أثارت مشاركة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في الجنازة العسكرية للدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، جدلاً كبيرًا حول مدى جواز مشاركته، خاصة وأنها جاءت تلبية لوصية صاحبها, الذي طالب بحضور شيخ الأزهر تشييع جثمانه من ساحة مسجد المشير طنطاوي. وقال الدكتور سالم عبدالجليل, وكيل وزارة الأوقاف الأسبق, إن "حضور شيخ الأزهر لجنازة الراحل بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة, هو أمر جائز ولا يوجد ما يحرمه, لأن الأصل في الأشياء الحل ما لم يوجد ما يحرمها". وأضاف ل"المصريون": "الموت فرض على الجميع ومواساة الميت وتشييع جنازته حتى وإن كان غير مسلم لا شيء فيها على الإطلاق". وأوضح أن "هناك فرقًا بين الصلاة كعبادة على غير المسلم, وهي لا تجوز، وبين تشييع جنازته, وأنه لا يجوز أن يتم النظر إلى ما فعله النبي صلي الله عليه وسلم بصلاته على أبي ابن سلول وهو زعيم المنافقين, ومن ثم عاتبه المولى عز وجل". من جانبه، قال الدكتور محمد السدوري من علماء وزارة الأوقاف, إن الأصل هو عدم حضور جنازة غير المسلم لأن هذا تكريم للميت, وقد مات كافرًا ولا يستحق التكريم لأنه من أهل النار". ودلل على ذلك من القرآن: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم" (الفتح 29), وقوله تعالى بحق المنافقين "ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره" (التوبة 84). وأوضح السدوري خاص ل"المصريون"، أنه "يكتفي بتعزية غير المسلم إن أمكن وليس التشييع , فالتعزية جائزة لعموم الآية "وقولوا للناس حسنى " (البقرة 83), ولقوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" (الممتحنة 8). وأشار إلى أنه في حالات أخرى يجوز للمسلم أن يحضر جنازة غير المسلم لقرابة أو جوار ونحوه إذا اضطر, لما جاء في الحديث الشريف عن علي رضي الله عنه قال: "لما توفي أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الشيخ الضال قد مات فمن يواريه؟ فقال: "اذهب فواره, ثم لا تحدث شيئًا حتى تأتيني"، فقال: إنه مات مشركًا؟! فقال: "اذهب فواره", قال: فواريته ثم أتيته, قال :" اذهب فاغتسل ثم لاتحدث شيئا حتى تأتيني"، قال: فاغتسلت ثم أتيته, قال: فدعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم وسودها". وأشار إلى حديث آخر "سأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إن أمي ماتت نصرانية؟ فقال: غسلها وكفنها وادفنها , وأن الحارث بن أبي ربيعة ماتت أمه نصرانية فتبع جنازتها في نفر من الصحابة, وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي وائل قال: ماتت أمي وهي نصرانية فأتيت عمر فذكرت له, فقال: "اركب دابة وسر أمامها". وذكر السدوري أن الإمام النووي قال لا يكره للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر ونص عليه الشافعي في مختصر المزني. وتابع: "جاء في تحفة المحتاج 11/407 :" كأن الشارح لم يستحضر ما قدمه عند قول المصنف ولا بأس باتباع المسلم جنازة قريبه الكافر من قوله ما نصه ويجوز له زيارة قبره أيضًا, وكالقريب زوج ومالك, قال شارح وجار, واعترض بأن الأوجه تقيده برجاء إسلام أو خشية فتنة وافهم المتن حرمة اتباع المسلم جنازة كافر غير نحو قريب, وبه صرح الشاشي". واستطرد: "هناك شروط للمشاركة في جنازة غير المسلم هي,أن ينوي بحضوره الاعتبار والاتعاظ, وأن يمشي أمام الجنازة,أن لا يكون فيها طقوس كفرية مثل شعارات وكلمات وإلا انسحب منها, وأن لا يدعو للميت بالرحمة, وأن لا يكون الميت محاربًا".