«نيويورك تايمز»: ترامب يترك واشنطن المتعثرة سعيا لصفقة مع الصين

سلطت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في تقريرها الضوء على جولة الرئيس، دونالد ترامب الآسيوية، وظروفها في ظل أزمة داخلية وإغلاق حكومي يجعل ابتعاد الرئيس أمر غير معتاد، لافتة إلى مخاوف لدى حلفاء الولايات المتحدة من أن يدفع تعطش ترامب لصفقة تجارية تنهي الحرب الاقتصادية بين بكين وواشنطن إلى التضحية بهم.
وينطلق الرئيس الأمريكي، ترامب في جولة دبلوماسية آسيوية تستغرق 6 أيام، مختبرًا دوره كرجل دولة ومفاوض، في مسعى حثيث لإبرام صفقة تجارية مع الصين، لإنهاء النزاع الذي ألحق الضرر بالاقتصادين.
قرارات مفاجئة في جولة آسيا
وتطرقت الصحيفة إلى زخم الأحداث الناتجة عن قرارات إدارة ترامب، قائلة إن جولته الآسيوية تأتي في لحظة تشهد اضطرابًا هائلًا على الساحة الداخلية، فقد قام بنشر حاملة طائرات في أمريكا اللاتينية، وأوقف محادثات تجارية مع كندا، وشجع على إغلاق الحكومة الفيدرالية، وأرسل الحرس الوطني إلى عدة مدن أمريكية.
كما نوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن مغادرة رئيس البلاد في جولة دولية متعددة الأقطار خلال إغلاق حكومي أمراً غير معتاد.
ونقلت الصحيفة عن ترامب قوله للصحفيين على متن طائرة «إير فورس وان» بعد إقلاعه: «لدينا الكثير من الأمور لمناقشتها، بما في ذلك مزارعونا.. والاتفاقيات التجارية المختلفة التي أبرمت في الماضي بعضها فاشل، وبعضها غير ذلك».
ومن المقرر أن تشمل جولة ترامب ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية قبل أن يعقد اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الصيني، شي جين بينج الخميس المقبل، وبينما تزدحم الرحلة بالظهور الاحتفالي، فإنها تنطوي أيضاً على مفاوضات ستكون لها تبعات على الاقتصاد العالمي، حيث لم تتردد حكومة بكين في الرد على عدوانية ترامب بفرض رسوم على المنتجات الأمريكية، بما في ذلك فول الصويا، مما أسفر عن وقوع خسائر كبيرة للمزارعين الأمريكيين، كما فرضت قيوداً جديدة على صادرات المعادن الأرضية النادرة.
وجاءت هذه الجولة في الوقت الذي يعاني فيه حلفاء واشنطن الآسيويون من سياسات ترامب الجمركية، بينما لم تُبدِ الصين، المنافس الاقتصادي العالمي الأكبر للولايات المتحدة، أي بادرة للتخلي عن موقفها في الحرب التجارية المتصاعدة، إذ من المقرر أن ترتفع الرسوم الجمركية ضد الصين إلى 157% في 1 نوفمبر المقبل، قبل أيام قليلة من موعد اجتماع ترامب وشي جين بينج.
أكد خبراء أن بدء ترامب جولته بلقاء الحلفاء أولاً يحمل دلالة رمزية، لكن نتائج اجتماعه مع نظيره الصيني هي التي ستكون حاسمة.
وفي هذا السياق، قال راش دوشي، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية: «تتحول هذه الأنواع من الاجتماعات إلى استعارة لمسار العلاقات الأمريكية-الصينية، وتصبح الصور والصفقات التي تُبرم فيها مؤشرات رئيسية لوجهة النظام العالمي».
وبحسب الصحيفة الأمريكية، سيسعى قادة آسيا إلى الحصول على ضمانات من الرئيس الأمريكي، بأن الولايات المتحدة ستظل شريكاً أمنياً موثوقاً به في وجه عدوانية الصين والتهديدات الكورية الشمالية.
«فرض ترامب رسوم على الحلفاء خطأ فادح»
ووفقا لهذا، اعتبر آر. نيكولاس بيرنز، كبير الدبلوماسيين الأمريكيين السابق في بكين، فرض ترامب للرسوم الجمركية على الحلفاء بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية بأنه «خطأ فادح في التقدير» أسفر عن انخفاض رغبتهم في العمل ك«جبهة موحدة لمواجهة الصينيين».
إلى ذلك، تطرقت الصحيفة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي بأن التجارة لن تكون الموضوع الوحيد للمناقشة، حيث سيتناول أيضاً اتهامه للصين بتهريب مادة «الفنتانيل» المخدرة عبر فنزويلا.
مصداقية أمريكا وسط الأزمة الداخلية يقوض قوتها
يرى محللون أن الأزمة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة تضعف موقف ترامب، حيث قال مات دوس، نائب الرئيس التنفيذي في مركز السياسة الدولية،: «إن مصداقية أي مبادرة للولايات المتحدة في السياسة الخارجية.. تُقوَّض بشدة بسبب الأزمة السياسية الداخلية الأمريكية التي يراها العالم كله. من خلال تعميق هذه الأزمة بوضوح بتحركاته السلطوية الصارخة، يقوّض ترامب مصدراً رئيسياً لقوة البلاد».
بدورها، قالت كوري شاكي، المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع في إدارة جورج دبليو بوش والتي تدير دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أمريكان إنتربرايز: «ما هو على المحك هو النظام الاقتصادي والأمني الآسيوي، اللذان زعزعهما الرئيس ترامب بفرضه تعريفات جمركية مدمرة بشكل عشوائي، مما أدى إلى التشكيك في موثوقية الولايات المتحدة كشريك أمني لحلفائها».
وأضافت: «يشعر الحلفاء بقلق حقيقي ومبرر من أن ترامب متعطش للغاية لإبرام اتفاق بين الولايات المتحدة والصين لدرجة أنه مستعد للتضحية بأمن وازدهار حلفائنا وحتى بلدنا من أجل تحقيق ذلك».