بعد رحيل قامة من قامات الأدب العربى، صاحب "الزينى بركات" يأتى اليوم وننعى فيه الكاتب والروائي الكبير جمال الغيطاني والذى سجل اسمه في تاريخ الرواية العربية من خلال اهتمامه بقضايا وطنه وانشغالها به والتعبير عنه في أعماله من خلال إيمانه بأن الكاتب ضمير حي ونابض لما تشهده أمته من أحداث. ولد في محافظة سوهاج بمركز جهينة وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة عبد الرحمن كتخدا، ثم مدرسة الجمالية الابتدائية. والتحق بمدرسة محمد علي الإعدادية، وأكمل دراسته الثانوية بمدرسة الفنون والصنائع بالعباسية أول عمله كان رسامًا فى المؤسسة المصرية للتعاون الإنتاجي وعمل بها لمدة عامين من 1963- 1965. كانت أولى كتاباته بعنوان نهاية السكير ثم نشر أول قصة قصيرة له فى عام 1969، وكان بها خمسين قصة قصيرة. فى عام 1969 أصدر كتابه أوراق "شاب عاش منذ ألف عام" وضم خمس قصص قصيرة، وكانت بداية مرحلة مختلفة للقصة القصيرة. عام 1969 استبدل الغيطاني عمله ليصبح مراسلاً حربيًا في جبهات القتال، وذلك لحساب مؤسسة أخبار اليوم وفي عام 1974 انتقل للعمل في قسم التحقيقات الصحفية، وبعد أحد عشر عامًا في 1985 تمت ترقيته ليصبح رئيسًا للقسم الأدبي بأخبار اليوم. قام الغيطاني بتأسيس جريدة أخبار الأدب وشغل منصب رئيس التحرير عام 1993. من أعماله: قدم العديد من الأعمال أشهرها أوراق شاب عاش منذ ألف عام، والزويل وحراس البوابة الشرقية ومتون الأهرام وشطح المدينة ومنتهى الطلب إلى تراث العرب وسفر البنيان حكايات المؤسسة التجليات (ثلاثة أسفار) ورواية الزيني بركات التى تعتبر أنجح أعماله. وكذلك رواية رشحات الحمراء ونوافذ النوافذ ومطربة الغروب ووقائع حارة الزعفراني الرفاعي ورسالة في الصبابة والوجد ورسالة البصائر والمصائر والخطوط الفاصلة (يوميات القلب المفتوح) وأسفار المشتاق وسفر الأسفار نفثة المصدر ونجيب محفوظ يتذكر ومصطفى أمين يتذكر المجالس المحفوظية أيام الحصر ومقاربة الأبد خطط الغيطاني ووقائع حارة الطبلاوي وهاتف المغيب توفيق الحكيم يتذكر والمحصول. جمال عبدالناصر و"الزينى بركات": اعتقل الغيطانى فى عهد عبد الناصر عام 1966 بسبب اعتراضه على سياسة الاعتقالات وقمع الحريات فى تلك الفترة. وأطلق سراحه في مارس 1967، وعمل سكرتيرًا للجمعية التعاونية المصرية لصناع وفناني خان الخليلي وذلك إلى عام 1969م. كانت فترة الستينات بما شهدته من أحداث واعتقالات الدافع وراء كتابة رواية"الزينى بركات" وقد استوحى الكاتب بين تلك الفترة والتى انتهت بهزيمة 1967 والفترة المملوكية التي كانت مصر فيها سلطنة مستقلة تحمي البحرين والحرمين.وانتهت عام 1517 بهزيمة عسكرية كبيرة في مرج دابق شمال حلب بهزيمة المماليك أمام الأتراك العثمانيين. وقال عنها الغيطاني: "جاءت نتيجة لعوامل عديدة أهمها في تقديري تجربة معاناة القهر البوليسي في مصر خلال الستينيات، كانت هناك تجربة ضخمة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. تهدف إلى تحقيق أحلام البسطاء يقودها زعيم كبير هو جمال عبد الناصر. ولكن كان مقتل هذه التجربة في رأيي هو الأسلوب الذي تعامل به مع الديمقراطية وأحيانا كنا نحجم عن الحديث بهذا الشكل لأن هذه التجربة بعد انتهائها, تعرضت وما تزال تتعرض لهجوم حاد من خصوم العدالة الاجتماعية, ومن خصوم إتاحة الفرص أمام الفقراء. ولكن أنا أتصور أن الشهادة يجب أن تكون دقيقة الآن, خاصة وأن جيلنا, جيل الستينيات الذي ننتمي إليه أنا والأستاذ البساطي قد بدأ يدنو من مراحله الأخيرة لذا يجب أن نترك كلمة حق حتى لا تتكرر تلك الأخطاء". حكام مصر ورأى الغيطانى: كان للغيطاني رأى خاص في حكام مصر المتعاقبين وقالها صراحة: "حكم الرئيس الأسبق أنور السادات كان كارثيًا بلا إنجازات وحسني مبارك كان أمامه فرصة لدخول التاريخ لو تنحى بعد 10 سنوات، ومحمد مرسي، وجمال عبد الناصر زعيم وطني طاهر اليد، والسيسي وطني وطاهر ومطلوب منه إنجاز أقوى". وكان له نصيحة لكل الحكام: "نصيحة لكل حاكم ب 5 أكلات وزيارة 5 أماكن وقراءة 5 كتب ليعرف قيمة البلد التي يحكمها"، مشددًا على أن مصر تمتلك قيادة سياسية نزيهة وحكيمة لكنها تعمل وسط بنية أساسية من الفساد". الغيطانى وثورة 30 يونيو: اعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين هى أول من حاولت هدم الدولة المصرية عندما حكموها بعد ثورة 25 يناير، لذا أعلن تأييده لثورة 30 يونيو إلا أنه قال إن عملية إدارة الدولة بعد الثورة لم تكن بالكفاءة التي انتظرها الملايين الذي خرجوا للإطاحة بالإخوان. وفيما يتعلق برؤيته للأوضاع السياسية الحالية، قال الغيطاني إنه كان يتمنى أن يجلب الرئيس عبدالفتاح السيسي وجوهًا جديدة لإدارة الدولة، وألا يحدث تعامل مع الوجوه القديمة الخاصة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأن قدر المصريين يكمن في نجاح الرئيس السيسي.