وجدتها واقفة على باب نقابة الصحفيين والألم يعتصرها، لا تدرى أتبكى أم تكتم إحساسها بالذل والحاجة؟ اقتربت منها وطبطبت على كتفها، وسألتها ما بك؟ بكت وعيناها لا تبارح الأرض وهى لا تستطيع الكلام.. هدأت وقالت: إن أحد الصحفيين يساعدها كل شهر بثمن دواء الكبد الذى تعانى منه، ومنذ ثلاثة أيام وهى تتردد على النقابة لتحصل على دوائها، لكنه لم يعد يرد عليها ولم تعد تستطيع مقابلته. الحاجة وداد فى العقد السادس من عمرها أرملة منذ ثلاثة عشر عامًا وأم لخمس بنات وولد، صمدت حتى اطمأنت على أربع بنات والولد وارتاحت من عبء المصاريف التى كانت تثقل ظهرها، لم يتبق لها سوى بنت واحدة لم تتمكن حتى الآن من تجميع المتطلبات الأساسية لتزوجها كى تطمئن عليها كباقى شقيقاتها وكأن جميع الأقدار ضدها فهى مريضة بالسكر والقلب بجانب تضخم فى الكبد . إنها تعيش الفقر والحاجة فلا تجد أيضًا من يرحمها من الإيجار الشهرى والذى لا يتعدى "مئة وثمانين جنيهًا" بجانب فواتير الكهرباء والماء التى لا تقوى على دفعها منذ شهرين، بجانب العلاج الشهرى والمصاريف اليومية، فضلا عن أن معاشها الذى تحصل عليه بالكامل هو "مائتان وثمانون جنيهًا فقط لا غير ." إن كل ما تحلم به الحاجة وداد فى حياتها المتعبة هذه، قضاء لها بعض متطلباتها وأن تجد من يمد لها يد العون ويساعدها فى ستر ابنتها الأخيرة، فقد انعقد قرانها منذ أكثر من عام ولم يتم زواجها لاحتياجها "الغسالة، البوتجاز، الأنبوبة، وبعض الملابس الضرورية" بجانب علاجها الشهري، فهل تجد وداد التى تعيش فى مجتمع قاس لا يظهر لها أية رحمة ولا وداد.. وداد ليست وحدها التى تعيش هذه المأساة الصحية والاجتماعية، هناك ملايين من أمثالها لا يجدون حد الكفاف فى بلد غنى يسيطر على ثرواته وخيراته رجال الأعمال وأصحاب الثراء. أعزائى القراء.. فى هذه الأيام الكريمة.. داووا مرضاكم بالصدقة وتقربوا إلى الله فى العشر الأوائل بخير الأعمال.. الصدقة.. عفانا الله وعافاكم وكتب لنا ولكم الخير والقبول والسعادة.