منذ ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي في صدارة المشهد السياسي، خاصة بعد إزاحة الإخوان عن السلطة.. ولم يقصر "الإعلام الصحافة" في مديحه.. بلغ حد "الغلو" في الثناء عليه: وكتب شاعر "نساؤنا حبلى في نجم حبك".. وعرضت كاتبة أن تكون "جارية ملك يمين" للسيسي.. وتطرف آخرون في التزلف بوضع "البيادة" فوق رؤوسهم.. وحينها علق الصحفي "بورزو دراغاهي" في "الفايننشال تايمز" وقد أخذته الصدمة كل مأخذ قائلاً: "مصر تعيش حالة من الاضطراب العقلي الجماعي"! ونقلت الصحيفة عن محمد دهشان، الأستاذ المتخصص في الشأن المصري بجامعة هارفارد، قوله إن "الأمر أشبه بأن أنحني لك، وافعل كل ما تريد. هناك حالة من الخضوع الطوعي. الأمر صادم لأنه كذلك مهين". وبعد سبعة عشر شهرًا من وجود السيسي في السلطة، لم يتغير شيء تقريبًا، وإن كان بعض التغيير فإنه طفيف للغاية.. نقد "حاني" أقرب إلى "الطبطة"! صحيح أن جبهة المعارضة ضد الرئيس، تتسع بمضي الوقت، لأسباب كثيرة، أشهرها وأكثرها وضوحًا، هو ثقة النظام المطلقة في المكون الأمني والعسكري للسلطة، على حساب أي خبرات سياسية مدنية.. حتى الاحتفالات الوطنية، مثل افتتاح قناة السويس الجديدة، والاحتفال بالذكرى 42 لانتصار أكتوبر.. وغرق الإسكندرية، استخدمت كلها في "الدعاية" لأفضلية الخبرة العسكرية في إدارة الدولة وتفوقها على البديل المدني. هذا وغيره، أدى إلى وجود إعلام مناوئ نسبيًا من داخل معسكر 30 يونيو.. لأن التجربة بمضي الوقت، لا تقنع أحدًا على التفاؤل، فالقمع وغياب الشفافية وتفشي الفساد وتهرؤ البنية الأساسية، والإنفاق بسخاء على مشاريع "ضخمة" تبحث عن حل لمشكلة الشرعية "القلقة" في أعلى قمة السلطة، وليس لحل مشاكل الناس الحياتية اليومية، كل ذلك لم يترك فرصة لمؤيدي الرئيس، ليصمدوا طويلاً في الاصطفاف خلف نظامه. ومع ذلك فإن الإعلام الخاص، والمعبر عن القوى المالية الطفيلية، التي انتفخت حساباتها البنكية من الفساد المالي والإداري والأمني في عهد حكم عائلة مبارك.. لا يزال متمسكًا بمكانه المؤيد للرئيس.. ليس قناعة ب"الإنجازات" ولكن خوفًا من البديل المتوثب للثأر من الجميع "الإخوان". هذا الإعلام لا يكف عن نهش أعراض كل من يفكر مجرد تفكير في نقد سياسات الرئيس.. وتذكروا عمرو حمزاوي وبلال فضل وعلاء الأسواني وأحمد كمال أبو المجد.. وغيرهم. ومع ذلك.. ظهر الرئيس في خطابه يوم أمس الأول 1/11/2015، غاضبًا وحانقًا ومستاءً من هامش النقد الضيق والحاني والخجول.. والذي يكاد لا يبرح مربع ألا نقد أصلاً.. باستثناء بعض الأصوات الوطنية القليلة التي اختارت أن تكون في مكانها الطبيعي على يسار السلطة وليس في حضنها. في غضون ذلك.. لم يعلق الرئيس على إعلاميين "مقربين" ويعرضون أنفسهم بوصفهم "متحدثين" باسم النظام.. ارتكبوا "جرائم" في حق المعارضة، بلغت حد تسريب "المكالمات الخاصة" لهم ونشرها على الهواء بهدف اغتيالهم معنويًا.. فلِم سكت الرئيس كل على هذا.. وكل هذه المدة ولم يغضب إلا الآن؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.