بدا لافتًا لانتباه المراقبين أن الحوادث الإرهابية استهدفت دولاً ينظر إليه بوصفها حليفة للنظام الحاكم في مصر حاليًا، فبعد أيام من تحطم طائرة ركاب روسية فوق سيناء ما أدى إلى مقتل 224شخصًا، ضربت سلسلة هجمات العاصمة الفرنسية أمس ما أسفر عن سقوط 128قتيلاً ومئات الجرحى. وترتبط فرنسا بعلاقات اقتصادية قوية مع السلطة الحاكمة في مصر، بعد أن عقدت صفقات معها لبيع طائرات "الرافال"، وحاملات طائرات "ميسترال" مقابل مليارات الدولارات، ما دفع رئيس فرنسا فرانس أولاند ليكون الرئيس الأوربي الوحيد الذي يحضر حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.
بينما كانت روسيا الملاذ الأول للرئيس عبدالفتاح السيسي ليحصل على دعم غربي يمكنه من تثبيت أركان حكمه, لكنه سرعان ما توترت العلاقة بينهما بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية ما دفع روسيا لإجلاء مواطنيها بعد أن تواردت أنباء عن كون سقوط الطائرة الروسية نتيجة لعمل إرهابي. خبراء سياسيون فسروا استهداف روسياوفرنسا بأنه يرجع لأسباب أكبر من كونهما مساندين لمصر, خاصة أن تنظيم الدولة "داعش" والجماعات المتطرفة يعرف بمواقفه المعادية للدول الأوربية. وقال زياد عقل الباحث السياسي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام", إن "تنظيم الدولة "داعش" لم يحدد النظام المصري علة وجه الخصوص من أجل تنفيذ هجمات إرهابية لإسقاطه أو منع تعاون الدول الأوربية معه عن طريق استهدافهم أيضًا" . وأضاف ل"المصريون": "هناك أفراد أوربيون تلقوا تدريبات عسكرية في أماكن الصراع في الدول العربية, ومن ثم شكلوا بعد عودتهم إلى بلدانهم خطرًا كبيرًا على أمنهم، ظهر ذلك من خلال الهجمات الإرهابية التي تحدث للمرة الثانية على التوالي في فرنسا". واستبعد أن يكون هناك علاقة مباشرة بما حدث للطائرة الروسية في مصر والحادث الإرهابي في فرنسا وبين تأييد هاتين الدولتين للنظام المصري الحالي بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلاً: "لا يوجد دليل واضح خاصة وأن الإرهاب منتشر في دول عديدة غير مصر". من جانبه، رأى الدكتور سعيد صادق المحلل السياسي, أن "العمليات الإرهابية الأخيرة في باريس تؤكد أن الإرهاب موجود في جميع الدول الأوربية". وقال ل"المصريون" إن "مساندة روسياوفرنسا للنظام المصري ليس له علاقة بما حدث من أضرار لمواطنيهم, بعد سقوط الطائرة الروسية في سيناء وموت أكثر من 200 مواطن روسي، وأيضًا قتل أكثر من 100 مواطن فرسي في واحدة من أبشع الجرائم في فرنسا". وأشار إلى أن "هذه الدول ليست بالضعف الذي يمكن خصوم النظام المصري باستهدافها, لا سيما أنها تمتلك أجهزة مخابرات قوية قادرة على مواجهة هجمات الجماعات المتطرفة". واعتبر أن "الحادثة أكبر من كونها نتيجة للتعامل مع النظام المصري". وأوضح أن "فرنسا تستطيع القضاء على الجماعات الدينية المتطرفة من خلال مساندة الدول الأوربية لها, للقيام بمحاصرتها في جميع الدول، والضغط على بريطانيا لبيان موقفها النهائي من "الإخوان المسلمين" وخروج تقريرها عنهم بالإدانة".