كانت الشرطة سابقًا في خدمة الشعب، ثم صار كلا من الشرطة والشعب في خدمة الوطن، ثم تحول فُتات من الشعب إلى جسد مُجبر على تحمل تعذيب الشرطة، لا تكاد تنطفأ النار حتى يبُث رجال الوزارة الحديدية البنزين فيها من جديد ليُشعلوها، كلما مر أسبوع، كلما تم تسجيل واقعة تعذيب أو هتك عرِض مواطن أو أمور تصل إلى حد القتل داخل أقسام الشرطة. الفاعل معلوم لدى الجهات الأمنية، والمفعول به كذلك، ولكن يذهب الفاعل بفعلته، ويقع المفعول به تحت التعذيب، مسبوقًا قبل اسمه بكلمة "الضحية". كانت البداية بتعدي ضابط شرطة بالضرب على طبيب بيطري داخل قسم أول الإسماعيلية، ما أدى لوفاة الأخير. فيديو متداول لاعتداء ضابط بالإسماعيلية على طبيب قبل وفاته.. شاهد من هنا وفي نفس الأسبوع، شهد مركز شبين القناطر بالقليوبية، واقعة تعذيب جديدة، إثر تعدي معتز الشوربجي، معاون مباحث القسم، بالضرب على شخص يُدعى عمرو أبوشنب بواسطة الخراطيم ودبشك البندقية الآلية، ليلفظ انفاسه الأخيرة داخل غرفة الحجز. محامي وشقيق قتيل حجز شبين القناطر يرويان قصة تعذيبه.. اضغط لمعرفة مزيد من التفاصيل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، التعذيب هنا حاضرًا أيضًا، بعدما تعرض طلعت شبيب لحفلة تعذيب داخل قسم شرطة الأقصر، بعد اقتياده بساعات من أحد مقاهي منطقة العوامية، ما أسفر عن وفاته، وخرج الأهالي في مسيرة حاشدة؛ تنديدًا بتجاوزات ضباط الشرطة، مطالبين بالقضاء العادل. بالصور.. القصة الكاملة لأحداث العوامية بين الشرطة وأهالي الأقصر.. شاهد من هنا كما تعدى ضابط شرطة بهيئة الطرق والمنافذ بالجيزة، بالضرب على سائق "ميكروباص"، وتهديده بتلفيق قضية إحراز تذكرة هيروين، بمدينة دريم. بالفيديو- كيف أحرج وائل الإبراشي وزارة الداخلية؟.. شاهد من هنا سيناريو الداخلية "محفوظ" يخرج علينا المتحدث باسم وزارة الداخلية عقب كل واقعة تعذيب ليدافع عن جهاز الشرطة، مؤكدًا على فتح تحقيق عاجل من جانب إدارة التفتيش بالوزارة. في أغسطس الماضي، أكد تقرير صادر عن منظمة "هيومان رايتس ووتش"، أن حالات الوفاة التي حدثت أثناء الاحتجاز بلغت 124 معتقلًا على الأقل منذ أغسطس 2013 وحتى أواخر 2014. وأشار التقرير إلى ما أعلنته مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل في ديسمبر 2014 عن مقتل حوالي 90 شخصًا في أقسام الشرطة في هذا العام فقط. لكن الجملة الأبرز التي لا يخلو بيان صادر عن الوزارة منها هي: "القتيل مسجل خطر، وسنُحاسب المخطأ، ولا نتستر على أحد، وننتظر تقرير الطب الشرعي". يقول المحامي الحقوقي نجاد البرعي، إن وزارة الداخلية لم تحاول اتخاذ أية إجراءات لمنع ممارسات التعذيب التي يرتكبها ضباط وأفراد الشرطة موضحًا: "الداخلية تبحث عن الأسهل". ويضيف "البرعي" - في تصريح لمصراوي - "الضباط كسلانين، بدل ما يعملوا تحريات عن المتهم، يتم تعذيب أي شخص للاعتراف بشئ لم يرتكبه"، مختتمًا تصريحاته: "مين في مصر بيشوف شغله كويس؟". إعادة هيكلة يوضح المحامي الحقوقي نجاد البرعي، أن ملف التعذيب في السجون وأقسام الشرطة لن ينته إلا بتعديل قانون العقوبات، مؤكدًا أنهم تقدموا بمشروع قانون لمكافحة التعذيب يجري التحقيق معهم بشأنه. ويرى المحامي الحقوقي أن رئيس الجمهورية لديه تصور بأن أية محاولة لهيكلية أو إصلاح جهاز الشرطة ستؤدي لزيادة معدل الجريمة، مشددًا: "لن يطرأ أي جديد بهذا الملف طالما هكذا هي سياسة الدولة"، بحسب قوله. وأصدر مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب، تقريرًا في الشهر الماضي، أشار فيه إلى مقتل 23 شخصًا داخل أقسام الشرطة، وألقى باللوم على قوات الأمن؛ لأن الأسباب توزعت بين الإهمال الطبي والتعذيب. ويوجه الحقوقي نجاد البرعي، انتقادًا لاذعًا للحكومة بقوله "إنها تخشى الاقتراب من هذا الملف، خوفًا من تراجع الأداء الأمني لضباط الشرطة.
