علي الرغم من التصالح الذي تم بين الشعب والشرطة في أعقاب ثورة 30 يونيو، إلا أن القلق داهم المجتمع المصري مجدداً، مع ظهور حالات انفلات وتعذيب داخل أقسام الشرطة مجدداً، بعدما انتهت هذه الممارسات في أعقاب ثورة يناير 2011 والغريب هو ضلوع أمناء شرطة في هذه الجرائم، ما يؤشر إلي شرخ جديد في جسد وزارة الداخلية. الأسبوع الماضي ظهر مقطع فيديو لثلاثة أمناء شرطة أثناء تمثيلهم بجثة مسجل خطر في مشرحة في مستشفي الخانكة. الفيديو أثار حفيظة المواطنين، وكذا منظمات حقوق الإنسان، وبعدها بيوم فقط حدثت مفاجأة أخري كانت أكثر رعبا وهي ما تردد عن اغتصاب أمين شرطة لفتاة معاقة ذهنيا في حجز النساء بقسم شرطة إمبابة، قبل أن يفر هارباً، بينما أقر الطب الشرعي لاحقاً بأنه "لا اعتداء جنسيا" وقع علي الفتاة. مأساة أخري قيد التحقيق، كشفها فيديو تداوله نشطاء عبر مواقع الإنترنت لتعذيب محتجزين، في يوليو الماضي، داخل غرفة الحجز في قسم شرطة عين شمس. هذه الوقائع أعادت إلي الأذهان ممارسات القمع التي زادت وتيرتها قبل ثورة يناير 2011 وكان أشهرها عملية تعذيب وقتل الشاب السكندري خالد سعيد داخل أحد أقسام الشرطة بالإسكندرية، والتي كانت بمثابة إشعال ثورة يناير التي غضب فيها المصريون علي جهاز الشرطة، بسبب ممارساته القمعية مثل حملات الاعتقال والمداهمات والتعذيب في أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة، ما أدي إلي إحراق أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة، اعتراضاً علي تصرفات سلبية لبعض من ينتمون إلي "الداخلية" وخاصة الأفراد وأمناء الشرطة الذين يسيء بعضهم إلي هذا الجهاز الذي يحافظ علي أمن مصر الداخلي. من جهة أخري أمر وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بإحالة الأمناء الثلاثة المتهمين إلي لجنة تأديب وإيقاف عن العمل لحين الانتهاء من التحقيقات، وقال وزير الداخلية إننا لا نتستر علي وقائع تعذيب أو غيرها من الانتهاكات. وقال وزير الداخلية إنني أشكر تعاون المواطن المصري في الإدلاء بالمعلومات وعودة الثقة لدي المواطن في جهاز الشرطة وأن أي تصرفات فردية من أي ممن ينتسبون لجهاز الشرطة لا تعني علي الإطلاق أن جهاز الشرطة يوافق علي هذه التصرفات. علي المستوي الحقوقي، كانت منظمات حقوقية حذرت من عودة القمع مرة أخري إلي جهاز الشرطة، وفي مطلع أغسطس الماضي أكد عدد من منظمات حقوق الإنسان أنها بصدد تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان، مطالبين الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة إصدار قانون المجلس دون انتظار "البرلمان" المقبل، بسبب الممارسات المتجاوزة التي تحدث داخل أقسام الشرطة، مشيرين إلي أن قانون المجلس الحالي لا يلزم الجهات الرسمية بتنفيذ توصياته. ومؤخراً أدان إبراهيم أحمد، ممثل المجتمع المدني للأشخاص ذوي الإعاقة بالأقصر، واقعة اغتصاب الفتاة المعاقة بقسم إمبابة، مضيفاً أن المجتمع كله هب في واقعة اغتصاب "ميدان التحرير" في وسط الاحتفالات الرئاسية، وبشأن المعاقة الذهنية التي من المفترض أنها في مؤسسة أمنية تحقق لها الأمان انتهك حقها في آدميتها. علي الوتيرة ذاتها، كان محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، دان وفاة مواطن نتيجة التعذيب داخل قسم شرطة "عين شمس"، مؤكداً أن التعذيب في السجون لم يتوقف، أدان وزارة الداخلية ملتزمة بالحفاظ علي حياة المواطن وكرامته داخل أماكن الاحتجاز. من جانبه، قال اللواء هاني عبداللطيف المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، إن وزارة الداخلية تدفع ثمن قرارات وسياسات خاطئة بعد ثورة يناير 2011 اتخذها اللواء محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق آنذاك، كان من أخطرها عودة أمناء الشرطة الذين تم فصلهم من الخدمة لاتهامهم بجرائم خاصة بالشرف والأمانة، وهذه القرارات أثرت علي الأداء الأمني بالسلب وهو ما تعاني منه الوزارة حالياً.. صوأضاف في تصريحات ل"آخرساعة" أن الوزارة بدأت حالياً عملية فرز ومتابعة ملفات أمناء الشرطة، أي وضعهم تحت الميكروسكوب والمراقبة للوصول إلي أعلي مستوي أمني مطلوب. فيما قالت مصادر أمنية إن بعض أمناء الشرطة يشعرون بأنهم متساوون في المقام مع الرتب الشرطية المختلفة وهذا لا يفيد في التعامل اليومي داخل دفتر أحوال العمل، كما علمت "آخرساعة" أن جميع إدارت الشرطة تقريباً يعاني فيها الضباط من تصرفات أمناء الشرطة حالياً، وبخاصة بعد ما قام به اللواء محمود وجدي بإعادة مجموعة من الأمناء المفصولين. وأشارت المصادر إلي أن هذه الحالات تعتبر فردية ولا تعبر عن جهاز الشرطة كاملاً، ويجب اتخاذ الإجراءات القانونية بشكل حاسم ضد أي خارج عن القانون في جهاز الشرطة.