"الشرطة في خدمة الشعب" لطالما كان هذا الشعار معلقًا على أقسام الشرطة، وذلك عندما قرر وزير الداخلية الأسبق محمود وجدي عودته من جديد بدلاً من "الشرطة والشعب في خدمة الوطن" ولكنه اتضح بعد ذلك أنه مجرد ستار لجرائم رجال الأمن ضد المصريين. لم يكن يتخيل المواطن المصري أن هذا الشعار سينقلب عليه ليصبح معناه الحقيقي "رقاب الشعب تحت خدمة الشرطة" ليرتكب تحت ظله أفظع أنواع التعذيب حتى الموت للأبرياء من أبناء هذا الوطن لتعود الشرطة مجددًا لسابق عهدها قبل اندلاع ثورة 25 يناير. وجاء تزايد انتهاكات الشرطة في الأيام القليلة الماضية ضد المواطنين لتعيد للأذهان قصة مقتل "الشاب خالد سعيد" على يد الشرطة في عام 2010، ذلك الفتى الذي كان في رعيان شبابه ليفارق الحياة على يد مجموعة من المرضى النفسيين لم يكن عليهم رقيب أو حسيب لتبقى دماء سعيد وغيره من ضحايا التعذيب معلقة فى رقبة وزارة الداخلية والأنظمة التى سمحت لها بذلك على مدى العقود السابقة. وأثار مقتل خالد سعيد، موجة من الغضب العارمة تجاه الجهاز الأمني في مصر، ودشنت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أبرزها "كلنا خالد سعيد" لينضم إليها مئات الآلاف من النشطاء المعارضين ومع تطور الأحداث فى البلاد، أصبحت تلك الصفحة من المجموعات الداعية إلى ثورة 25 يناير. واستمرارًا لنهج الشرطة القمعي وقعت 4 جرائم منها ضد مواطنين في محافظاتالأقصر، والقليوبية، والإسماعيلية، ومدينة أكتوبر، في أقل من أسبوع واحد، تمثلت في التعذيب والإهانة، ونتج عنها وفاة 3 أشخاص، ما أشعل موجة من الغضب الشعبي، مما أدى إلى إعلان وزارة الداخلية أن هذه الحوادث فردية ولا تعبر عن عموم رجال الشرطة.
ضحية قسم شرطة الأقصر طلعت شبيب، مواطن مصري يبلغ من العمل 47 عامًا رحل عن أهله تاركًا أولاده وزوجته ليعانوا من عذاب الفراق وشدة اليأس بعدما أقدمت الشرطة التي من المفترض أن تحميهم وتدافع عنهم، على تعذيبه حتى الموت ليكون ضحية جديدة تضاف لسجل وزارة الداخلية في تكريمها للشعب المصري. وتوفي شبيب نتيجة التعذيب المفرط بعدما ألقت قوة من قسم شرطة الأقصر القبض عليه، أثناء تواجده في مقهى بمنطقة العوامية، واقتياده إلى قسم الشرطة، حتى فوجئت عائلته بتلقيها نبأ نقله إلى مستشفى الأقصر الدولي جثة هامدة، وفق تقرير صادر من المستشفى. وتظاهر الأهالي في الأقصر منددين بالجريمة، مرددين هتافات ضد الشرطة. لم يقتصر الأمر على ذلك في هذه المحافظة، ففي واقعة أخرى تعرض مواطن للإصابة بطلق ناري في أحداث الأقصر التي وقعت في أعقاب وفاة المواطن طلعت شبيب ليصبح عاجزًا لا ناصر له إلا الله. طبيب الإسماعيلية عفيفي حسن، كل ذنبه في الحياة أنه دكتور لم يكن بلطجيًا أو لصًا حتى يستطيع العيش بسلام فى وطنه، فبعد عذاب شاق وتربية جيدة من والديه ليصبح دكتورًا يتم التفاخر به لأدبه وعلمه إذا بضابط شرطة بقسم شرطة أول الإسماعيلية، يدعى محمد إبراهيم يقتحم منزله ليروع من فيه، ويصطحبه إلى ديوان القسم، ويعتدي عليه مجددًا، ليفارق الحياة بعد حفلات التعذيب التي لحقت به من قبل معدومي الرحمة الإنسانية لتبقى عدالة السماء هى الملجأ الأخير للحصول على حقه. ضحية مركز شبين القناطر بالتعذيب والضرب ينتهي عمر المواطن عمرو أبوشنب، على يد ضباط مركز شبين القناطر، بعد القبض عليه من منزله واحتجازه دون وجه حق وذلك كما جاء في بلاغ أسرته. لم يكتف الضابط معتز الشوربجي، بقتله بل اتهمه بأنه تم ضبطه في واقعة سرقة، نافيًا كل الاتهامات بقتله، وأنه يعاني من مرض الكبد، وأصيب بحالة إعياء خلال عرضه على نيابة مركز شبين القناطر، وتعرض لغيبوبة كبدية، وتوفي خلال إسعافه، وذلك كمبرر لنفى تهمة القتل العمد عنه لتصبح في النهاية الضحية هي الجاني. الضرب والسحل فى الشوارع استمرارًا لانتهاكات الشرطة في الشوارع واقتناعها بأن تطبيق القانون يكون بالسوط اعتدى ضابط شرطة بالضرب المبرح والسحل على سائق ميكروباص، وتهديده بتلفيق قضية إحراز تذكرة هيروين، في مدينة دريم السكنية. وفي القاهرة أيضًا اتهم عاطف عبد الحميد إبراهيم المحامي وكيلا عن صابر إسماعيل في بلاغ للنائب العام حمل رقم 20017، النقيب "ماجد. ص" معاون مباحث، والأمين عباس من مباحث قسم عين شمس بالاعتداء على نجله عبده صابر الذي يعمل "سروجي" أثناء عودته من عمله وأمام المواطنين بعد الحصول على مبلغ من المال كان بحوزته. وأوضح والد المجني عليه أن نجله لا يزال في الرعاية المركزة لتعرضه لإصابات خطرة في الجمجمة وهو في غيبوبة في مستشفى عين شمس وحالته خطرة.. مطالبًا باتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال تلك الواقعة المؤلمة والتي تجسد حقيقة لكيفية التعامل مع المواطنين من قبل بعض رجال الشرطة وفتح تحقيق عاجل. أقسام الشرطة سلخانات للتعذيب والموت لم تكن الانتهاكات السالفة ذكرًا هى الأولى من نوعها خلال عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، فقد شهدت الكثير من أقسام الشرطة وفاة عدد من المواطنين وعلى الأخص قسم المطرية الكائن بمنطقة شرق القاهرة والذي حصد حتى الآن أرواح أكثر من 10 متهمين لم تتم محاكمتهم بالأصل ولقوا مصرعهم جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد ليصبح أكبر الأقسام شهرة من حيث عدد وحجم الانتهاكات التى يشهدها بحق السجناء ليكون قسم المطرية واحدًا من الأقسام التي وصفت بأن الداخل فيها مفقود، والخارج مولود ليتضح أن الشعار الحقيقي للشرطة هو أن "رقاب الشعب تحت خدمة الداخلية".