التحكيم المصري يمر بحالة تراجع رهيبة منذ بداية الدوري المصري هذا الموسم استكمالاً لمسلسل بدأت حلقاته في الموسم الماضي والمواسم السابقة، حتى إنها أصبحت حالة مستعصية،يبدو أن الشفاء منها بات أمراً مستحيلاً، لأن العناصر القائمة على الإشراف على التحكيم ممثلة في اتحاد كرة القدم المصري ولجنة الحكام،لايريدان له أن يتقدم ويسترد الريادة مرة أخرى على الصعيد الافريقي والعربي ونراه يتواجد بصفة مستمرة في كأس العالم،والبوادر كلها تؤكد أن التغيير لن يتم ولن ينصلح حال التحكيم المصري في القريب العاجل. فالفساد القائم في الاتحاد المصري بتدخل بعض الأعضاء في اختيارات الحكام، لإدارة مباريات بعينها،والإصرار على التحكم في مصائر الحكام الغلابة وممارسة الضغوط عليهم هو ما أدى الى هذا التدهور، دون النظر إلى مصلحة الوطن وضرورة أن يكون التحكيم المصري في الصدارة،بل يتمادى هؤلاء في تجاوزاتهم وفسادهم، فالمهم لديهم تحقيق مصالحهم ولتذهب مصر وسمعتها إلى الجحيم. وماجرى طوال أسابيع الدوري الاثني عشر وحتي الآن، وما وقع فيها من كوارث تحكيمية،يؤكد بالفعل أن التحكيم المصري يعيش حالة تراجع رهيبة،ولو استمر مستوي الحكام بهذا الشكل، ينذر بكارثة مؤكدة، فالفرق التي تشعر بالظلم من جراء الأخطاء التحكيمية، يكون هذا سبباً في دفع جماهيرها للتجاوزات، والانفلات الذي نراه في الملعب قد يكون السبب المباشر وراءه الظلم التحكيمي وهو ما نرفضه بالمرة في ظل الوضع الذي تعيشه مصر الآن من حالة عدم الاستقرار ونسأل الله أن تنتهي. فالتحكيم لم ولن يتقدم للأفضل طالما لم تتغيير الأشخاص الموجودة في الإتحاد المصري، والتي تتخذ من عملها التطوعي سبوبة ولا يهمها تقدم التحكيم المصري من عدمه، ولو أنهم جادون في حل المشكلة لكانوا وضعوا الخطط والبرامج التي تطور من مستوى الحكام وترتقي بهم للأفضل،فهناك دولا صغيرة سبقتنا لتطوير مستوى حكامها بشكل مثير وبخطط مدروسة وبرامج علمية محترمة، بجلب الشباب صغار السن، وإدخالهم أكاديميات يشرف عليها خبراء كانوا في السابق حكاماً دوليين ومشهود لهم بالكفاءة،ليقدموا عصارة خبراتهم لهؤلاء الشباب ليبدأ الدفع بهم تدريجياً في المباريات وهي من التجارب الناجحة التي تستحق الدراسة. لكن الوضع في مصر مختلف فلا أحد يرغب في التطور وتبني الاتجاهات العلمية المدروسة وإدخالها في تطوير التحكيم المصري، كما يفعل العالم كله الآن، لأن من يقوم على كل ذلك عناصر لايتوافر فيها عناصر الثقافة والمعرفة، بل هي عناصر تعتمد على أسمائها وشهرتها التي اكتسبت بتألقها في إحدى اللعبات. والآن فقط لو أردتم للتحكيم المصري أن يتطور ونراه متواجداً في كأس العالم كما كان في السابق، لابد من إقامة أكاديمية للحكام،تختص بالدراسة للشباب صغار السن ممن تتوافر فيهم عناصر الموهبة وعشق المهنة، ويشرف عليها خبراء مشهود لهم بالنزاهة والشفافية، وصدقوني سنرى أكثر من حكم في بطولة كأس العالم في غضون سنوات قليلة.