حتى وإن كانت لدينا بعض التحفظات عليه أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا.

ما تعليقك على حوادث الاختفاء القسري المتكررة ونفي وزارة الداخلية لها رغم ظهور المختفين بعدها في أقسام الشرطة أو السجون ؟
الإجابة في كلمتين ، أين الصحفي رضا هلال واين المعارض الليبي منصور الكخيا وأين فئات المختفين من ثورة يناير وحتى الآن والتي أشارت إليها تقارير لجان تقصي الحقائق التي شكلها رئيسان سابقان للجمهورية والتي لا توال حبيسة الأدراج حتى اليوم ؟! كل هذا يؤكد أن وراء الأكلة ما وراءها وليس هناك إرادة سياسية لفتح هذا الملف رغم تكرار الحوادث وتشابه الحالات ورغم أنه وللأسف الشديد وافقت قيمة كبيرة كالاستاذ محمد فايق رئيس مجلس حقوق الإنسان على تقرير المجلس الذي أصدره لينفي وجود اختفاء قسري في مصر ويحاول إبعاد الأنظار عنها بالحديث عن جريمة أخرى هي الاحتجاز غير القانوني .
كيف ترى أزمة أمناء الشرطة الحالية ؟ وكيف ستنتهي ؟
ليس كل أمناء وضباط الشرطة منحرفين ، ولكن المشكلة تكمن في وجود صراع إداري بين قمة وقاعدة جهاز الشرطة وهذا منذ عشرات السنين ، وتحديدا منذ إنشاء مشروع أمناء الشرطة ، والبعد النفسي هنا بين أفراد القاعدة والقيادات في القمة له دور كبير حيث يزكي هذا الشقاق والشرخ ، لكن ليس هناك مرؤوسا في مؤسسة عسكرية يجرؤ على التطاول على رئيسه إلا إذا كان "كاسر عينه" على قاعدة "دافنينه سوا" ! ، ولن تنتهي هذه الأزمات المتكررة سوى بتعديل المنظومة كلها كما قلت سابقا .

من خلال أبحاثك ودراساتك العلمية عن القطاع الأمني .. ما أبرز ما توصلت إليه بشأن وزارة الداخلية عبر التاريخ ؟
الأجهزة الأمنية وبصفة خاصة جهاز الشرطة عبر التاريخ هي مهلكة الرؤساء بسبب ممارساتها وعنفها وقسوة العناصر المنتمية إليها ، فهي على سبيل المثال "كسرت شوكة" الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهو ما كان جليا في محاكمات 1968 بعد النكسة بشأن انحرافات جهاز المخابرات العامة ، فعبد الناصر مات معنويا في 1967 ومات ماديا في 1970 وهذا معلوم للجميع ، أما الرئيس أنور السادات رحمه الله فقد ساهمت قيادات الشرطة بتقاعسها في اغتياله بعدم إخطاره بما ورد إليهم من معلومات عن تدبير محاولة لاغتياله أثناء العرض العسكري وهو ثابت وموثق ، أما الرئيس الأسبق مبارك فقد قتلته الشرطة كذلك قتلا معنويا من خلال تطمين العادلي المستمر له بأن الأمور كلها تحت السيطرة لمدة 14 عاما تقريبا حتى تفاجأ بجماهير الشعب تطالبه بالرحيل وتردد الكلمات الشهيرة "مش هنمشي .. هو يمشي" ، وحتى الرئيس المعزول محمد مرسي لم يعف من ذلك .. فلم يمنعه سحل المواطن حمادة صابر حتى بانت عورته أمام الجميع من الذهاب في اليوم التالي إلى مقر الأمن المركزي ودعوتهم إلى "الضرب بيد من حديد" ، فالشرطة كذلك خدعته حتى أنه قدم لها الشكر على دورها في ثورة 25 يناير التي قامت ضد ممارساتها اصلا ، ثم قادته إلى نهايته كما رأينا جميعا . وهاهي الآن وزارة الداخلية تحرج الرئيس السيسي أمام الرأي العام الداخلي من خلال ما نشاهده الآن من انتهاكات وأزمات على الساحة ، وحتى أمام الرأي العام الدولي بكثير من الحوادث التي كان آخرها حادث الطائرة الروسية وحادث مقتل الشاب الإيطالي مما أدى إلى وجود لجان دولية للتحقيق فيهما وهو ما ينتقص من السيادة المصرية بالطبع لأنه يعني عدم الثقة الدولية في المؤسستين الشرطية والقضائية المصريتين .

أين تقف الآن مصر السيسي ؟ وهل نحن على أعتاب ثورة ثالثة ؟
الإجابة في البيان الذي وجهته إلى الرئيس السيسي قبيل عيد الشرطة الماضي ، وقدمه الدكتور عمار علي حسن في مقاله بجريدة الوطن تحت عنوان "مقترح عن عيد الشرطة" ، قلت فيه أن ثمة فزاعة أمنية تهدف إلى محاولة طى صفحة ثورة 25 يناير التى قامت ضد القمع الأمنى، ومحاولة إلهاء المواطنين وتحويل اهتمامهم من الرغبة فى الحصول على حقوقهم ومحاسبة أجهزة ومؤسسات الشرطة عما اقترفته فى حق الشعب، إلى دعم الشرطة فى جهودها ضد الإرهاب ، مناشدا إياه بأن يصدر قرارا بتغيير موعد عيد الشرطة من يوم 25 يناير إلى يوم 30 يونيو من كل عام . وحذرت في البيان من التعنت في ذلك لأنه لن يفسره سوى رغبة البعض فى طى صفحة 25 يناير، وهو ما لن يكون له أى مردود سوى ترسيخ معنى مفاده: (أن ثمة ثورة قد مضت، وشرطة قد تناست)، وهذا للأسف ليس له نتيجة إلا الانتقاص من رصيد الرئيس عند الشعب وهو ما لا تحمد عقباه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.